رواية “عصر النووي” للكاتب تيم أوبراين هي عمل أدبي مميز يتناول قصة شخصية ويليام كاولينغ، الذي يبلغ من العمر تسعة وأربعين عامًا في عام 1995. يقوم ويليام بحفر حفرة في فناء منزله، لكن هذه الحفرة ليست مجرد حفرة عادية، بل هي محاولة منه للتخلص من سنوات عمره المكدسة بالخوف والقلق، والتي بدأت تراوده منذ فترة الخمسينيات عندما أدرك العالم النظريات النووية لأينشتاين وترجمتها إلى الروسية.
تأخذ القصة القارئ في رحلة عبر ماضي ويليام، من مرحلة المراهقة الهادئة والغريبة إلى أيام الجامعة، ومن هناك إلى عوالم الحياة السفلية، وثم إلى عدة محاولات لبناء حياة “عادية”، وتأخذنا أيضًا في رحلة جغرافية من مونتانا إلى فلوريدا، ومن كوبا إلى كاليفورنيا، ومن كانساس إلى نيويورك وألمانيا ثم عودة إلى مونتانا.
تتخلل هذه الرحلات العديد من المواقف الفكاهية والمثيرة للضحك، إلى جانب اللحظات الدرامية التي تكشف عن عمق الخوف والرغبات والهواجس التي يواجهها ويليام. يُظهر الكتاب أيضًا تفاعلات وتجارب شخصيات مختلفة يلتقي بها ويليام خلال رحلته، مثل طبيب نفسي مبدع في تغيير الأدوار، ومشجع كرة القدم ذو شخصية فريدة من نوعها، ومتمردين راديكاليين، ومضيفة جوية ذات طابع خيالي.
وسط هذه الأحداث، يتساءل ويليام عما إذا كانت أفعاله المتمثلة في حفر الحفرة هي فعل صحي أم لا، وهل هي فعل عاقل حقًا. تُعتبر الرواية استكشافًا للرعب النووي الذي يعترينا جميعًا دون أن نعترف به، وكيف أننا نتكيف مع هذا الواقع بطريقة تبدو سهلة، على الرغم من أنها لا تخلو من الجنون. تشكل الرواية حكاية تنطلق من قلب هذا العصر النووي الذي نعيشه، وتعكس عمق العصر وتحدياته ومخاوفه بأسلوب كتابي مثير ومبتكر.
“عصر النووي” هي رواية استثنائية بكل المقاييس، تجمع بين الفكاهة والحركة الدرامية والتأملات العميقة، وتجعل القارئ يعيش ويليام ويلمس الخوف والأمل والانتصارات والهزائم التي يواجهها في رحلته الشخصية.