5 عقبات تواجه التسويق بالمحتوى وطرق التغلب عليها

يُعد التسويق بالمحتوى أحد أقوى الأدوات التي تعتمد عليها العلامات التجارية في العصر الرقمي الحديث لتعزيز الحضور الرقمي، بناء الثقة مع الجمهور، وتحقيق النمو المستدام. وعلى الرغم من فعاليته، إلا أن النجاح في هذا المجال ليس بالأمر السهل؛ إذ يواجه المسوّقون تحديات حقيقية تعرقل جهودهم وتحدّ من نتائجهم. فصناعة المحتوى ونشره وتوزيعه تتطلب استراتيجيات دقيقة، فهمًا عميقًا للجمهور، وإلمامًا كاملاً بآليات التسويق الرقمي.

في هذا المقال، نستعرض بتوسّع خمسًا من أهم العقبات التي تواجه حملات التسويق بالمحتوى، مع تقديم حلول عملية واستراتيجيات فعالة لتجاوز كل منها، وذلك وفقًا لأفضل الممارسات العالمية والمراجع المتخصصة في هذا المجال.

العقبة الأولى: نقص وضوح الأهداف والاستراتيجية

الوصف والتحليل

تُعد الاستراتيجية الركيزة الأساسية لأي حملة تسويق بالمحتوى. ومع ذلك، كثير من الشركات تبدأ في إنتاج المحتوى دون خطة واضحة أو أهداف محددة. هذا يؤدي إلى محتوى عشوائي لا يحقق أي تأثير ملموس. إن التسويق بالمحتوى ليس مجرد كتابة مقالات أو إنتاج فيديوهات، بل هو جزء من منظومة متكاملة تخدم أهدافًا تجارية مثل: زيادة الوعي بالعلامة التجارية، تحسين معدل التحويل، أو تعزيز ولاء العملاء.

عدم وضوح الأهداف يؤدي إلى استنزاف الموارد، وتشتت الرسائل التسويقية، وصعوبة في قياس النتائج. ويُظهر تقرير صادر عن Content Marketing Institute أن ما يقارب 63% من المسوقين الذين يحققون نجاحًا في هذا المجال لديهم استراتيجية مكتوبة ومفصلة.

الحلول والاستراتيجيات

• وضع استراتيجية شاملة تتضمن تحديد الجمهور المستهدف، أهداف المحتوى، قنوات النشر، وتوقيتات التنفيذ.

• استخدام نموذج SMART لوضع أهداف قابلة للقياس (محددة، قابلة للقياس، قابلة للتحقيق، واقعية، ومحددة بالزمن).

• إنشاء خريطة محتوى (Content Map) توضح أنواع المحتوى الذي سيتم إنتاجه لكل مرحلة من مراحل رحلة العميل.

• تحديث الاستراتيجية دوريًا بناءً على أداء المحتوى وتحليل البيانات.

العقبة الثانية: ضعف فهم الجمهور المستهدف

الوصف والتحليل

النجاح في التسويق بالمحتوى يتطلب فهمًا عميقًا للجمهور المستهدف. ويشمل هذا الفهم تفضيلاتهم، احتياجاتهم، التحديات التي يواجهونها، وسلوكهم الرقمي. عندما يُنتج المحتوى دون مراعاة هذه المعطيات، فإنه يفشل في جذب الانتباه أو التأثير على القرارات الشرائية.

تجاهل الفئات العمرية، الأساليب المفضلة لتلقي المعلومات (مثل الفيديو أو النصوص)، وأوقات النشاط على الإنترنت، يجعل من المحتوى مجرد ضوضاء رقمية لا تحقّق الغرض منها.

الحلول والاستراتيجيات

• إجراء دراسات دقيقة للسوق والجمهور باستخدام أدوات مثل Google Analytics، وHotjar، وتحليل البيانات من منصات التواصل الاجتماعي.

• إنشاء شخصيات افتراضية للجمهور (Buyer Personas) تمثل نماذج لشرائح مختلفة من العملاء المحتملين.

• مراجعة تعليقات الجمهور ورسائل البريد الإلكتروني والمحادثات لفهم اللغة المستخدمة والمشاكل الحقيقية التي يواجهها العملاء.

• تخصيص المحتوى بناءً على شخصية المشتري، ومستوى معرفته، ومرحلة اتخاذ القرار.

العقبة الثالثة: صعوبة الاستمرارية في إنتاج محتوى عالي الجودة

الوصف والتحليل

إنتاج محتوى جذاب، أصلي، وذي قيمة يحتاج إلى وقت وجهد وإبداع، وهذا ما يسبب ضغطًا كبيرًا على فرق التسويق. فالاستمرارية تمثل تحديًا حقيقيًا، خصوصًا مع تزايد المنافسة وتغيّر الخوارزميات باستمرار.

تكرار المحتوى، أو نشر مواد ذات جودة ضعيفة، يؤدي إلى فقدان الثقة من الجمهور، وتراجع في ترتيب محركات البحث. كما أن الاعتماد فقط على المقالات دون تنويع الأشكال (مثل الفيديو، البودكاست، الإنفوغرافيك) يفقد المحتوى الكثير من إمكانياته.

الحلول والاستراتيجيات

• إعداد تقويم محتوى شهري أو فصلي يُحدد مواعيد النشر، المواضيع، والأهداف الخاصة بكل منشور.

• توظيف كتّاب ومبدعين محترفين لضمان جودة المحتوى وتنوعه.

• إعادة توظيف المحتوى الناجح (Repurposing Content) مثل تحويل مقال إلى فيديو أو تدوينة إنفوغرافيك.

• استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في إنشاء الأفكار، التحرير، وتحسين النصوص مثل Jasper وGrammarly.

العقبة الرابعة: ضعف توزيع المحتوى وعدم الوصول للجمهور

الوصف والتحليل

المحتوى الجيد وحده لا يكفي. إذا لم يتم توزيعه بشكل فعّال فلن يصل إلى الجمهور المستهدف. تعاني كثير من العلامات التجارية من هذه العقبة حين تعتمد فقط على قناة واحدة للنشر (مثل الموقع الإلكتروني) وتتجاهل القنوات الأخرى أو لا تستخدم تقنيات تحسين الوصول.

المحتوى يحتاج إلى ترويج نشط ليصل إلى جمهوره الطبيعي ويجذب جمهورًا جديدًا، وإلا سيبقى غير مرئي وسط زخم المحتوى الهائل الموجود على الإنترنت يوميًا.

الحلول والاستراتيجيات

• الاعتماد على استراتيجية توزيع متعددة القنوات تشمل البريد الإلكتروني، وسائل التواصل الاجتماعي، النشرات الإخبارية، والمجموعات المتخصصة.

• استخدام الإعلانات الممولة الذكية لتوسيع نطاق الوصول للمحتوى.

• تحسين محركات البحث (SEO) من خلال اختيار كلمات مفتاحية قوية، وتحسين الميتا ديسكربشن، وربط داخلي وخارجي جيد.

• الشراكات مع المؤثرين أو المدونات الكبرى لنشر المحتوى والوصول إلى جماهير جديدة.

العقبة الخامسة: صعوبة قياس العائد على الاستثمار (ROI)

الوصف والتحليل

واحدة من أكثر العقبات التي تواجه فرق التسويق هي إثبات فعالية جهودهم من خلال مؤشرات رقمية واضحة. فعلى الرغم من أن التسويق بالمحتوى يعمل على بناء علاقات طويلة الأمد، إلا أن قياس تأثيره المالي المباشر ليس دائمًا بسيطًا أو فوريًا.

عدم القدرة على قياس العائد على الاستثمار يجعل من الصعب الحصول على دعم الإدارة أو تخصيص ميزانية مناسبة للمحتوى، خاصة إذا لم تكن النتائج مرئية بسرعة.

الحلول والاستراتيجيات

• تحديد مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) التي ترتبط مباشرة بأهداف العمل، مثل عدد الزيارات، معدل التحويل، مدة البقاء على الصفحة، وعدد المشتركين.

• استخدام أدوات تحليل البيانات المتقدمة مثل Google Analytics 4، وHubSpot، وSEMrush لتتبع أداء المحتوى.

• ربط المحتوى بمراحل المبيعات وتحليل كيف يسهم كل نوع من أنواع المحتوى في تقدم العملاء المحتملين داخل قُمع المبيعات (Sales Funnel).

• تقارير دورية وتحليل نوعي وكمي توضح الأثر على مستوى التفاعل، الترتيب في نتائج البحث، والنتائج المالية.

جدول توضيحي للعقبات والحلول

خلاصة

يمثل التسويق بالمحتوى أداة قوية وفعالة لبناء الثقة، تعزيز الولاء، وتحقيق أهداف العمل الرقمي، لكن التحديات الكامنة فيه تتطلب فهماً عميقاً وخططاً مدروسة للتغلب عليها. من خلال الاستراتيجية الواضحة، والفهم العميق للجمهور، والحرص على الجودة والاستمرارية، وتوزيع المحتوى بذكاء، يمكن تحقيق نتائج ملموسة ومستدامة. ولضمان استمرار النجاح، لا بد من الالتزام بالتحليل والتقييم المستمر والاعتماد على البيانات كمرجعية للتطوير.

المراجع

1. Content Marketing Institute, 2024. “B2B Content Marketing Benchmarks, Budgets, and Trends.”

2. HubSpot. “The Ultimate Guide to Content Marketing in 2024.”