كم رمضان صام النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
الصيام في شهر رمضان هو ركن من أركان الإسلام الخمسة، وقد فرضه الله تعالى على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة، حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ” (البقرة: 183). وقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم أول من جَسَّد هذا الركن في حياته اليومية وعاشه بأفضل صورة ممكنة. ولقد صام النبي صلى الله عليه وسلم العديد من رمضانات حياته الشريفة، وقد وردت عدة تفاصيل في السيرة النبوية تشير إلى كيفية صيامه في هذا الشهر الكريم وأعداد مرات صيامه.
فرض الصيام في الإسلام
في بداية الأمر، لم يكن فرض الصيام في رمضان على المسلمين كما هو الحال اليوم، بل كان هناك تغيير تدريجي في فرض الصيام. ففي السنة الثانية من الهجرة، فرض الله الصيام على المسلمين فريضة إلزامية، وقد جاء ذلك بعد أن فرض الله تعالى الصلاة في السنة الأولى من الهجرة، وكان ذلك في السنة الثانية الهجرية في شهر شعبان. وكان فرض الصيام في البداية على سبيل التخيير، ثم استقر بعد ذلك فرضه كركن أساسي في الدين الإسلامي.
عدد رمضانات التي صامها النبي صلى الله عليه وسلم
صام النبي صلى الله عليه وسلم في حياته 9 مرات فقط في رمضان، وذلك باعتبار أن النبي صلى الله عليه وسلم توفي في السنة 11 هجريًا. ففي السنة 2 هجريًا فرض صيام رمضان، وكان هذا أول رمضان يصومه المسلمون بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم. كما ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم صام رمضان تسع مرات، وهي مرتبطة بالسنوات التي عاشها بعد فرض الصيام.
الحديث الذي ذكره الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حيث قال: “صام النبي صلى الله عليه وسلم رمضان تسع سنين”. وهذا يوضح أنه خلال تلك السنوات كان النبي صلى الله عليه وسلم صائمًا في رمضان تسع مرات.
كيفية صيام النبي صلى الله عليه وسلم
كان صيام النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان كما هو في سائر صيامه، فقد كان يحرص على أداء العبادة بكل خشوع وتقوى. لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لأمته في جميع جوانب حياته، بدءًا من عباداته وصولًا إلى سلوكه وأخلاقه. وكانت عبادته في رمضان تتسم بالتزام كامل بما فرضه الله عليه، وتوجيهه لأمته ليقتدوا به في تلك العبادة.
-
السحور: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على تناول السحور، وقد حثَّ الأمة على هذا الأمر، حيث قال في حديثه الشريف: “تسحروا فإن في السحور بركة” (متفق عليه). وقد ورد عن الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتناول السحور في وقت متأخر من الليل، قبل الفجر، وكان يفضل أن يكون السحور خفيفًا.
-
الإفطار: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُفطر قبل أن يؤدي صلاة المغرب، وكان يُفطر على تمرات أو ماء، وإذا لم يجد تمرا، كان يفطر على ماء فقط. وقد ثبت في الحديث الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رُطَبٍ، فإن لم يكن رُطَبٌ فتمراتٍ، فإن لم تكن حَسَاتٍ من ماءٍ” (رواه أبو داود).
-
قيام الليل في رمضان: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من قيام الليل في رمضان، حيث كان يحيي لياليه بالصلاة والتضرع إلى الله، وكان يُحيي العشر الأواخر من رمضان بشكل خاص، حيث كان يجتهد في العبادة أكثر من باقي أيام الشهر. وقد ثبت في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيى ليله وأيقظ أهله” (متفق عليه).
-
الدعاء والاستغفار: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الله في رمضان بشكل مكثف، وكان يكثر من الاستغفار والتسبيح والتكبير، كما كان يشجع أصحابه على الإكثار من الدعاء، خاصة في العشر الأواخر من الشهر الكريم.
-
الاعتكاف: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان في المسجد، وكان يشجع المسلمين على الاعتكاف كذلك. وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله” (متفق عليه).
الحكمة من صيام النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان
كان صيام النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان هو وسيلة له لتربية النفس وتقوية الصلة بالله، حيث كان يُظهر توبته واستغفاره أمام الله سبحانه وتعالى. كما كان يُظهر لصحابته وجميع المسلمين أن هذا الشهر هو شهر الصبر والعبادة والتهذيب الروحي. وكان يشجع الأمة على تعظيم هذا الشهر وتوفير أفضل ما يمكن من عبادات وخيرات، من صلاة وزكاة وقراءة للقرآن وقيام الليل والاعتكاف.
خاتمة
صام النبي صلى الله عليه وسلم رمضان تسع مرات، وكانت عبادته في هذا الشهر الكريم تعكس أعلى درجات الإيمان والخشوع. كان مثالًا حيًا للمسلم الذي يطيع الله تعالى في كل تفاصيل حياته، خاصة في الشهر الذي اختصه الله بالفضائل والمغفرة. وتجسدت في صيامه في رمضان سنن عديدة من السحور إلى الإفطار وقيام الليل والدعاء، مما يجعل من رمضان فرصة عظيمة للمسلمين في كل مكان للاقتداء به والسعي لإرضاء الله تعالى من خلال العبادة والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم.
