عدد سكان البحرين 2024

عدد سكان البحرين: نظرة ديموغرافية شاملة

تُعد مملكة البحرين من الدول الصغيرة جغرافيًا في منطقة الخليج العربي، إلا أنها تحتل مكانة بارزة من حيث التعداد السكاني، التنوع العرقي، والتغيرات السكانية المتسارعة التي شهدتها خلال العقود الأخيرة. ومع ازدياد الاهتمام بالجوانب السكانية في دراسات التنمية المستدامة، والاقتصاد، والتخطيط الحضري، فإن فهم البنية السكانية للبحرين يمثل مدخلاً مهمًا لرسم صورة دقيقة عن واقعها الحالي ومستقبلها المتوقع. يستعرض هذا المقال بشكل موسع التعداد السكاني لمملكة البحرين، ويحلل تركيبته، تطوراته، العوامل المؤثرة فيه، وتوزيعه الجغرافي والسكاني، مع الإشارة إلى أبرز الملامح التي تميز التركيبة السكانية للمملكة.

الموقع الجغرافي وتأثيره على السكان

تقع مملكة البحرين في الخليج العربي، وتُعد أرخبيلًا مكوّنًا من أكثر من 30 جزيرة، وتبلغ مساحتها حوالي 778 كيلومترًا مربعًا فقط، مما يجعلها واحدة من أصغر دول العالم من حيث المساحة. هذه الجغرافيا المحدودة شكلت ضغطًا ديموغرافيًا خاصًا على المملكة، حيث تواجه البحرين تحديات متزايدة في استيعاب الزيادة السكانية مقابل محدودية الموارد والمساحة.

التعداد السكاني العام: الأرقام الحديثة

وفقًا لأحدث التقديرات الرسمية الصادرة عن هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية في البحرين، فإن عدد سكان البحرين حتى منتصف عام 2024 قد بلغ حوالي 1.5 مليون نسمة، منهم ما يقرب من 48% من المواطنين البحرينيين، و52% من غير البحرينيين (الوافدين). وتعكس هذه الأرقام استمرار النهج الديموغرافي الذي تتسم به المملكة، وهو التوازن النسبي بين السكان المحليين والوافدين، مع ترجيح نسبي للوافدين في سنوات الطفرات الاقتصادية.

التطور التاريخي لعدد السكان

شهد عدد سكان البحرين تطورًا ملحوظًا منذ بداية القرن العشرين، حيث كان عدد السكان لا يتجاوز 100 ألف نسمة في أوائل الثلاثينيات. ومع اكتشاف النفط وتطور القطاعات الاقتصادية، وخاصة الخدمات المالية والنفطية واللوجستية، شهدت البلاد موجات هجرة كبيرة من مختلف الجنسيات. في السبعينيات، بلغ عدد السكان نحو 250 ألف نسمة، ثم تزايد الرقم تدريجيًا ليصل إلى حوالي 600 ألف في منتصف التسعينيات، وتخطى حاجز المليون مع بداية الألفية الجديدة. وفي السنوات العشر الأخيرة، استمر النمو السكاني بمعدل ثابت مدفوعًا بزيادة الوافدين.

معدل النمو السكاني

يُقدّر معدل النمو السكاني في البحرين بحوالي 1.8% سنويًا في المتوسط خلال العقد الأخير، وهو معدل يُعد مرتفعًا مقارنة بمعدلات النمو في العديد من الدول الأخرى. ويعود هذا الارتفاع إلى الهجرة الوافدة أكثر من النمو الطبيعي (الفرق بين المواليد والوفيات)، حيث تشكل العمالة الأجنبية نسبة كبيرة من الزيادة.

التركيبة السكانية: مواطنون ووافدون

تنقسم التركيبة السكانية في البحرين إلى قسمين رئيسيين:

• المواطنون البحرينيون: يشكلون نحو 720 ألف نسمة تقريبًا من إجمالي عدد السكان. ويتوزعون على مختلف محافظات المملكة، مع تركّز نسبي في العاصمة المنامة والمحافظة الشمالية.

• الوافدون والمقيمون: يشكلون أكثر من نصف السكان، ويأتون من دول آسيوية وعربية وأجنبية، وأبرز الجنسيات تأتي من الهند، باكستان، بنغلاديش، الفلبين، وسوريا ومصر.

التركيب العمري والنوعي

تتميز التركيبة العمرية لسكان البحرين بسمات فريدة، حيث تشكل الفئة العمرية من 25 إلى 54 عامًا النسبة الأكبر من السكان، بنسبة تفوق 55% من إجمالي السكان، ما يعكس وجود قاعدة عمالية نشطة. أما الفئة العمرية أقل من 15 عامًا فتشكّل حوالي 20%، في حين لا تتجاوز نسبة من هم فوق 65 عامًا نسبة 3% فقط.

وفيما يخص النوع الاجتماعي، فإن التوزيع غير متكافئ نوعًا ما بسبب التركيبة الوافدة، حيث يزيد عدد الذكور على الإناث، بنسبة تبلغ حوالي 62% ذكور مقابل 38% إناث، وهي ظاهرة ناتجة عن استقدام أعداد كبيرة من العمال الذكور دون أسرهم.

التوزيع الجغرافي للسكان

يتركّز سكان البحرين بشكل رئيسي في مناطق محددة، خاصةً في العاصمة المنامة، تليها المحافظة الشمالية والمحرق. وتشير الإحصائيات إلى أن ما يزيد على 85% من السكان يعيشون في المناطق الحضرية، في حين أن المناطق الريفية تمثل أقل من 15% من مجموع السكان. ويرجع هذا التركز إلى التنمية الحضرية والخدمات وفرص العمل المتوفرة في العاصمة وضواحيها.

جدول توضيحي لأبرز المؤشرات السكانية في البحرين (2024)

التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للتركيبة السكانية

أدت الزيادة في عدد السكان، وخاصة الوافدين، إلى تحولات اقتصادية واجتماعية في البحرين. فعلى الصعيد الاقتصادي، أسهم العمال الأجانب في دعم مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، إلا أن ذلك أوجد تحديات تتعلق بسوق العمل، وفرص التوظيف للمواطنين، إضافة إلى الضغوط على البنية التحتية، والإسكان، والنقل، والخدمات الصحية والتعليمية.

أما اجتماعيًا، فقد أدت هذه التركيبة المتنوعة إلى حالة من التنوع الثقافي واللغوي، لكنه يتطلب سياسات تكاملية لضمان الاستقرار الاجتماعي والحفاظ على الهوية الوطنية.

التحديات المستقبلية المرتبطة بالنمو السكاني

1. توفير الخدمات الأساسية: يتطلب استمرار النمو السكاني زيادة في مرافق الصحة والتعليم والسكن.

2. تخطيط حضري مستدام: بسبب محدودية الأراضي، تحتاج البحرين إلى استراتيجيات تطوير عمراني عالية الكفاءة.

3. الإدارة الديموغرافية: توازن العلاقة بين العمالة الوافدة والمواطنين مسألة تتطلب سياسات دقيقة لمنع الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية.

4. التحديات البيئية: الزيادة السكانية تؤثر على استهلاك الموارد المائية والطاقة، وهي عناصر نادرة في المملكة.

السياسات الحكومية في إدارة السكان

تبنت حكومة البحرين مجموعة من السياسات لمواكبة التغيرات السكانية، مثل تطوير قاعدة بيانات سكانية دقيقة من خلال هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية، وتوسيع نطاق الإسكان الاجتماعي، وتحسين جودة الرعاية الصحية، وإعادة هيكلة سوق العمل من خلال برامج بحرنة الوظائف. كما أن هناك توجهًا نحو تحقيق توازن سكاني مستدام عبر ضبط استقدام العمالة وتنظيم سوق العمل.

المقارنة السكانية إقليميًا

عند مقارنة البحرين بجيرانها في الخليج، نجد أنها الدولة الأكثر كثافة سكانية مقارنة بمساحتها، وتتميز بنسبة مرتفعة من الوافدين مقارنة بعدد المواطنين. فعلى سبيل المثال، تشكل نسبة الوافدين في الإمارات وقطر أكثر من 85%، بينما في البحرين النسبة أقل، ما يعكس نهجًا أكثر توازنًا في سياسات التوطين والاستقدام.

الخلاصة الديموغرافية

إن عدد سكان البحرين اليوم يعكس تطورًا سريعًا وتحولاً سكانيًا مهمًا في بنية المجتمع البحريني، مدفوعًا بالتغيرات الاقتصادية والهجرات المتزايدة منذ عقود. ومع التحديات التي تفرضها هذه التركيبة، تبرز أهمية التخطيط السكاني طويل الأمد، لضمان استدامة الموارد، وتوفير فرص العمل، وتحقيق الاندماج الاجتماعي في مجتمع متعدد الثقافات. وتُعد مملكة البحرين نموذجًا حيًا للدول الخليجية التي تسعى لتحقيق توازن بين الحفاظ على هويتها الوطنية ومواكبة متطلبات العصر من انفتاح اقتصادي وتنوع سكاني.

المصادر:

1. هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية – مملكة البحرين: www.data.gov.bh

2. World Population Review – Bahrain Population 2024: www.worldpopulationreview.com