مقالة عن كتاب “عقيدة الواحد بالمئة: في عمق سعي أمريكا لأعدائها منذ 11 سبتمبر”
كتاب “عقيدة الواحد بالمئة: في عمق سعي أمريكا لأعدائها منذ 11 سبتمبر” (The One Percent Doctrine: Deep Inside America’s Pursuit of Its Enemies Since 9/11) من تأليف رون سوسكيند، هو عمل وثائقي سردي يسلط الضوء على أحد أعمق جوانب الحرب العالمية على الإرهاب التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد الهجمات الإرهابية المدمرة في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001. ينتمي الكتاب إلى فئة كتب العلوم السياسية والإرهاب وقد نشرته دار سيمون وشوستر في يونيو من عام 2006.
خلفية الكتاب
يبدأ الكتاب في اليوم الذي تلا الهجمات الإرهابية، حيث تستعد الولايات المتحدة للرد على ما لا يمكن تخيله. يركز سوسكيند في كتابه على “عقيدة الواحد بالمئة”، وهي الاستراتيجية التي طورها نائب الرئيس الأمريكي آنذاك، ديك تشيني، والتي أصبحت جوهر سياسة الأمن القومي الأمريكية في تلك الفترة. هذه العقيدة تقوم على مبدأ أن أمريكا يجب أن تتصرف بناءً على احتمال واحد بالمئة من وجود تهديد إرهابي حقيقي، مما دفع البلاد إلى تبني سياسات استباقية ومثيرة للجدل.
محتوى الكتاب
يأخذنا سوسكيند في رحلة عميقة إلى داخل الدوائر العليا لصنع القرار في الولايات المتحدة، حيث يقدم لنا رؤية تفصيلية حول كيفية اتخاذ القرارات المتعلقة بالحرب على الإرهاب. يعرض الكتاب تفاصيل دقيقة حول الصراعات الداخلية بين الفريق الذي كان يظهر في الواجهة، بما في ذلك الرئيس الأمريكي ونائبه، وبين “الغير مرئيين”، وهم الأفراد الذين كانوا يعملون خلف الكواليس في محاولة لمكافحة العدو الجديد. يبرز الكتاب التوترات والاختلافات بين هؤلاء المجموعات وكيفية تأثيرها على السياسة الخارجية والأمن القومي.
المبدأ الأساسي للسياسة الأمريكية
تعتبر “عقيدة الواحد بالمئة” بمثابة المبدأ الأساسي الذي حدد كيفية تعامل أمريكا مع التهديدات الإرهابية. وفقًا لهذه العقيدة، فإن أي تهديد يشير إلى احتمال ضئيل للغاية لكنه موجود بالفعل يتم أخذه على محمل الجد، مما يؤدي إلى اتخاذ إجراءات استباقية قد تشمل الحروب وتدخلات عسكرية. يعكس هذا النهج تحولًا كبيرًا في السياسة الأمريكية بعد 11 سبتمبر، حيث أصبحت البلاد أكثر ميلًا للتدخل واتخاذ خطوات دراماتيكية لمواجهة التهديدات المتصورة.
تحليل الأحداث والتأثيرات
من خلال تقصيه للوقائع من الداخل، يسلط سوسكيند الضوء على عدد من القضايا البارزة التي أثرت على الولايات المتحدة خلال السنوات التي تلت الهجمات. يتناول الكتاب الأزمات التي نشأت حول إدارة العمليات في أفغانستان والعراق، ويستعرض تفاصيل عن العمليات العسكرية والاستخباراتية التي كان لها دور كبير في shaping السياسة الأمريكية. كما يثير الكتاب تساؤلات حول من يدير فعليًا السياسة الخارجية الأمريكية، والشكوك حول احتمالية وجود خلايا إرهابية مسلحة بأسلحة دمار شامل داخل الولايات المتحدة.
الأسئلة المعلقة
يعرض الكتاب عدة أسئلة تظل معلقة حول الاستراتيجيات المتبعة في الحرب على الإرهاب. هل تم القبض على بعض من أخطر الإرهابيين، بما في ذلك قادة تنظيم القاعدة، ثم تم الإفراج عنهم عن غير قصد؟ وهل يمكن لأمريكا أن تنتصر في هذا الصراع ضد أعداء يتمتعون بالصبر والابتكار ولديهم ميزة تكتيكية واضحة؟ يوفر سوسكيند إجابات مدروسة لهذه الأسئلة بناءً على الوصول غير المسبوق إلى المسؤولين البارزين، ويعيد صياغة النقاشات التي تشغل العالم.
تأثير الكتاب
تُعد “عقيدة الواحد بالمئة” كتابًا مثيرًا للجدل نظرًا لأنه يكشف النقاب عن استراتيجيات السياسة الأمريكية التي شكلت الحملة العالمية على الإرهاب. يعرض الكتاب وجهات نظر متعددة حول كيفية إدارة الصراع ضد الإرهاب ويقدم رؤى جديدة حول كيفية تأثير السياسات على مستوى العالم. بفضل أسلوب سوسكيند الوثائقي السردي، يمكن للقارئ فهم العمق الحقيقي للمسائل التي تواجه أمريكا والعالم في عصر الإرهاب.
في الختام، يقدم “عقيدة الواحد بالمئة” قراءة مهمة لأولئك الذين يرغبون في فهم الأبعاد الدقيقة والسياسات الكامنة وراء الحرب العالمية على الإرهاب. الكتاب ليس مجرد سرد للأحداث، بل هو تحليل شامل لكيفية تأثير هذه الأحداث على السياسة الأمريكية والعالمية، مما يجعله إضافة قيمة إلى الأدبيات السياسية والبحثية حول الأمن القومي والسياسة الخارجية.