علامات طهر النفساء

النفساء هي المرأة التي وضعت مولودها سواء كان ذكرًا أو أنثى، وهي تمر بحالة خاصة من الطهر والنجاسة الشرعية تختلف عن الحيض الطبيعي في جوانب كثيرة. ومن أهم الأمور التي تهم المرأة النفساء والفقهاء وعامة الناس معرفة علامات طهر النفساء، إذ يرتبط بها أحكام عديدة في الشريعة الإسلامية، منها الصلاة، الصيام، الطهارة، ومباشرة العبادات الأخرى. لذلك يستحق هذا الموضوع تفصيلًا دقيقًا وعميقًا.

تعريف النفساء ومفهوم الطهر

النفساء هي فترة النفاس التي تبدأ من لحظة الولادة وتمتد حتى ينقطع الدم الذي يخرج من المرأة بعد الولادة. ويختلف هذا الدم عن دم الحيض من حيث اللون، الرائحة، والمدة. والدم الذي يخرج بعد الولادة يكون غزيرًا في البداية، ثم يخف تدريجياً حتى يتوقف.

أما الطهر في الشرع فهو انقطاع الدم وقيام الحيض أو النفاس، بحيث تكون المرأة حينها طاهرة طهارة شرعية، ويجوز لها أن تؤدي فروض الصلاة والصيام وكل ما يتعلق بالعبادة.

أهمية معرفة علامات طهر النفساء

معرفة علامات طهر النفساء لا تقتصر فقط على الجانب الفقهي، بل تمتد لتشمل جانبًا صحيًا ونفسيًا، لأن النفاس يمثل انتقالًا مهمًا في حياة المرأة بعد الإنجاب، ويتطلب رعاية خاصة ومراعاة للجانب الطبي والنفسي.

في الجانب الشرعي، الطهر يعني عودة المرأة إلى طهارتها بعد النفاس، فتبدأ حينها بالصلاة والصيام والأعمال الدينية. أما في الجانب الصحي، فإن متابعة علامات الطهر تدل على اكتمال الشفاء من آثار الولادة وانتهاء النزيف الطبيعي.

علامات طهر النفساء

هناك علامات شرعية وطبية تميز طهر النفساء، وسوف نذكرها بالتفصيل في السطور القادمة.

1. انقطاع الدم النفاسي

العلامة الأساسية والأكثر وضوحًا لطهر النفساء هو انقطاع الدم الذي يخرج بعد الولادة. ينقطع الدم النفاسي فجأة أو تدريجيًا، وقد تتفاوت المدة بين النساء، لكن في أغلب الحالات ينقطع الدم خلال 40 إلى 60 يومًا من الولادة.

يكون الدم في فترة النفاس عادة لونه داكنًا أو أحمر قاتم أو بني، ويبدأ بالنقصان تدريجياً حتى يختفي تمامًا، وعند توقفه تقترب المرأة من الطهارة الشرعية.

2. ظهور إفرازات بيضاء أو صفراء فاتحة اللون

بعد انقطاع الدم الأحمر يبدأ ظهور إفرازات تكون عادة بيضاء أو صفراء فاتحة، وتسمى هذه الإفرازات بالـ”النفاس الأبيض” أو “النفاس الأصفر”.

هذه الإفرازات ليست نجاسة شرعية، بل تُعتبر من علامات الطهر التدريجي للنفساء، وهي تشير إلى تعافي الرحم وتنظيفه من بقايا الدم والأنسجة.

3. توقف الألم والنزيف الحاد

مع اقتراب الطهر النفاسي، يقل الألم المصاحب للولادة والنزيف الحاد، وتبدأ المرأة بالشعور بالراحة تدريجياً، حيث يعود الرحم إلى حالته الطبيعية تدريجياً.

تراجع الألم والنزيف من علامات الشفاء الجسدي التي ترافق الطهر النفاسي، مما يجعل من السهل على المرأة العودة إلى ممارسة حياتها اليومية والعبادات بشكل طبيعي.

4. ظهور رائحة طبيعية وغير كريهة

خلال النفاس، قد يصاحب الإفرازات رائحة قوية وغير محببة، لكن مع اقتراب الطهر النفاسي، تبدأ هذه الرائحة بالاختفاء أو التغير إلى رائحة طبيعية وغير كريهة، مما يدل على اكتمال عملية الشفاء.

الفرق بين طهر النفساء وطهر الحيض

تختلف علامات طهر النفساء عن طهر الحيض، وذلك لأن دم النفاس يختلف في طبيعته ومدة نزوله عن دم الحيض.

مراحل النفاس من حيث الطهر

يمر النفاس بثلاث مراحل رئيسية:

1. النفاس الأحمر: هو الدم الأحمر الغزير الذي يظهر في الأيام الأولى بعد الولادة، يمتد عادة من 10 إلى 15 يومًا.

2. النفاس الأصفر أو الأبيض: وهو المرحلة التي تظهر فيها الإفرازات الصفراء أو البيضاء التي تدل على بداية الشفاء.

3. الطهر الكامل: وهو انقطاع جميع الإفرازات ذات اللون الغامق وعودة الجسم إلى الحالة الطبيعية، هنا تكون المرأة قد طهرت شرعًا.

الفحص الشرعي والطهارة

بعد ملاحظة علامات الطهر النفاسي، يجب على المرأة التأكد من طهارتها الشرعية لاستئناف العبادات. الشرع الحنيف وضع قواعد دقيقة لفترة النفاس، وهي كالآتي:

• النفاس لا يزيد على 60 يومًا: فإذا انقضت المدة ولم ينقطع الدم، اعتبر ما ينزل دمًا عاديًا وليس نفاسًا.

• الطهارة تبدأ بانقطاع الدم: فلا يجوز للمرأة أن تصلي أو تصوم أو تمس المصحف أو تؤدي الفروض إلا بعد التأكد من انقطاع الدم.

• يصح التطهر بالوضوء عند انقطاع الدم النفاسي، وبعد ذلك تبدأ الصلاة والصيام.

الجانب الطبي لطهر النفساء

الجانب الطبي مهم لفهم علامات الطهر، فالنزيف النفاسي هو عملية طبيعية لكن يجب مراقبته جيدًا.

علامات طبية لطهر النفساء:

• توقف النزيف الحاد.

• اختفاء الألم الحاد.

• غلق عنق الرحم تدريجياً.

• استعادة الرحم لحجمه الطبيعي تدريجياً.

• اختفاء الإفرازات ذات الرائحة الكريهة.

يجب التنويه أن النزيف المستمر لفترة طويلة جداً أو حدوث ألم شديد غير طبيعي قد يدل على مشاكل صحية مثل النزيف الغزير أو التهاب ما، وهنا لابد من مراجعة الطبيب المختص.

نصائح خلال فترة النفاس نحو الطهر الصحي

1. الراحة التامة: من الضروري أن تحرص النفساء على أخذ قسط وافر من الراحة لتسريع التعافي.

2. النظافة الشخصية: غسل المنطقة التناسلية بالماء الفاتر عدة مرات يومياً، وتغيير الفوط الصحية بانتظام للحفاظ على الطهارة والنظافة.

3. تناول الغذاء الصحي: الذي يعزز مناعة الجسم ويساعد على شفاء الأنسجة.

4. متابعة الطبيب: عند ملاحظة نزيف غزير أو إفرازات ذات رائحة كريهة يجب مراجعة الطبيب فوراً.

5. تجنب الجهد الشاق: لتفادي أي مضاعفات وتأخير في الشفاء.

تأثير الطهر النفاسي على العبادة والعبادات

بعد التأكد من علامات طهر النفساء، يمكن للمرأة أن تعود إلى أداء الفروض كالصلاة والصيام. الشرع بين هذه الأحكام بوضوح لتيسير العبادة على المرأة بعد الولادة.

يبدأ حساب الطهارة الشرعية فور انقطاع الدم النفاسي، وبعدها تغتسل المرأة وتجري الوضوء، ثم تمارس عبادتها بحرية.

خاتمة

علامات طهر النفساء ليست فقط ظواهر فسيولوجية، بل هي علامات شرعية مهمة تحكم حياة المرأة النفساء وعلاقتها بربها وعبادتها. من انقطاع الدم، ظهور الإفرازات البيضاء، تراجع الألم، إلى تغير الرائحة، كلها مؤشرات مهمة تدل على اكتمال الطهارة. معرفة هذه العلامات والالتزام بتعليمات الشريعة والنصائح الطبية يضمنان للمرأة صحة نفسية وجسدية وروحية سليمة.

تتباين تجربة النفاس من امرأة لأخرى، لذلك من الحكمة المتابعة الدقيقة والصبر مع المداومة على النظافة والعناية الصحية والدينية حتى يكتمل الطهر النفاسي بالكامل.

المصادر

• كتاب “الفقه الإسلامي وأدلته” للدكتور وهبة الزحيلي

• الموسوعة الفقهية الكويتية، باب أحكام الحيض والنفاس