مساوئ الدوام فترتين وأضراره

يعتبر نظام الدوام فترتين من الأنظمة التعليمية أو العملية التي تلجأ إليها العديد من المؤسسات سواء في المدارس أو المصانع أو حتى في بعض الشركات، وذلك بهدف استيعاب عدد أكبر من الطلاب أو الموظفين في ظل محدودية الموارد أو الأماكن المتاحة. ومع أن هذا النظام قد يبدو عملياً من الناحية التنظيمية، إلا أنه يحمل في طياته العديد من المساوئ والأضرار التي تؤثر على جودة التعليم، صحة الأفراد، وكذلك على الإنتاجية والكفاءة.

في هذا المقال سيتم تناول مساوئ الدوام فترتين وأضراره بشكل مفصل، من خلال التطرق إلى الآثار الصحية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تنتج عن تطبيق هذا النظام، مع الاعتماد على الدراسات العلمية الحديثة والبيانات الإحصائية لتوضيح حجم هذه المشكلات.

تعريف نظام الدوام فترتين

نظام الدوام فترتين هو تقسيم وقت العمل أو التعليم إلى فترتين زمنيتين متتاليتين في اليوم الواحد، بحيث يعمل أو يدرس مجموعة معينة في الفترة الصباحية، وأخرى في الفترة المسائية. يستخدم هذا النظام عادة لتوزيع الموارد المحدودة، كالصفوف الدراسية أو أماكن العمل، بين عدد كبير من المستخدمين أو الطلاب.

يُعد هذا النظام حلاً مؤقتاً أو دائماً في العديد من البلدان، لكنه يحمل تبعات سلبية متعددة لم تُؤخذ بعين الاعتبار بشكل كافٍ في كثير من الأحيان.

الآثار الصحية للدوام فترتين

اضطرابات النوم

من أبرز أضرار الدوام فترتين تأثيره على نمط النوم الطبيعي لدى الأفراد. ففي حالة الدوام المسائي أو المسائي المتأخر، يضطر الفرد إلى تغيير موعد نومه المعتاد، مما يؤدي إلى اضطرابات في النوم، وقلة جودة النوم، وصعوبة في الاستيقاظ في الوقت المناسب.

هذا الخلل في النوم يرتبط بشكل مباشر بمشكلات صحية مثل:

• ضعف التركيز والانتباه خلال ساعات العمل أو الدراسة

• زيادة الشعور بالإرهاق والكسل

• اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب

• ضعف جهاز المناعة، مما يعرض الفرد للأمراض

توضح دراسات عديدة أن التغيير المستمر في مواعيد النوم، كما يحدث في نظام الدوام فترتين، يؤدي إلى ما يسمى بـ “اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية”، وهو حالة تسبب خللاً في الوظائف الحيوية الأساسية للجسم.

الإرهاق البدني والنفسي

الدوام فترتين يزيد من الضغط النفسي والبدني على العاملين أو الطلاب بسبب قلة فترات الراحة وعدم القدرة على تنظيم الوقت بشكل مناسب بين الدراسة أو العمل والراحة أو الأنشطة الاجتماعية. كما أن الانتقال بين فترتين يتطلب جهداً إضافياً سواء في التنقل أو التأقلم مع الجدول الجديد.

يؤدي هذا إلى:

• شعور مستمر بالإجهاد

• زيادة خطر الإصابة بأمراض متعلقة بالتوتر مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب

• اضطرابات الجهاز الهضمي بسبب تغير مواعيد تناول الطعام

الآثار التعليمية والاجتماعية

تراجع جودة التعليم

في النظام التعليمي، تقل فرص الطلاب في الدوام المسائي لأنهم يعانون من التعب وقلة التركيز، بالإضافة إلى أن ساعات النهار تكون محدودة لاستذكار الدروس أو القيام بالأنشطة اللاصفية. ويلاحظ أن الطلاب الذين يدرسون في الفترة المسائية يعانون من نتائج دراسية أدنى مقارنة بأقرانهم في الفترة الصباحية.

كما أن:

• قلة وقت المعلم مع الطلاب يؤثر سلباً على جودة التعليم

• تقل فرص التفاعل والمشاركة الصفية بسبب الإرهاق والضغط

• تنخفض فرص الأنشطة اللامنهجية والبرامج الإثرائية

هذه العوامل تساهم بشكل مباشر في ضعف التحصيل الدراسي والابتعاد عن التعليم المستدام.

التأثير على العلاقات الاجتماعية والعائلية

الدوام فترتين يحد من الوقت المتاح للأفراد للتفاعل مع أسرهم وأصدقائهم، ويؤثر على الأنشطة الاجتماعية والرفاهية النفسية. في بعض الحالات، يضطر الطلاب أو العمال إلى تقليل وقتهم مع العائلة أو التخلي عن بعض الالتزامات الاجتماعية بسبب جدول الدوام المضغوط.

كما أن:

• فترات الراحة القصيرة تقيد ممارسة الهوايات أو النشاطات الترفيهية

• يقل التواصل الأسري، مما ينعكس على صحة العلاقات الأسرية

• يؤدي إلى شعور بالعزلة الاجتماعية خاصة لمن لديهم دوام مسائي

تأثير التنقل والازدحام

في المدن التي تعتمد نظام الدوام فترتين، يحدث تكدس مروري مزدوج في بداية ونهاية كل فترة، مما يزيد من أوقات التنقل ويضاعف مشاكل الازدحام المروري، والذي يؤثر على الإنتاجية ويزيد من معدلات التلوث البيئي.

الآثار الاقتصادية والإنتاجية

انخفاض الإنتاجية

على الرغم من أن نظام الدوام فترتين يهدف إلى زيادة الإنتاجية من خلال استغلال الوقت والمساحة، إلا أن النتائج غالباً ما تكون عكسية، لأن الإرهاق وعدم الانتظام في ساعات العمل يؤدي إلى انخفاض التركيز والأداء.

العاملون أو الطلاب المتعبون يكونون أقل إنتاجية وأكثر عرضة للأخطاء، مما يؤثر على جودة المنتج أو مخرجات العملية التعليمية.

التكاليف الصحية والاجتماعية

تكاليف الرعاية الصحية ترتفع بسبب زيادة الأمراض المرتبطة بالضغط النفسي والإرهاق الجسدي، بالإضافة إلى تأثيرات ضغوط التنقل والزحام على الصحة العامة.

تتكبد المؤسسات والشركات تكاليف إضافية نتيجة:

• غياب الموظفين المرضى بشكل متكرر

• انخفاض كفاءة الأداء وزيادة معدلات الخطأ

• احتياجات أكبر لدعم الصحة النفسية والبدنية للعاملين

مقارنة بين الدوام فترتين ونظام الدوام الكامل

حلول للتخفيف من أضرار الدوام فترتين

رغم المساوئ العديدة لنظام الدوام فترتين، يمكن تخفيف الأضرار باتباع بعض الإجراءات التي تساعد على تحسين الوضع الصحي والنفسي والاجتماعي للأفراد، مثل:

• تحسين جداول الدوام بحيث تكون مرنة وتأخذ في الاعتبار قدرات الأفراد واحتياجاتهم

• توفير برامج دعم نفسي وصحي للعاملين والطلاب

• تعزيز الوعي بأهمية تنظيم النوم وأخذ فترات راحة كافية

• تحسين وسائل النقل لتقليل الازدحام وتقليل وقت التنقل

• دمج أنشطة ترفيهية واجتماعية ضمن الجدول لتحسين جودة الحياة

خاتمة

على الرغم من الفوائد الظاهرة لنظام الدوام فترتين من ناحية استغلال الموارد بشكل أفضل، إلا أن الأضرار التي يسببها على الصحة البدنية والنفسية، وجودة التعليم والعمل، وكذلك على العلاقات الاجتماعية والإنتاجية، تجعله نظاماً يفرض إعادة تقييمه بشكل جدي. لا بد من دراسة بدائل أو تطوير النظام الحالي بحيث يضمن حماية حقوق الأفراد في الراحة والنوم الكافي، وتحسين بيئة العمل والتعليم بما يخدم جودة الحياة والإنتاج.

المصادر والمراجع

1. National Sleep Foundation. “Shift Work and Sleep: The Effects of Shift Work on Sleep and Health.”

2. World Health Organization (WHO). “Occupational Health: Managing Work-Related Stress and Fatigue.”