عدد ساعات نوم القطط

عدد ساعات نوم القطط، أسباب كثرة النوم عند القطط، دورة النوم عند القطط، النوم العميق والخفيف، تغيرات النوم عبر مراحل العمر

يُعد النوم أحد الجوانب الأساسية في حياة القطط، بل من أبرز ما يميز سلوكها اليومي. على عكس الإنسان الذي يحتاج عادة ما بين 7 إلى 8 ساعات من النوم يوميًا، فإن القطط قد تنام لساعات طويلة تفوق ذلك بكثير، مما يثير دهشة العديد من مالكي الحيوانات الأليفة. لكن هذه الظاهرة ليست عشوائية أو غير مبررة، بل ترتبط بعوامل بيولوجية وسلوكية وبيئية عميقة. لا يمكن فهم نمط النوم عند القطط إلا من خلال تحليل شامل يتضمن دورة نومها، الفروق بين النوم العميق والخفيف، تأثير العمر والنشاط، ودور الوراثة في تحديد احتياجها للنوم.

هذا المقال يستعرض بشكل معمّق الجوانب المختلفة لساعات نوم القطط، بدءًا من الأسباب البيولوجية، ومرورًا بالتحولات السلوكية، وصولًا إلى الأبعاد البيئية والاجتماعية التي تؤثر على سلوك النوم لدى هذا الكائن الغامض والمثير للاهتمام.

عدد ساعات نوم القطط: نظرة عامة

تنتمي القطط إلى فصيلة السنوريات التي تُعرف بسلوكياتها الليلية والصيد في الفجر والغسق، وهي طبيعتها البيولوجية التي ورثتها من أسلافها البرية. غالبًا ما تنام القطط المنزلية ما بين 12 إلى 16 ساعة في اليوم، وقد تصل في بعض الحالات إلى 20 ساعة خاصة عند القطط الصغيرة أو المسنّة.

هذا المعدل المرتفع لا يدل على الكسل، بل هو انعكاس لحاجة فسيولوجية طبيعية تساعدها في الحفاظ على الطاقة للقيام بأنشطتها اليومية، وخصوصًا الصيد الذي يتطلب قدرًا كبيرًا من التركيز والطاقة في البيئة البرية.

جدول يوضح متوسط عدد ساعات نوم القطط حسب العمر

دورة النوم عند القطط

تشبه دورة النوم عند القطط إلى حد ما الدورة التي يمر بها الإنسان، لكنها تختلف من حيث التكرار والمدة. تمر القطة بمراحل متكررة من:

• النوم الخفيف (Light Sleep): تستغرق هذه المرحلة نحو 15 إلى 30 دقيقة، وتكون فيها القطة مستلقية مع إمكانية تحرك الأذنين أو الذيل بسرعة عند سماع أي صوت. هذا النوع من النوم يكون خفيفًا يسمح للقطة بالبقاء في حالة يقظة شبه دائمة تحسبًا لأي تهديد محتمل.

• النوم العميق (Deep Sleep): تستغرق عادة 5 إلى 10 دقائق فقط لكل دورة، وتدخل فيها القطة في حالة استرخاء تام مع بطء التنفس وارتخاء كامل للعضلات. في هذه المرحلة، يُعتقد أن القطط تختبر أحلامًا مشابهة لتلك التي تحدث عند البشر، وغالبًا ما تظهر حركات في الشارب أو الأرجل أو حتى أصوات خفيفة.

تتكرر هذه الدورات بشكل متناوب خلال ساعات النوم، ما يعني أن النوم عند القطط ليس متواصلاً بل موزعًا على فترات قصيرة وطويلة على مدار اليوم والليل.

لماذا تنام القطط كثيرًا؟

تتعدد الأسباب التي تجعل القطط تنام لفترات طويلة، ومنها:

1. الحفاظ على الطاقة

في الطبيعة، كانت القطط بحاجة إلى توفير الطاقة للصيد، الذي يتطلب تركيزًا عاليًا وجهدًا بدنيًا كبيرًا في وقت قصير. رغم أن القطط المنزلية لم تعد تصطاد من أجل الغذاء، إلا أن هذا السلوك غريزي لم يتغير.

2. النشاط الليلي

تُعد القطط من الحيوانات الليلية، مما يعني أنها تنشط في الفترات التي يقل فيها الضوء، كالفجر والغسق، وبالتالي فهي تستغل فترات النهار للنوم.

3. النمو والتطور

القطط الصغيرة تمر بفترات نوم طويلة جدًا تصل إلى 20 ساعة يوميًا، إذ يُعد النوم جزءًا أساسيًا من عملية النمو، حيث يُفرز خلاله هرمون النمو وتتشكل الوصلات العصبية في الدماغ.

4. العمر

مع التقدم في السن، تميل القطط إلى قضاء وقت أطول في النوم، نتيجة لتراجع النشاط البدني وزيادة الحاجة إلى الراحة. كما أن بعض القطط المسنّة قد تعاني من حالات صحية تجعلها تنام أكثر.

5. الطقس

تزداد ساعات النوم عند القطط خلال الأيام الباردة أو الممطرة، وذلك بسبب تأثير الطقس على مستويات النشاط والطاقة. تميل القطط إلى الانطواء والدفء خلال الأجواء الباردة، مما يزيد من حاجتها للنوم.

6. الملل وقلة التحفيز

في البيئات المنزلية، حيث لا توجد تحديات أو محفزات كافية، قد تنام القطط لساعات إضافية بسبب الملل، وليس نتيجة لحاجة بيولوجية فعلية.

الفرق بين النوم الطبيعي والنوم المفرط

رغم أن النوم الطويل يُعد طبيعيًا عند القطط، إلا أن هناك حالات يصبح فيها النوم مفرطًا ويدل على مشكلات صحية. من أبرز علامات النوم المرضي:

• قلة النشاط حتى في فترات اليقظة

• عدم التفاعل مع الأصوات أو الأشخاص المحيطين

• فقدان الشهية أو زيادة مفرطة فيها

• تغير في أنماط استخدام صندوق الفضلات

في هذه الحالات، يُنصح بمراجعة الطبيب البيطري لتحديد السبب.

التغيرات في أنماط النوم عبر مراحل الحياة

يتغير نمط نوم القطة حسب المرحلة العمرية كما يلي:

مرحلة الولادة وحتى 3 شهور:

تنام القطط الصغيرة في هذه المرحلة ما بين 18 إلى 20 ساعة يوميًا. النوم ضروري لتطور الجهاز العصبي والجهاز المناعي.

من 3 شهور إلى عام:

تبدأ القطط بتقليص ساعات النوم تدريجيًا، لكنها تظل تنام أكثر من القطط البالغة، مع فترات لعب ونشاط متقطعة.

مرحلة البلوغ (من عام إلى 7 أعوام):

تستقر ساعات النوم في حدود 12 إلى 16 ساعة يوميًا. تعتمد هذه الفترة على نمط حياة القطة، ونوع السلالة، ومستوى النشاط المتوفر في البيئة المحيطة.

ما بعد السبع سنوات:

تزداد ساعات النوم مجددًا، وتصبح أكثر عمقًا، وغالبًا ما تظهر علامات النوم المتكرر نهارًا وليلاً. تحتاج القطة المسنّة إلى بيئة هادئة ومريحة لتسهيل النوم الصحي.

النوم عند القطط المنزلية مقارنة بالقطط البرية

القطط البرية تُظهر نمط نوم مشابه، لكنها تقضي وقتًا أطول في حالة التأهب بسبب الحاجة للبقاء على قيد الحياة في بيئات غير آمنة. القطط المنزلية، في المقابل، تتمتع بأمان نسبي، مما يسمح لها بالدخول في مراحل نوم أعمق وأكثر راحة.

ومع ذلك، فإن غريزة التأهب لا تزال موجودة، حيث يمكن ملاحظة أن القطط حتى أثناء نومها تستجيب بسرعة لأي صوت أو حركة، خصوصًا في المرحلة الخفيفة من النوم.

تأثير البيئة المحيطة على نوم القطط

تلعب البيئة المنزلية دورًا كبيرًا في نوعية وعدد ساعات النوم عند القطط. تتأثر القطة بعوامل مثل:

• الضوء والظلام: كثرة الإضاءة قد تقلل من جودة النوم.

• الضوضاء: الأصوات المفاجئة والمستمرة تؤثر على عمق النوم وتقلل من دوراته المتكررة.

• درجة الحرارة: القطط تفضل درجات الحرارة الدافئة للنوم، لذلك تميل إلى اختيار أماكن النوم بعناية.

• الروتين اليومي لصاحب القطة: القطط تتأقلم مع ساعات نوم واستيقاظ صاحبها، وقد تغير نمطها تدريجيًا بناءً على ذلك.

السلالات والاختلافات الفردية

توجد فروقات في عدد ساعات النوم بين السلالات المختلفة. على سبيل المثال:

• القطط من نوع الماين كون تميل إلى النوم لعدد ساعات أقل مقارنة بغيرها، لأنها أكثر نشاطًا وفضولاً.

• أما القطط الفارسية (البرشيان) فهي معروفة بحبها للنوم لساعات طويلة، وقد يصل معدل نومها إلى 18 ساعة يوميًا.

حتى داخل السلالة الواحدة، يمكن أن تختلف ساعات النوم حسب الشخصية الفردية للقطة ومستوى نشاطها البدني والذهني.

النوم كعلامة على الراحة النفسية

النوم الجيد عند القطط لا يدل فقط على الصحة الجسدية، بل يعتبر أيضًا مؤشراً على الراحة النفسية والشعور بالأمان. القطة التي تشعر بالأمان تنام وهي ممددة بالكامل على ظهرها أو جانبها، بعكس القطة المتوترة التي تنام بوضعية الجلوس أو الانكماش.

هذا السلوك يُعد مؤشراً مهماً لصحة القطة النفسية والعاطفية، وهو ما يجب على المربين الانتباه إليه.

الخلاصة

نوم القطط ظاهرة معقدة ومتعددة الأبعاد، تتأثر بعوامل بيولوجية، نفسية، بيئية واجتماعية. الفهم الدقيق لساعات نوم القطط يساعد في تحسين جودة حياتها وضمان صحتها النفسية والبدنية. مع العلم أن النوم الطويل بحد ذاته ليس مصدر قلق إلا إذا ترافق مع علامات سلوكية أو جسدية غير معتادة.

المراجع

1. Veterinary Centers of America (VCA). “Why Do Cats Sleep So Much?” [VCAhospitals.com]

2. Cornell University College of Veterinary Medicine. “Understanding Feline Behavior: Sleep Patterns.”