فيلم “عش مرتين، أحب مرة” (Live Twice, Love Once): دراما كوميدية عن الحب، الذاكرة، والتضحيات
يعد فيلم “عش مرتين، أحب مرة” من الأعمال السينمائية التي تجمع بين الكوميديا والدراما بأسلوب يلامس القلوب ويستعرض موضوعات عميقة تتعلق بالحياة، الحب، والذاكرة. أخرجه المخرج الإسباني ماريا ريپول، ويتميز بتقديم قصة مؤثرة حول رجل مسن يُصاب بمرض الزهايمر ويسعى لاستعادة جزء من ذكرياته المفقودة.
القصة: رحلة في الزمان والمكان
تدور أحداث الفيلم حول إميليو، الذي يلعب دوره الممثل الأرجنتيني الأسطوري أوسكار مارتينيز، وهو رجل مسن يتم تشخيصه بمرض الزهايمر. يشهد إميليو تغيرات كبيرة في حياته، حيث يبدأ في فقدان الذكريات التي شكلت ملامح شخصيته ووجوده. ولكن، قبل أن يتلاشى كل شيء، يقرر إميليو وفريقه العائلي القيام برحلة للبحث عن حب قديم عاشه في طفولته.
القصة ليست مجرد مغامرة للبحث عن الحبيب الأول، بل هي أيضًا رحلة لإعادة اكتشاف الذات والتواصل مع الماضي قبل أن يختفي تمامًا. الرحلة التي يقوم بها إميليو مع عائلته تكشف عن الأبعاد الإنسانية العميقة لهذا المرض، وتسلط الضوء على العلاقات الأسرية، التضحيات، والحب الذي يتجاوز الزمن.
الشخصيات والأداء الفني
يتألق أوسكار مارتينيز في دور إميليو، حيث يبرع في تجسيد شخصية رجل مسن عانى من فقدان الذاكرة ويكافح لاستعادة جزء من حياته العاطفية. يُعتبر أداء مارتينيز في هذا الفيلم من أبرز جوانب العمل الفني، حيث ينقل ببراعة مشاعر الضعف، الأمل، والحزن الذي يرافق مرض الزهايمر.
تشارك في الفيلم أيضًا العديد من الممثلين الموهوبين، بما في ذلك إنما كويستا، ومافالدا كاربونييل، وناشو لوبيز، الذين يقدمون أداء قويًا يعكس الدعم والتحديات التي يواجهها كل فرد في العائلة أثناء رحلة إميليو. كل شخصية تضيف طبقة من العمق العاطفي للعمل، مما يجعل الفيلم أكثر تأثيرًا.
المخرج ماريا ريپول: الفن في تقديم القصة
تتمثل نقطة القوة في هذا الفيلم في قدرة ماريا ريپول على مزج الكوميديا مع الدراما بطريقة سلسة تجذب الجمهور. تجنب ريپول أن تكون القصة ثقيلة أو حزينة بشكل مفرط، بل حرصت على إدخال لحظات من الفرح والمواقف المضحكة، التي تخفف من حدة الموضوع. هذا التوازن بين الكوميديا والدراما يجعل الفيلم مناسبًا لمجموعة واسعة من الجمهور، حيث يستطيع الجميع التفاعل مع الشخصيات والأحداث.
ريپول، المعروفة بأسلوبها الفني المميز في إخراج الأفلام التي تستعرض قضايا اجتماعية وإنسانية، قد نجحت في تقديم قصة عاطفية مؤثرة بشكل يعكس تفاصيل دقيقة حول الذاكرة البشرية والمشاعر العميقة التي يمكن أن يعيشها الأفراد والعائلات في مثل هذه الظروف.
رسالة الفيلم: الذاكرة والحب
بعيدًا عن الأحداث المدهشة، يقدم الفيلم أيضًا رسالة قوية حول الذاكرة وما تمثله في حياتنا. يعد مرض الزهايمر، الذي يؤثر بشكل مباشر على قدرة الشخص على تذكر الأحداث والعلاقات، بمثابة استعارة عن الوقت الذي يمر بسرعة وعن تأثير الذكريات في تشكيل الهوية الإنسانية. في الوقت الذي يخسر فيه إميليو جزءًا من حياته، يحاول أن يثبت أن الحب، حتى وإن اختفى مع مرور الزمن، يمكن أن يكون دافعًا للاستمرار.
تقييم الفيلم: حائز على إشادة من النقاد والجمهور
أضيف الفيلم إلى قائمة الأفلام المميزة في 2020، حيث تم نشره في 7 يناير 2020، وهو متاح للمشاهدين على منصات البث، مما جعل الجمهور يستطيع التفاعل مع القصص التي يعرضها الفيلم. رغم أن الفيلم يعالج موضوعًا حساسًا مثل مرض الزهايمر، إلا أنه قد جذب مجموعة واسعة من المشاهدين بفضل تنوع مشاعره بين الكوميديا والدراما.
التصنيف التلفزيوني للفيلم هو “TV-MA” (للكبار فقط)، ويعني أنه مناسب للمشاهدين الذين تتجاوز أعمارهم 17 عامًا نظرًا لمحتوى بعض المشاهد الدرامية والعاطفية المكثفة. مدة الفيلم 102 دقيقة، وهي فترة كافية لاستكشاف القصة والرسائل التي يرغب صانعو الفيلم في إيصالها دون إطالة مملة أو فقدان للمضمون.
تأثير الفيلم في السينما الإسبانية والعالمية
“عش مرتين، أحب مرة” يعد من الأفلام التي ساهمت في تعزيز السينما الإسبانية على الساحة العالمية، حيث يستعرض قضايا إنسانية عميقة مع لمسة من الفكاهة التي تجعل من الفيلم عملًا سينمائيًا مميزًا. بفضل إبداع المخرجين والممثلين، يمكن اعتبار هذا الفيلم واحدًا من أبرز الأعمال الإسبانية التي تناولت موضوعات الأسرة والذاكرة في السنوات الأخيرة.
الخاتمة
فيلم “عش مرتين، أحب مرة” هو تجربة سينمائية لا تُنسى، تدمج بين الدراما والكوميديا بأسلوب رائع يعكس التحديات التي يواجهها المرضى وعائلاتهم في مواجهة مرض الزهايمر. القصة، المليئة بالحب والتضحيات، تقدم رسالة أمل للجميع: حتى في مواجهة المرض وفقدان الذاكرة، يبقى الحب ذا أهمية حيوية في حياة الإنسان.
إذا كنت من محبي الأفلام التي تتناول قضايا إنسانية عميقة برؤية مبتكرة، فإن هذا الفيلم سيكون خيارًا مثاليًا لك.