عدد سكان سلطنة عمان 2024

عدد سكان عمان

تُعدّ سلطنة عمان إحدى الدول العربية ذات الطابع الجغرافي والتاريخي المميز في شبه الجزيرة العربية، حيث تتمتع بموقع استراتيجي يطل على بحر العرب والخليج العربي، وتحدها من الغرب المملكة العربية السعودية، ومن الشمال الإمارات العربية المتحدة، ومن الجنوب الجمهورية اليمنية. وتُشكّل الخصائص الديموغرافية لعمان مكونًا أساسيًا في فهم بنيتها الاجتماعية والاقتصادية، وتوفر البيانات السكانية إطارًا مرجعيًا ضروريًا لتخطيط السياسات العامة، واستراتيجيات التنمية المستدامة، وتوزيع الموارد. يُناقش هذا المقال عدد سكان عمان بمزيد من التفصيل، مع تحليل النمو السكاني، والتوزيع الجغرافي، والتركيبة السكانية، والخصائص الاجتماعية، والديموغرافية، وتقديرات النمو المستقبلية، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بالتركيبة السكانية.

التعداد السكاني لعمان 2024

وفقًا لآخر الإحصاءات الرسمية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في سلطنة عمان، بلغ عدد سكان السلطنة في عام 2024 ما يُقارب 4.660 مليون نسمة، وتُظهر هذه الأرقام تزايدًا طفيفًا بالمقارنة مع السنوات السابقة، مما يعكس استقرارًا نسبيًا في النمو السكاني خلال العقد الأخير. ويُلاحظ أن نسبة الذكور لا تزال أعلى من الإناث، ويُعزى ذلك إلى التركيبة السكانية الناتجة عن تدفّق العمالة الأجنبية، التي تمثل شريحة كبيرة من مجموع السكان الذكور.

تطور عدد السكان على مدى العقود

مرّ عدد سكان عمان بمراحل تطور واضحة، بدءًا من بداية القرن العشرين، حيث كانت السلطنة تعتمد على الاقتصاد التقليدي والمجتمع القبلي، مرورًا بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية التي بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي بعد بداية النهضة العمانية بقيادة السلطان قابوس بن سعيد، وصولًا إلى الوقت الحاضر حيث تبنّت الدولة خططًا استراتيجية تستهدف تنويع الاقتصاد والحد من الاعتماد على قطاع النفط.

يتضح من هذا الجدول أن أكبر معدلات النمو السكاني حدثت بين عامي 2010 و2020، وهو ما يرتبط بزيادة عدد الوافدين إلى السلطنة نتيجة المشاريع التنموية الكبرى. إلا أن التوجهات الحالية تشير إلى تباطؤ نسبي في معدل النمو، وهو ما يتماشى مع رؤية عمان 2040 الرامية إلى تحقيق التوازن السكاني وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة.

التوزيع الجغرافي للسكان

يتوزع السكان في سلطنة عمان بشكل غير متساوٍ، حيث تتركز الكثافة السكانية بشكل كبير في المناطق الساحلية الشمالية، ولا سيما في محافظة مسقط، العاصمة السياسية والإدارية والاقتصادية، تليها محافظة شمال الباطنة، ثم الداخلية، وظفار. أما المناطق الصحراوية والجبال الداخلية، مثل محافظة الوسطى وأجزاء من محافظة الظاهرة، فتشهد كثافة سكانية منخفضة.

• مسقط: تضم أكثر من 30% من إجمالي عدد السكان، وتعد الأكثر كثافة بسبب توافر الخدمات والوظائف.

• شمال الباطنة: تشتهر بأنها مركز صناعي وسكاني كبير، وتحتوي على العديد من المدن المهمة مثل صحار.

• ظفار: تقع في الجنوب، وتحتضن مدينة صلالة، وهي مركز سياحي وإداري رئيسي.

• الداخلية والشرقية: تحتضن مدنًا تاريخية وأسواقًا تقليدية، وتشكل ركيزة ثقافية مهمة.

ويُلاحظ أن التوسع العمراني والتنموي أدى إلى نشوء تجمعات سكانية جديدة في بعض المناطق الداخلية، إلا أن الطابع الجغرافي والمناخي لا يزال يؤثر على تفضيلات الاستيطان.

التركيبة السكانية: المواطنون والوافدون

تتميّز سلطنة عمان بتركيبة سكانية مختلطة، إذ يتكوّن السكان من المواطنين العمانيين الذين يشكلون حوالي 61% من إجمالي السكان، في حين يُمثل الوافدون النسبة المتبقية، وهي تتراوح ما بين 38% و40% حسب البيانات الرسمية لعام 2024.

المواطنون العمانيون:

• يبلغ عددهم حوالي 2.84 مليون نسمة.

• يتوزعون على مختلف محافظات السلطنة، ويشكلون الأغلبية في المناطق الداخلية والريفية.

• نسبة الشباب مرتفعة، حيث يُشكل الأفراد دون سن 30 عامًا أكثر من 60% من المواطنين.

المقيمون الأجانب:

• يقدر عددهم بحوالي 1.82 مليون نسمة.

• ينحدر معظمهم من جنوب آسيا (الهند، بنغلاديش، باكستان)، ويعملون في قطاعات البناء، الخدمات، التجارة، والزراعة.

• تتركز نسبتهم بشكل كبير في المناطق الحضرية، وخاصة في العاصمة مسقط.

هذا التوازن الديموغرافي المتغيّر بين المواطنين والوافدين يُعدّ أحد أهم التحديات التي تواجه التخطيط الاستراتيجي، لا سيما في ظل الجهود الحكومية الهادفة إلى التعمين وتوطين الوظائف.

الفئات العمرية والتركيب العمري

التركيب العمري في سلطنة عمان يُظهر مجتمعًا شابًا نسبيًا، وهو ما يترتب عليه طلب مرتفع على التعليم، والرعاية الصحية، وسوق العمل في المستقبل القريب. وتشير الإحصاءات إلى أن:

• الفئة العمرية من 0–14 سنة تمثل حوالي 30% من إجمالي السكان.

• الفئة العمرية من 15–64 سنة تُشكّل ما نسبته 65% تقريبًا.

• الفئة العمرية فوق 65 سنة تمثل فقط 5% من السكان.

هذا التوزيع ينعكس على السياسات العامة من حيث الاستثمار في التعليم والتدريب المهني، كما يشكل تحديًا من حيث الحاجة إلى توفير وظائف وفرص نمو اقتصادي تكافئ الزيادة في الداخلين إلى سوق العمل سنويًا.

النمو السكاني ومعدلات الخصوبة

تشير بيانات المركز الوطني للإحصاء إلى أن معدل الخصوبة في عمان يُقدر بـ2.7 طفل لكل امرأة، وهو ما يُعد أعلى من المتوسط العالمي (2.4 في 2024)، ولكنه أقل من المعدلات التي كانت سائدة في العقود الماضية (التي تجاوزت 5.0 في بعض الأحيان). ويُعزى هذا الانخفاض إلى زيادة معدلات التعليم، وتأخر سن الزواج، والتحول الحضري، وارتفاع كلفة المعيشة في المناطق الحضرية.

كما أن متوسط العمر المتوقع ارتفع ليصل إلى حوالي 78 عامًا، نتيجة لتحسّن البنية التحتية الصحية، وتوفر اللقاحات، والخدمات الطبية الحديثة، وبرامج الوقاية والتوعية الصحية.

التركيبة التعليمية ومستوى التحصيل

يُشكّل التعليم أحد المحاور الأساسية في رؤية سلطنة عمان 2040، حيث تُركّز الدولة على بناء رأس مال بشري مؤهل قادر على مواكبة التحولات التكنولوجية والعلمية في العصر الحديث. وتشير التقديرات السكانية إلى أن:

• نسبة الأمية بين العمانيين انخفضت إلى أقل من 4% في عام 2024.

• أكثر من 70% من السكان في الفئة العمرية بين 18 و35 عامًا حاصلون على تعليم ثانوي أو جامعي.

• تزايد أعداد الطلبة في التعليم العالي بنسبة 5% سنويًا، مع ازدياد ملحوظ في نسبة الإناث في مؤسسات التعليم العالي.

الهجرة الداخلية والخارجية

تعاني بعض المحافظات الداخلية من حركة نزوح سكاني نحو المناطق الساحلية، وخاصة العاصمة مسقط، بحثًا عن فرص العمل والتعليم والخدمات، ما أدى إلى تفاوت في التوزيع السكاني بين المحافظات. أما على الصعيد الدولي، فتسجّل سلطنة عمان معدل هجرة خارجي منخفض للمواطنين، في حين تُعدّ واحدة من الوجهات المفضّلة للعمالة الوافدة في الخليج.

التحديات والفرص في السياسة السكانية

تواجه سلطنة عمان تحديات سكانية تتطلب استجابة تخطيطية متقدمة، من أبرزها:

• الضغط على البنية التحتية: نتيجة تركز السكان في المناطق الحضرية.

• الاعتماد على الوافدين: في قطاعات حيوية قد تعيق جهود التعمين.

• تفاوت الخدمات بين المحافظات: ما يُعمّق الفجوة التنموية.

• البطالة بين الشباب: نتيجة الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق.

في المقابل، فإن هناك فرصًا واعدة يمكن استغلالها، مثل:

• الاستثمار في رأس المال البشري.

• توسيع المشاريع التنموية في المحافظات الأقل نموًا.

• تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة.

• إعادة هيكلة سوق العمل وتحسين بيئة الأعمال.

التوقعات المستقبلية لعدد السكان

بحسب التقديرات السكانية الرسمية، من المتوقع أن يصل عدد سكان سلطنة عمان إلى حوالي 5.1 مليون نسمة بحلول عام 2030، شريطة استمرار معدلات النمو الحالية دون تغيرات دراماتيكية. وتُشير معظم الدراسات إلى أن عدد السكان العمانيين سيواصل الارتفاع بثبات، بينما من المتوقع أن تنخفض نسبة الوافدين تدريجيًا في إطار سياسات التعمين.

الخاتمة

يمثل عدد السكان في سلطنة عمان عنصرًا حيويًا لفهم ملامح التحول الاقتصادي والاجتماعي، وتُظهر المؤشرات السكانية الحالية أن البلاد تسير في مسار واضح نحو تعزيز التوازن الديموغرافي، وتنمية الموارد البشرية، وتقليل الفوارق التنموية بين المحافظات. ومع استمرار تنفيذ سياسات التنمية المستدامة، تملك عمان الإمكانيات الكاملة لتحويل التحديات السكانية إلى فرص تُعزز من موقعها الإقليمي والدولي.

المراجع:

1. المركز الوطني للإحصاء والمعلومات – سلطنة عمان، الإحصائيات السكانية السنوية 2024.

2. رؤية عمان 2040 – وزارة الاقتصاد، التقرير الرسمي للتنمية البشرية والاجتماعية.