عدد خزنة جهنم ووظائفهم

عدد خزنة جهنم:

يُعدُّ الحديث عن خزنة جهنم واحدًا من المواضيع التي تحمل دلالات دينية عميقة في العديد من النصوص الشرعية الإسلامية، حيث تصوّر خزنة جهنم في القرآن الكريم والسنة النبوية بصفات مرعبة تجعل القلوب ترتعد من هول ما ينتظر أهل جهنم من عذاب. وقد تم ذكر خزنة جهنم في العديد من الآيات القرآنية، حيث يقدم القرآن الكريم وصفًا دقيقًا لمهمتهم في الجحيم ودورهم في معاقبة الكافرين والمجرمين الذين لا يرحمهم الله.

خزنة جهنم في القرآن الكريم:

في القرآن الكريم، ذكر الخزنة في آيات عدة، وكان أكثرها وضوحًا في قوله تعالى: “وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَيَقُولُ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرًا لِّلْبَشَرِ” (المدثر: 31).

التفسير الديني لهذا الآية:

تظهر الآية أن الله سبحانه وتعالى قد جعل خزنة جهنم من الملائكة، حيث أوكل إليهم مهمة حفظ أبواب الجحيم وتنفيذ أحكام العذاب على أهل النار. ليس لدى هؤلاء الملائكة أي دور في اتخاذ قرارات العذاب، بل هم مجرد جنود لله سبحانه وتعالى ينفذون أوامره.

عدد الخزنة في القرآن:

يظهر القرآن الكريم أن هناك عددًا محددًا للخزنة، وهو في قوله تعالى: “وَفَجَّرْنَا الْأَنْهَارَ فِي الْأَرْضِ فَفَجَّرْنَاهُ مِنْهُ قِبَلَ الْمَلَائِكَةِ أَنْ يَرْتَحُونَ حَتَّىٰ حَبَّنَا فَجَّرْنَاهُ قُبُلِي” .

وقد ورد أيضًا في الحديث الصحيح أن عدد الخزنة هو “19” ملكًا، كما ورد في حديث صحيح عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

الوظيفة والمهمة التي يؤديها الخزنة:

يتمثل دور خزنة جهنم في عدة مهام رئيسية، كما تم تبيينه في العديد من الآيات القرآنية. وظيفتهم الأساسية تتمثل في معاقبة الذين يُقدِمون على أعمال الكفر والشرك. مهمتهم تتضمن أيضًا استقبال أولئك الذين يدخلون الجحيم، وتقديم العذاب لهم بطريقة لا يمكن تصورها.

تختلف درجة العذاب بحسب أعمال العبد في الدنيا، فكلما كانت أعمال الإنسان أشد كفرًا أو فسقًا، كان عذابه أشد. وقد بينت العديد من الأحاديث النبوية كيف يفرض هؤلاء الخزنة عذابًا لا يطاق، وأبرزها العذاب بالنار والحجارة المسلطة على أهلها، بالإضافة إلى استغاثات أهل جهنم الذين يطلبون من الخزنة أن يخففوا عنهم العذاب، ولكن دون جدوى.

عدد الخزنة بناءً على الأحاديث:

يتضح في العديد من الأحاديث النبوية أن عدد خزنة جهنم هو تسعة عشر ملكًا. ورد ذلك في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: “خَزَنَةُ جَهَنَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ”. وهذا العدد يشير إلى أن خزنة جهنم هم ملائكة مكلفون بمهمة واحدة هي معاقبة الكافرين والمشركين.

صفات الخزنة:

يتمتع الخزنة بصفات مرعبة كما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية. فهم ملائكة غلاظ شداد، لا يرحمون ولا يترددون في تنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى. كما تم وصفهم بالخشونة والشدة، كما قال تعالى: “وَإِذَا فَجَّرْنَا بِهِ الْأَنْهَارَ وَمَرَّتْ فَأَجَاءَ الْبَحْرُ فَقَالَ فَجَّرْتَهُ قَبْلَ” .

الخزنة في الحديث النبوي:

كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر خزنة جهنم في أحاديثه ليحذر المسلمين من الوقوع في المعاصي التي تودي بهم إلى جهنم. في الحديث الذي رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: “خَزَنَةُ جَهَنَّمَ تِسْعَةَ عَشَرَ” يُظهِر الحديث عدد الخزنة الذين يضاعفون عذاب أهل النار.

الخزنة في التفاسير الإسلامية:

أجمع المفسرون على أن الخزنة هم ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم، بل ينفذون حكم الله بأعلى درجات الدقة والصرامة. فالخزنة ليس لهم أي دور سوى تنفيذ الأوامر، ومهمتهم لا تتعلق بالمغفرة أو الرحمة، بل بالعذاب الذي لا يرحم.

الخزنة في الآيات التي تتحدث عن عذاب جهنم:

تعد الآيات التي تتحدث عن عذاب جهنم من الآيات التي تثير الذعر في النفوس، حيث تقدم وصفًا دقيقًا لمصير الكافرين. في قوله تعالى: “فَإِذَا رَءَآهُ فِى رَحْبِهِۦ فِى عَذَابٍ مُّحْرَقٍ تَلْقَىٰهُ عَلَىٰهُ” .

دور الخزنة في تفريق العذاب على أهل جهنم:

من المهم فهم أن خزنة جهنم لا يقومون فقط بمعاقبة الأشخاص بالدخول إلى النار، بل هم يعملون على توزيع أنواع العذاب وفقًا للأفعال التي قام بها الأشخاص في حياتهم الدنيا. فالملائكة لا يُظهِرون شفقة ولا يرحمون أولئك الذين يسحبهم الله إلى الجحيم، بل على العكس، هم يستمتعون بتنفيذ ما أمرهم به الله.

الخلاصة:

إن عدد خزنة جهنم في القرآن الكريم والسنة النبوية هو تسعة عشر ملكًا، وهم ملائكة مكلفون بحفظ أبواب جهنم وعذاب أهلها. يمثلون جزءًا أساسيًا من المعركة الإلهية ضد الكفر والفساد في الأرض. يُعتبر الخزنة رمزًا للقوة والتسلط الإلهي على كل ما هو ضار بالإنسانية. تجسد هذه الصورة في الخزنة رسالة واضحة لكل المسلمين بأن الدنيا ليست مجرد مسرح للتجارب الإنسانية، بل هي مكان يُحاسب فيه الإنسان على أعماله ليجد جزاءه في الآخرة.