عدد مرات التبرز للرضيع: الدلالات الصحية والتغيرات الطبيعية
يُعدّ التبرز من العمليات الحيوية الأساسية التي تعكس بصورة مباشرة حالة الجهاز الهضمي وصحة الرضيع العامة. ولأن الطفل في شهوره الأولى لا يستطيع التعبير عن مشاعره أو آلامه، فإن مراقبة عدد مرات التبرز، وشكله، ولونه، ورائحته، تصبح من المؤشرات المهمة التي يعتمد عليها الأهل والأطباء لتقييم الحالة الصحية للطفل الرضيع. يختلف عدد مرات التبرز من طفل لآخر بحسب عمره، ونوع تغذيته، ومعدل نموه، وغيرها من العوامل. ويشكّل هذا التباين الطبيعي مصدر قلق لكثير من الأمهات، خاصة الجدد منهن.
في هذا المقال، سيتم التطرق إلى التغيرات الطبيعية في عدد مرات التبرز لدى الرضيع، والعوامل المؤثرة، والاختلافات بين الرضع الذين يتغذون على الرضاعة الطبيعية وأولئك الذين يتناولون الحليب الصناعي، إضافةً إلى مؤشرات التبرز غير الطبيعية التي قد تستدعي تدخلًا طبيًا.
التغيرات الطبيعية في عدد مرات التبرز بحسب العمر
الأسبوع الأول بعد الولادة
يبدأ الرضيع بالتبرز لأول مرة خلال أول 24 ساعة من الولادة، ويكون البراز في هذه المرحلة عبارة عن العقي (Meconium)، وهو مادة سميكة، لزجة، ذات لون أخضر داكن أو أسود، وتتكون من الخلايا الميتة، والسائل الأمنيوسي، والإفرازات التي تراكمت في أمعاء الجنين خلال فترة الحمل. يمتد خروج العقي عادة ليومين أو ثلاثة أيام.
من الأسبوع الثاني حتى الشهر الأول
مع بدء الرضاعة الطبيعية أو الحليب الصناعي، يتغير البراز من العقي إلى لون أصفر خردلي أو بني فاتح، ويصبح أقل لزوجة. في هذه المرحلة، يبرز الرضيع الذي يتغذى على الرضاعة الطبيعية عادة من 4 إلى 10 مرات يوميًا، وأحيانًا بعد كل رضعة. أما الطفل الذي يتناول الحليب الصناعي فيتبرز مرتين إلى أربع مرات يوميًا، وغالبًا ما يكون البراز أكثر تماسكًا وأقرب إلى اللون البني أو الأصفر الغامق.
من الشهر الثاني حتى الشهر السادس
يبدأ الجهاز الهضمي للرضيع بالتكيف، ويقل عدد مرات التبرز تدريجيًا. بعض الأطفال قد يتبرزون مرة واحدة في اليوم، وآخرون قد تمر عليهم يومان أو ثلاثة دون تبرز، ولا يُعدّ ذلك غير طبيعيًا ما دام الطفل مرتاحًا، ووزنه يزداد، والبراز طبيعي في شكله ولونه عند خروجه. الرضيع الذي يرضع طبيعيًا قد يتبرز مرة كل 3 أيام أو حتى مرة واحدة أسبوعيًا دون أن يعني ذلك وجود إمساك، ما دام البراز لينًا.
بعد إدخال الطعام الصلب (من الشهر السادس فصاعدًا)
مع إدخال الأطعمة الصلبة، يصبح البراز أكثر كثافة وتماسكًا، وأحيانًا تتغير رائحته لتكون أقرب لرائحة البراز عند البالغين، ويبدأ ظهور أجزاء من الطعام غير المهضوم فيه. في هذه المرحلة، يتبرز الطفل عادة من مرة واحدة إلى ثلاث مرات يوميًا، وقد تتغير هذه الوتيرة حسب نوعية الطعام المتناول وكميته.
العوامل التي تؤثر على عدد مرات التبرز
1. نوع الحليب
-
الرضاعة الطبيعية: تحتوي على مكونات طبيعية سريعة الهضم، كما أن لها تأثيرًا ملينًا طبيعيًا، لذا يتبرز الرضيع مرات أكثر.
-
الحليب الصناعي: قد يُهضم ببطء أكبر، ويجعل البراز أكثر صلابة ويقلل عدد مرات التبرز.
2. مستوى النشاط البدني
حركة الرضيع، مثل تحريك الأطراف أو التدحرج، قد تساهم في تحفيز حركة الأمعاء وتسهيل التبرز.
3. التطور العصبي والهضمي
مع نضوج الجهاز الهضمي للجهاز العصبي المركزي، تبدأ وتيرة التبرز في التباطؤ لتتناسب مع انتظام الهضم.
4. إدخال الأطعمة
بعض الأطعمة قد تزيد من عدد مرات التبرز كالفواكه والخضروات الغنية بالألياف، في حين أن البعض الآخر كالأرز والموز قد يؤدي إلى تقليل عددها.
الجدول التالي يلخص عدد مرات التبرز الطبيعي حسب عمر الرضيع ونوع تغذيته:
| الفئة العمرية | الرضاعة الطبيعية | الحليب الصناعي | الملاحظات الطبيعية |
|---|---|---|---|
| 0 – 3 أيام | 2 – 4 مرات | 2 – 4 مرات | براز لزج داكن (عقي) |
| 4 أيام – شهر | 4 – 10 مرات | 2 – 4 مرات | لون أصفر خردلي، رائحة خفيفة |
| 1 – 6 شهور | 1 كل 1-3 أيام | 1 – 2 يوميًا | البراز يصبح أكثر انتظامًا |
| بعد 6 شهور | 1 – 3 مرات | 1 – 2 مرات | ظهور بقايا طعام في البراز |
اختلافات البراز التي تستدعي الانتباه
هناك حالات تستدعي التدخل أو على الأقل المراقبة الطبية، وتشمل:
1. قلة التبرز مع تصلب البراز
إذا قلّت مرات التبرز إلى مرة كل 3-5 أيام وكان البراز صلبًا ومؤلمًا عند خروجه، فقد يكون ذلك علامة على الإمساك.
2. زيادة غير معتادة في التبرز مع ميوعة زائدة
إذا زادت مرات التبرز فجأة إلى أكثر من 8 مرات يوميًا مع براز مائي أو رائحة كريهة جدًا، فقد يكون ذلك دليلًا على الإسهال أو التهاب معوي.
3. وجود دم أو مخاط في البراز
قد يشير إلى حساسية غذائية (مثل حساسية بروتين حليب البقر) أو عدوى بكتيرية، ويجب استشارة الطبيب فورًا.
4. تغير مفاجئ في لون البراز
-
الأخضر الداكن: شائع في بداية الرضاعة، وقد يكون ناتجًا عن تناول كمية زائدة من الحليب الأمامي.
-
الأحمر: قد يشير إلى وجود دم.
-
الأبيض الطباشيري: مؤشر خطير على مشكلة في الكبد أو نقص في إفراز العصارة الصفراوية.
أهمية تتبع عدد مرات التبرز
يُنصح الآباء بتتبع عدد مرات التبرز خلال الأشهر الأولى من حياة الطفل، وتسجيلها، خاصة في حالات الخداج أو عند الأطفال الذين يعانون من مشكلات في الرضاعة أو النمو. كما يُعتبر التغير في عدد مرات التبرز من العلامات الدالة على مدى كفاية الرضاعة، حيث إن قلة التبرز المصحوبة بفقدان الوزن أو نقص البول قد تشير إلى قلة التغذية.
هل يجب القلق من التباين بين الأطفال؟
من المهم إدراك أن التباين في عدد مرات التبرز بين الأطفال الرضع أمر طبيعي للغاية، ولا يشير بالضرورة إلى وجود خلل. كل طفل يتفاعل بطريقة مختلفة مع نوع الحليب، ونشاطه، وتطوره الجسدي. بعض الرضع قد يتبرزون بعد كل رضعة، وآخرون قد يتبرزون مرة كل يومين أو ثلاثة، وكلاهما يُعدّ ضمن النطاق الطبيعي ما دامت العلامات الحيوية الأخرى مثل الزيادة في الوزن، والنشاط، والنوم الطبيعي، لا تدعو للقلق.
متى يُعدّ تغير عدد مرات التبرز مشكلة صحية؟
-
في حالة وجود ألم وبكاء متكرر عند التبرز
-
تغير واضح في لون أو قوام البراز مع رائحة كريهة جداً
-
توقف كامل عن التبرز لأكثر من 5 أيام مع علامات إمساك
-
الإسهال المستمر لأكثر من يومين
الختام
عدد مرات التبرز لدى الرضع ليس مؤشرًا وحيدًا على الصحة، بل جزء من صورة شاملة تشمل الشهية، وزيادة الوزن، والنشاط البدني، وجودة النوم. وعلى الرغم من أن التباين في عدد مرات التبرز قد يثير قلق الأهل، فإن معظم الحالات تقع ضمن النطاق الطبيعي، خاصة في الأشهر الأولى. ومع تقدم الرضيع في النمو، يتطور جهازه الهضمي وتنتظم عملية الإخراج تدريجيًا. وتبقى المراقبة الدقيقة والاستشارة الطبية عند الضرورة أساسًا لضمان صحة الطفل وسلامته.
المراجع:
-
American Academy of Pediatrics – HealthyChildren.org
-
World Health Organization – Infant and Young Child Feeding Guidelines
