عدد سكان كوريا الشمالية: تحليل شامل وتفصيلي

كوريا الشمالية، أو جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية، واحدة من أكثر الدول غموضًا في العالم من حيث المعلومات السكانية، الاقتصادية، والسياسية. تقع في شرق آسيا، تحدها الصين من الشمال الغربي، روسيا من الشمال، وكوريا الجنوبية من الجنوب. يثير موضوع عدد سكان كوريا الشمالية اهتمامًا واسعًا لدى الباحثين والمحللين الدوليين، خاصة بسبب صعوبة الوصول إلى بيانات دقيقة وموثوقة بسبب طبيعة النظام السياسي وحالة العزلة التي تعيشها البلاد.

تقديرات عدد السكان في كوريا الشمالية

وفقًا لأحدث الإحصائيات الرسمية المتاحة والتي غالبًا ما تعتمد على تقديرات أجرتها وكالات دولية، يبلغ عدد سكان كوريا الشمالية حوالي 25 مليون نسمة. هذا الرقم يبقى تقريبيًا، حيث لا تنشر الحكومة الكورية الشمالية بيانات رسمية محدثة بشكل شفاف ومنتظم. تشير التقديرات إلى أن الكثافة السكانية تتوزع بشكل متفاوت بين المناطق الحضرية والريفية، مع تركيز أكبر في العاصمة بيونغ يانغ والمناطق المحيطة بها.

التوزيع الجغرافي للسكان

تمتاز كوريا الشمالية بتوزيع سكاني غير متجانس، حيث يعيش نحو 60% من السكان في المناطق الحضرية، بينما يشكل السكان الريفيون حوالي 40%. تعتبر العاصمة بيونغ يانغ أكبر مدينة في البلاد من حيث عدد السكان، حيث يقطنها ما يقارب من 3 ملايين نسمة، وتضم مركز الحكم والسياسة والاقتصاد. المدن الأخرى مثل نيونغبوت، هامي، وناكسان تحمل أهمية اقتصادية وصناعية لكنها أقل سكانًا من العاصمة.

الخصائص الديموغرافية للسكان

معدل الولادة والخصوبة

تشير البيانات إلى أن معدل الولادة في كوريا الشمالية قد شهد تراجعًا نسبيًا في السنوات الأخيرة، حيث يبلغ معدل الخصوبة حوالي 1.9 مولود لكل امرأة، وهو معدل أقل من المعدل المطلوب للحفاظ على حجم السكان دون تناقص (2.1 مولود لكل امرأة). يعود هذا الانخفاض جزئيًا إلى السياسات الحكومية والظروف الاقتصادية الصعبة، إضافة إلى تأثير الحصار الدولي والعزلة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

معدل الوفيات ومتوسط العمر

متوسط العمر المتوقع في كوريا الشمالية يقدر بحوالي 72 عامًا، مع وجود فرق بسيط بين الذكور والإناث، حيث تعيش النساء مدة أطول من الرجال بعدة سنوات. أما معدل الوفيات، فهو يتأثر بالعوامل الصحية والاقتصادية، بما في ذلك نقص الغذاء والرعاية الصحية، مما يجعل نسبة الوفيات حديثة الولادة وأمراض معينة مرتفعة مقارنة بالدول المتقدمة.

التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية على النمو السكاني

النمو السكاني في كوريا الشمالية يتأثر بعدة عوامل اقتصادية واجتماعية مركبة، منها:

• الأزمة الغذائية في التسعينات: شهدت كوريا الشمالية في منتصف التسعينات أزمة غذائية حادة أدت إلى مجاعة واسعة النطاق أودت بحياة مئات الآلاف وربما الملايين، ما أثر بشكل مباشر على التركيبة السكانية للنمو، حيث انخفض معدل الولادات وارتفع معدل الوفيات.

• السياسات الحكومية: تعتمد الدولة على نظام صارم في تنظيم السكان، حيث تسيطر الدولة على معظم نواحي الحياة، مما يؤثر على سياسات السكان، مثل تنظيم الأسرة، التنقل، والعمل.

• العزلة الدولية: فرضت العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي قيودًا كبيرة على تطور البنية التحتية الصحية والتعليمية، ما ينعكس سلبًا على النمو السكاني وجودة الحياة.

التركيبة السكانية من حيث العمر والجنس

تنقسم التركيبة السكانية لكوريا الشمالية إلى شرائح عمرية متعددة، حيث تمثل الفئة العمرية تحت 15 سنة حوالي 22% من السكان، فيما تشكل الفئة العمرية بين 15 إلى 64 سنة حوالي 70%، بينما تتجاوز نسبة كبار السن فوق 65 عامًا حوالي 8%. هذا يشير إلى وجود نسبة شبابية كبيرة، لكنها أقل من المتوسط العالمي.

أما من حيث الجنس، فإن التوازن السكاني بين الذكور والإناث متقارب، مع وجود تفوق طفيف للذكور في بعض الفئات العمرية، وهو أمر معتاد في العديد من المجتمعات.

التحديات المرتبطة بالبيانات السكانية في كوريا الشمالية

واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الباحثين هي عدم توفر بيانات دقيقة وموثوقة من داخل البلاد، حيث تسيطر الحكومة على جميع مصادر المعلومات وتقدم بيانات رسمية متحفظة قد لا تعكس الواقع بدقة. إضافة إلى ذلك، تأثير عوامل مثل الهجرة غير الرسمية، خاصة إلى الصين، يزيد من صعوبة تقدير الأعداد الحقيقية للسكان.

مقارنة بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية من حيث السكان

لكل من كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية تباين كبير في عدد السكان، التطور الاقتصادي، ونوعية الحياة. بينما يبلغ عدد سكان كوريا الشمالية حوالي 25 مليون نسمة، تصل كوريا الجنوبية إلى نحو 52 مليون نسمة، مع كثافة سكانية أعلى بكثير في المدن الكبرى مثل سيول. يعود هذا الفارق إلى عوامل اقتصادية وسياسية مختلفة، حيث استطاعت كوريا الجنوبية تطوير بنية تحتية صحية وتعليمية أفضل مما ساعد في النمو السكاني وتحسين جودة الحياة.

تأثير الهجرة والنزوح على السكان

تعد ظاهرة الهجرة خارج كوريا الشمالية من أهم القضايا الديموغرافية التي تؤثر على عدد السكان وتركيبهم، خاصة الهجرة غير الشرعية إلى الصين ودول أخرى، والتي تقدر بعشرات الآلاف سنويًا. ويشمل ذلك فئات مختلفة من السكان، من الباحثين عن فرص اقتصادية إلى الفارين من الظروف السياسية الصعبة.

مستقبل عدد سكان كوريا الشمالية

يشير العلماء إلى أن النمو السكاني في كوريا الشمالية قد يشهد استقرارًا أو تباطؤًا خلال العقود القادمة بسبب انخفاض معدلات الخصوبة وزيادة معدلات الشيخوخة. قد يؤدي ذلك إلى تحديات ديموغرافية كبيرة تتعلق بالقوة العاملة والضغوط على النظام الصحي والاجتماعي.

جدول مقارنة إحصائية بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية (تقديرات 2025)

المراجع:

1. تقرير البنك الدولي، بيانات السكان لكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، 2023

2. منظمة الأمم المتحدة للسكان، تقديرات النمو السكاني العالمي، 2024

يغطي هذا المقال الصورة الكاملة لعدد سكان كوريا الشمالية، مع مراعاة التحديات التي تواجه جمع البيانات، والتغيرات الديموغرافية التي تؤثر على تركيبة السكان في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الخاصة بالبلاد.