علامات فرط الحركة عند الأطفال

علامات فرط الحركة عند الأطفال

تعتبر مشكلة فرط الحركة لدى الأطفال من الموضوعات التي تشغل بال العديد من الآباء والأمهات والمعلمين على حد سواء. هذه الحالة، المعروفة أيضاً باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، تؤثر على قدرة الطفل في الانتباه والتركيز، بالإضافة إلى تأثر سلوكياته اليومية. يترتب على هذه الحالة صعوبات في التعلم والتفاعل الاجتماعي، وتظهر بشكل واضح في المراحل المبكرة من الحياة. في هذا المقال، سنتناول علامات فرط الحركة عند الأطفال، الأسباب المحتملة لهذه الحالة، طرق التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى النصائح التي يمكن أن تساعد الآباء في التعامل مع هذه الظاهرة.

1. ما هو فرط الحركة عند الأطفال؟

فرط الحركة هو حالة طبية تؤثر على قدرة الطفل في التحكم في حركة جسمه وسلوكياته. يتميز الأطفال المصابون بهذا الاضطراب بنشاط زائد، اندفاعية، وصعوبة في التركيز على مهمة واحدة لفترات طويلة. بينما يمكن أن يظهر بعض الأطفال سلوكيات مشابهة بدون أن يكون لديهم فرط حركة فعلي، فإن الاضطراب الفعلي يتم تشخيصه بناءً على مجموعة من الأعراض المستمرة التي تؤثر على حياة الطفل اليومية.

2. الأعراض الرئيسية لفرط الحركة

يتم تصنيف أعراض فرط الحركة إلى ثلاثة أنواع رئيسية تشمل النشاط الزائد، قلة الانتباه، والاندفاعية. هذه الأعراض تختلف من طفل لآخر، ولكن بعض العلامات المشتركة تشمل:

2.1 النشاط الزائد

• الاندفاعية الحركية: يشعر الطفل بالحاجة المستمرة للتحرك أو القفز أو الجري، حتى في الأماكن التي تتطلب الهدوء مثل الفصل الدراسي أو في المناسبات الاجتماعية.

• التململ: الطفل الذي يعاني من فرط الحركة يميل إلى الحركة المستمرة حتى في الأماكن التي تحتاج إلى الجلوس أو الهدوء.

• التسلق المفرط: التسلق على الأثاث أو الجدران أو أي مكان آخر يمكن أن يشكل خطراً، رغم تحذيرات الأهل.

2.2 صعوبة في التركيز

• التشتت السريع: يعاني الطفل من صعوبة كبيرة في التركيز على نشاط واحد لفترة طويلة، سواء كان ذلك في دراسة أو لعبة.

• نسيان المهام: الأطفال المصابون بفرط الحركة يجدون صعوبة في إتمام المهام التي تتطلب استمرارية أو التفكير على المدى الطويل.

• الانتقال السريع بين الأنشطة: يواجه الطفل صعوبة في إنهاء مهام معينة قبل الانتقال إلى الأنشطة الأخرى، ويعاني من التردد في إتمام المهام المنزلية أو المدرسية.

2.3 الاندفاعية

• الحديث المفرط: يتحدث الطفل المصاب بفرط الحركة بسرعة وبتكرار ولا يعطي الفرصة للآخرين للحديث.

• عدم القدرة على الانتظار: قد يتصرف الطفل بشكل غير لائق في المواقف الاجتماعية، مثل التطفل أو المقاطعة أثناء حديث الآخرين.

• اتخاذ قرارات غير مدروسة: يمكن للطفل أن يتصرف دون تفكير في العواقب، مما يعرضه للخطر أو يسبب مشاكل مع الآخرين.

3. الأسباب المحتملة لفرط الحركة

على الرغم من أن أسباب فرط الحركة غير مفهومة بشكل كامل، فإن هناك عدة عوامل قد تساهم في تطور هذه الحالة. تشمل هذه العوامل:

3.1 العوامل الوراثية

دراسات عديدة أظهرت أن اضطراب فرط الحركة قد يكون له طابع وراثي. إذا كان أحد الوالدين أو الأقارب يعاني من اضطراب فرط الحركة، فإن الطفل يكون أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب.

3.2 العوامل البيئية

الظروف البيئية التي ينشأ فيها الطفل يمكن أن تلعب دوراً في ظهور أعراض فرط الحركة. من بين هذه العوامل: التعرض للتسمم بالرصاص، أو التدخين السلبي، أو قلة الرعاية الصحية أثناء الحمل.

3.3 العوامل العصبية والدماغية

تظهر بعض الدراسات أن فرط الحركة قد يكون مرتبطاً بمشاكل في الدماغ، خصوصاً في المناطق المسؤولة عن الانتباه والتحكم الحركي. يُعتقد أن التغيرات في نشاط بعض المواد الكيميائية في الدماغ قد تلعب دوراً في هذه الحالة.

3.4 التوتر والإجهاد العاطفي

الأطفال الذين يعيشون في بيئات متوترة أو يعانون من مشاكل عاطفية قد يظهر لديهم أعراض مشابهة لفرط الحركة، مما يجعل من الصعب التمييز بين اضطراب فرط الحركة والحالات العاطفية الأخرى.

4. التشخيص والتقييم

يعد تشخيص فرط الحركة لدى الأطفال عملية معقدة تتطلب تقييمًا شاملًا من قبل متخصصين في الصحة النفسية مثل الأطباء النفسيين أو المعالجين السلوكيين. هناك مجموعة من المعايير التي يعتمد عليها التشخيص، ومنها:

• الفحص السريري: يقوم الطبيب بإجراء فحص شامل يتضمن مقابلات مع الوالدين والمدرسين لفهم سلوكيات الطفل في المنزل والمدرسة.

• استبيانات وامتحانات سلوكية: قد يُطلب من الوالدين والمعلمين ملء استبيانات تركز على سلوكيات الطفل اليومية.

• الملاحظة المباشرة: في بعض الحالات، يقوم الأطباء بمراقبة الطفل أثناء تفاعله مع البيئة المحيطة به.

5. العلاج والتعامل مع فرط الحركة

5.1 العلاج الدوائي

في بعض الحالات، قد يوصي الطبيب باستخدام أدوية مثل المنشطات (مثل ميثيلفينيديت) التي تساعد في تحسين التركيز وتقليل النشاط الزائد. هذه الأدوية تعمل على زيادة مستويات بعض المواد الكيميائية في الدماغ التي تساعد في التركيز.

5.2 العلاج السلوكي

يشمل العلاج السلوكي استخدام استراتيجيات تعليمية لمساعدة الطفل في تحسين سلوكياته. يركز هذا العلاج على تعزيز السلوكيات الإيجابية والتقليل من السلوكيات السلبية من خلال المكافآت والعواقب.

5.3 تعديل البيئة

يمكن أن تساعد البيئة المدرسية والبيئة المنزلية في التخفيف من أعراض فرط الحركة. يشمل ذلك تقليل المشتتات، توفير هياكل مرنة تساعد الطفل في التعامل مع المهام، وتوفير وقت كافٍ للراحة.

5.4 تعليم المهارات الاجتماعية

يساعد تدريب الطفل على كيفية التعامل مع المواقف الاجتماعية بشكل مناسب على تحسين تفاعلاته مع الآخرين. يمكن أن يتضمن ذلك تعلم كيفية انتظار الدور في الحديث، وكيفية التعاون مع الآخرين في الأنشطة الجماعية.

5.5 الدعم الأسري

يتطلب التعامل مع فرط الحركة دعمًا مستمرًا من الأسرة. يمكن للأهل أن يسهموا بشكل كبير في تحسين حالة الطفل من خلال توفير بيئة منزلية داعمة ومتوازنة، وإشراكهم في الأنشطة العلاجية.

6. تأثير فرط الحركة على الحياة اليومية

قد يؤثر فرط الحركة على العديد من جوانب حياة الطفل، سواء في المدرسة أو في المنزل أو في تفاعلاته الاجتماعية. يعاني الطفل المصاب بفرط الحركة من صعوبات في التفاعل مع أقرانه بسبب قلة التركيز والميل إلى الاندفاع، مما قد يؤدي إلى مشكلات في تكوين الصداقات. كما أن تأثير هذه الحالة على الأداء الأكاديمي قد يكون ملحوظاً، حيث يواجه الطفل صعوبة في متابعة الدروس أو إنهاء الواجبات المدرسية.

7. الوقاية والتقليل من الأعراض

على الرغم من أن فرط الحركة لا يمكن الوقاية منه بشكل كامل، إلا أن بعض التدابير قد تساهم في التخفيف من الأعراض أو تقليل تفاقمها:

• التغذية المتوازنة: تناول غذاء صحي غني بالعناصر الغذائية الهامة للدماغ يمكن أن يساعد في تعزيز التركيز والصحة العامة للطفل.

• النوم الكافي: الحصول على قسط كافٍ من النوم يعزز قدرة الطفل على التحكم في نشاطه وتطوير مهاراته في التركيز.

• التمارين الرياضية: النشاط البدني المنتظم يمكن أن يساعد الطفل في تقليل النشاط الزائد وتحسين حالته النفسية.

8. الخاتمة

فرط الحركة هو اضطراب يصيب الأطفال ويسبب لهم صعوبات في التركيز، التحكم في السلوك، والتفاعل الاجتماعي. تتعدد علامات فرط الحركة، وتشمل النشاط الزائد، قلة الانتباه، والاندفاعية. كما أن أسباب هذه الحالة قد تتراوح بين العوامل الوراثية والبيئية والعصبية. علاوة على ذلك، يتطلب التعامل مع فرط الحركة استراتيجيات شاملة تتضمن العلاج الدوائي والسلوكي، بالإضافة إلى الدعم الأسري والتربوي. من خلال التشخيص المبكر والعلاج المناسب، يمكن للأطفال المصابين بفرط الحركة أن يعيشوا حياة طبيعية وأكثر توازناً.