علاج غازات الطفل الرضيع

علاج غازات الطفل حديث الولادة

تُعدّ الغازات من المشكلات الشائعة لدى الأطفال حديثي الولادة، وهي من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى البكاء والانزعاج المتكرر، خاصة في الأسابيع والأشهر الأولى من الحياة. وعلى الرغم من أن الغازات ليست خطيرة من الناحية الطبية في معظم الحالات، إلا أنها قد تكون مصدر قلق كبير للوالدين الذين يشاهدون طفلهم يتلوى ويبكي لساعات دون توقف. يعود ظهور الغازات إلى أسباب متعددة، بعضها مرتبط بالجهاز الهضمي غير الناضج، والبعض الآخر مرتبط بطريقة الرضاعة، ونوع الحليب، وحتى البيئة المحيطة. فهم الأسباب وآليات التخفيف والعلاج أمر أساسي لضمان راحة الطفل ونموه الصحي.

في هذا المقال الموسّع، سيتم التطرق إلى الأسباب العلمية وراء الغازات عند الرضع، العلامات الدالة عليها، طرق الوقاية والعلاج، والعلاجات المنزلية والطبية المتاحة، إلى جانب نصائح عملية مدعومة بالأدلة لتقليل الانزعاج لدى الطفل.

أولاً: الجهاز الهضمي غير الناضج وعلاقته بالغازات

الطفل حديث الولادة يأتي إلى العالم بجهاز هضمي لا يزال في طور التطور، حيث لا تعمل المعدة والأمعاء بكفاءة كاملة بعد الولادة مباشرة. هذا الضعف في النضج الوظيفي يجعل عملية الهضم بطيئة، ويؤدي إلى تراكم الغازات نتيجة لتخمّر بعض مكونات الحليب، أو لابتلاع الهواء خلال الرضاعة.

في الأسابيع الأولى، يعاني معظم الأطفال من ما يُعرف بـ”المغص الطفلي”، وهو نوع من الألم البطني مجهول السبب يحدث نتيجة تقلصات معوية ناجمة في الغالب عن الغازات. ويُعتقد أن ضعف حركة الأمعاء، وزيادة حساسية الجهاز العصبي، وقلة نضج الجراثيم المعوية (الميكروبيوم) تسهم جميعها في تفاقم هذه الحالة.

ثانياً: الأسباب الشائعة لتكوّن الغازات

لفهم كيفية علاج الغازات لدى الرضع، لا بد من الإلمام بالعوامل التي تسهم في ظهورها:

ثالثاً: الأعراض والعلامات التي تدل على معاناة الطفل من الغازات

من أبرز العلامات التي تدل على وجود غازات عند الرضيع:

• البكاء المستمر دون سبب واضح، خاصة بعد الرضاعة.

• انتفاخ البطن وصلابته.

• إخراج الغازات بكثرة عبر فتحة الشرج.

• التلوي والانحناء للأمام أو تقوس الظهر.

• قبض اليدين وشد الساقين نحو البطن.

• اضطرابات في النوم.

مع تكرار هذه الأعراض، غالبًا ما يشعر الوالدان بالعجز، لكن الخبر الجيد أن الغازات عند حديثي الولادة تعتبر حالة مؤقتة قابلة للعلاج والتحكم.

رابعاً: طرق علاج الغازات عند حديثي الولادة

1. تحسين وضعية الرضاعة

أحد أهم أسس الوقاية والعلاج هو التأكد من أن وضعية الرضاعة صحيحة، سواء كانت طبيعية أو صناعية:

• يجب أن يكون رأس الطفل أعلى من مستوى معدته.

• ينبغي تثبيت الفم على الثدي أو زجاجة الحليب بشكل يسمح بإغلاق جيد يمنع تسرب الهواء.

• أثناء الرضاعة الصناعية، يُفضّل استخدام حلمات مانعة لدخول الهواء.

2. التجشؤ بعد كل رضعة

ينصح دائمًا بتجشئة الطفل بعد كل رضعة، سواء أثناء الرضاعة (في منتصفها) أو بعد انتهائها. ويتم ذلك بحمل الطفل على الكتف، والربت بلطف على ظهره في وضعية رأسية.

3. تمارين لتحفيز طرد الغازات

من الطرق المجربة وذات الفعالية:

• تمرين الدراجة الهوائية: وضع الطفل على ظهره وتحريك ساقيه بلطف كأنّه يركب دراجة.

• ضغط الركبتين باتجاه البطن: ببطء ولمدة ثوانٍ، مما يساعد على إخراج الغازات من القولون.

4. الحمام الدافئ والتدليك

• حمام دافئ يساعد على استرخاء العضلات وتخفيف التقلصات.

• تدليك البطن باستخدام حركات دائرية مع اتجاه عقارب الساعة بزيت دافئ مثل زيت الزيتون أو البابونج يمكن أن يساعد في تهدئة الأمعاء.

5. تغيير الحليب الصناعي (إن لزم)

في حال الشك بوجود حساسية من بروتين الحليب، أو عدم تحمل اللاكتوز، يجب استشارة طبيب الأطفال لتغيير نوع الحليب إلى نوع منخفض اللاكتوز أو محلل البروتين.

6. الاعتماد على بعض المكملات الطبية

تتوفر في الصيدليات بعض الأدوية والمكملات التي توصف عادة لعلاج الغازات عند الرضع، أبرزها:

• السميميتيكون (Simethicone): يُستخدم لتفتيت فقاعات الغاز وتسهيل طردها، ويعد آمناً تحت إشراف الطبيب.

• مستخلصات طبيعية مثل ماء غريب (Gripe Water): وهي تركيبة تحتوي على مستخلصات الأعشاب (مثل الشبت والزنجبيل) وتُستخدم منذ عقود لتخفيف التقلصات.

• البروبيوتيك: ثبت أن مكملات البروبيوتيك (مثل Lactobacillus reuteri) تساعد على تحسين التوازن البكتيري في الأمعاء وتقليل الغازات والمغص.

ملحوظة مهمة: لا يجب إعطاء أي دواء أو مكمل دون استشارة الطبيب، خاصة خلال الأشهر الأولى من عمر الطفل.

خامساً: التعديلات الغذائية للأم المرضعة

الرضاعة الطبيعية تنقل ما تأكله الأم إلى الطفل، ولذلك يُنصح باتباع نظام غذائي متوازن وتجنب بعض الأطعمة التي قد تسبّب الغازات للرضيع، مثل:

• الملفوف، القرنبيط، البروكلي.

• البقوليات (العدس، الفول، الحمص).

• المشروبات الغازية والكافيين الزائد.

• الأطعمة الدهنية والمقلية.

كما يُستحسن أن تقوم الأم بمراقبة استجابة الرضيع عند تناول أنواع معينة من الطعام لتحديد ما إذا كان يسبب له الانزعاج.

سادساً: نصائح وقائية للتعامل مع غازات الرضيع

• لا تترك الطفل في وضعية الاستلقاء مباشرة بعد الرضاعة.

• قلّل من التبديلات المفاجئة بين الرضاعة الطبيعية والصناعية.

• حافظ على هدوء بيئة الرضاعة، إذ أن التوتر قد يؤثر على الجهاز العصبي للرضيع ويزيد من تقلصات البطن.

• تجنّب الهز العنيف أو إطعام الطفل عندما يكون غاضباً أو يبكي بشدة.

سابعاً: الحالات التي تتطلب مراجعة الطبيب

رغم أن الغازات طبيعية وشائعة، إلا أن بعض العلامات قد تشير إلى مشاكل صحية أكثر خطورة تتطلب تدخلًا طبيًا، ومنها:

• استمرار البكاء لأكثر من 3 ساعات يوميًا لمدة تتجاوز 3 أيام في الأسبوع.

• وجود دم في البراز.

• فقدان الشهية أو رفض الرضاعة.

• ارتفاع في درجة الحرارة.

• عدم زيادة الوزن أو انخفاضه.

ثامناً: متى تنتهي مشكلة الغازات عند الرضع؟

بوجه عام، تبدأ مشكلة الغازات بالتراجع تدريجيًا بعد الشهر الثالث أو الرابع من العمر، تزامنًا مع تطور الجهاز الهضمي ونضج البكتيريا النافعة في الأمعاء. ومع اكتساب الطفل للمزيد من الحركات الجسدية والنشاط، تتحسن قدرته على إخراج الغازات من تلقاء نفسه.

المصادر:

• American Academy of Pediatrics (AAP) – HealthyChildren.org

• Mayo Clinic – Infant Gas and Colic Guide