عدد الملكيات في العالم

كم مملكة في العالم: دراسة حول الأنظمة الملكية في العصر الحديث

منذ العصور القديمة، كانت الملكية أحد الأنظمة السياسية التي سادت في العديد من مناطق العالم، حيث استمر هذا النظام في العديد من الدول حتى يومنا هذا. ورغم أن الأنظمة الملكية شهدت تغييرات عديدة طوال التاريخ، إلا أن الملكيات ما زالت قائمة في بعض البلدان، حيث يُعتبر الملك أو الملكة رمزًا للوحدة الوطنية والتراث الثقافي. في هذا المقال، سنقوم بدراسة الأنظمة الملكية في العصر الحديث ونحاول الإجابة على سؤال “كم مملكة في العالم؟”، مع تسليط الضوء على الوضع الحالي للملكية في الدول المختلفة.

تاريخ النظام الملكي

بدأت الملكيات في العصور القديمة كأشكال من الحكم المطلق، حيث كان الملك هو الشخص الذي يمتلك السلطة الكاملة على البلاد والشعب. كان ينظر إلى الملك على أنه ممثل للآلهة أو الألهة نفسها، مما منحه شرعية قوية في حكمه. في العديد من الحالات، كانت الملكية تتوارث عبر الأجيال، حيث يُنتقل الحكم من الأب إلى الابن أو الأقارب من نفس العائلة.

ومع مرور الوقت، شهدت الأنظمة الملكية تحولات كبيرة. في أوروبا، على سبيل المثال، بدأت الأنظمة الملكية تتغير نحو النظام الدستوري في القرن التاسع عشر، حيث تم تقييد سلطات الملك من خلال الدساتير والبرلمانات. في المقابل، تم التخلص من العديد من الملكيات في الدول التي شهدت تحولات سياسية كبرى، مثل الثورات الكبرى والحروب العالمية.

الملكيات الدستورية والملكية المطلقة

يجب التفرقة بين نوعين رئيسيين من الملكيات التي توجد في العالم اليوم: الملكيات الدستورية والملكية المطلقة.

1. الملكية الدستورية:
   في الملكيات الدستورية، يكون الملك عادة هو رأس الدولة ولكنه لا يمارس السلطة التنفيذية أو التشريعية بشكل مباشر. بدلاً من ذلك، غالبًا ما تكون هذه السلطات مخصصة للحكومة المنتخبة أو البرلمان. في العديد من الدول الملكية الدستورية، يتم تحديد دور الملك في الدستور، ويُعتبر الملك مجرد رمز للوحدة الوطنية، ولا يتدخل بشكل فعال في الشؤون اليومية للحكومة. من أبرز الأمثلة على ذلك المملكة المتحدة، حيث يتمتع الملك بتقدير واسع من الشعب، ولكن السلطة الحقيقية تقع في يد رئيس الوزراء.

2. الملكية المطلقة:
   في الملكيات المطلقة، يكون الملك هو الحاكم المطلق، الذي يمتلك السلطة العليا على جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد. في العصر الحديث، تُعتبر الملكية المطلقة نادرة جدًا، ولكن بعض البلدان لا تزال تحتفظ بالنظام الملكي المطلق، حيث يُعتبر الملك الحاكم الأوحد الذي لا ينازعه أحد في السلطة. من الأمثلة على ذلك المملكة العربية السعودية، حيث يتمتع الملك بسلطات واسعة في جميع شؤون البلاد.

الملكيات في العالم اليوم

اليوم، تُعد الملكية نظامًا نادرًا في العالم مقارنة بالأنظمة الجمهورية أو البرلمانية التي سادت في معظم الدول. رغم ذلك، لا تزال العديد من البلدان تحتفظ بأنظمة ملكية، ولكن بتفاوت كبير في سلطات الملك. حسب التقارير الحديثة، هناك حوالي 44 دولة في العالم تحتفظ بنظام ملكي، تنقسم إلى الملكيات الدستورية والملكية المطلقة، إضافة إلى بعض الملكيات التي لا تندرج تحت أي من هذه التصنيفات.

الملكيات الدستورية

العديد من الملكيات في العالم اليوم هي ملكيات دستورية، حيث لا يتمتع الملك سوى بمكانة رمزية في البلاد. من أبرز هذه الملكيات:

1. المملكة المتحدة: تُعتبر المملكة المتحدة واحدة من أشهر الملكيات الدستورية في العالم، حيث يعد الملك أو الملكة رمزا للوحدة الوطنية. رغم أن الملكة إليزابيث الثانية توفيت عام 2022، إلا أن المملكة ما زالت تحتفظ بنفس النظام الملكي الدستوري، ويمارس رئيس الوزراء السلطة التنفيذية.

2. السويد: يتمتع ملك السويد بمكانة رمزية، في حين أن الحكومة المنتخبة هي التي تقوم بتولي مهام الحكم الفعلي. الملك هو رئيس الدولة في السويد، ولكن دوره بشكل رئيسي يشمل تمثيل البلاد في المناسبات الرسمية.

3. اليابان: يعد الإمبراطور الياباني رمزًا للوحدة القومية ولا يمتلك سلطات تنفيذية حقيقية. منذ الحرب العالمية الثانية، تم تعديل الدستور الياباني ليُحصر دور الإمبراطور في مهام رمزية فقط.

4. إسبانيا: يمتلك ملك إسبانيا منصبًا رمزيًا، لكن السلطة الفعلية تُمارس من خلال الحكومة الإسبانية المنتخبة.

5. الدنمارك: تُعتبر الملكة مارجريت الثانية رمزا للدولة، في حين أن البرلمان الدنماركي هو الذي يحدد السياسة العامة للبلاد.

الملكيات المطلقة

في المقابل، توجد بعض البلدان التي تحتفظ بالملكية المطلقة أو التي تُمارس فيها الملكية سلطات واسعة. من هذه البلدان:

1. المملكة العربية السعودية: تعد المملكة العربية السعودية واحدة من أبرز الأمثلة على الملكية المطلقة في العصر الحديث. الملك السعودي يمتلك سلطات تنفيذية وتشريعية واسعة، وهو الذي يتخذ القرارات الكبرى في البلاد.

2. سوازيلاند (إسواتيني الآن): كانت سوازيلاند واحدة من آخر الأنظمة الملكية المطلقة في العالم قبل أن تغير اسمها إلى إسواتيني في عام 2018. يحتفظ الملك في إسواتيني بسلطات واسعة في الحكومة، ويُعتبر الحاكم المطلق.

3. سلطنة عمان: رغم أن سلطنة عمان تتمتع بنظام سياسي يوازن بين الملكية والشورى، إلا أن السلطان العماني يمارس سلطات تنفيذية كبيرة داخل الحكومة.

4. مملكة البحرين: في البحرين، الملك هو رأس الدولة ويشارك في عملية اتخاذ القرارات السياسية الكبرى، على الرغم من أن هناك مجلسًا منتخبًا له بعض الصلاحيات.

ملكيات أخرى

إضافة إلى الملكيات الدستورية والمطلقة، هناك بعض الدول التي تتمتع بنظام ملكي غير تقليدي أو يمارس فيها الملك دورًا أقل وضوحًا:

1. تيمور الشرقية: رغم أن تيمور الشرقية تعتبر جمهورية في الأساس، إلا أن لديها ملكية تقليدية تمثل دورًا رمزيًا في بعض جوانب الحياة السياسية.

2. ليختنشتاين: في ليختنشتاين، لا يتمتع الأمير بسلطات تنفيذية كبيرة، ولكنه يحظى بسلطة مرموقة ويمثل رمزًا للبلاد.

الخلاصة

الأنظمة الملكية في العصر الحديث متنوعة للغاية، وتتراوح بين الملكيات الدستورية التي لا تمتلك سلطات سياسية حقيقية والملكيات المطلقة التي يمنح فيها الملك سلطات واسعة. ورغم أن الملكية لم تعد تشكل النظام السياسي السائد في معظم دول العالم، إلا أن هناك العديد من البلدان التي لا تزال تحتفظ بتقاليد ملكية تُعد رمزية في معظم الأحيان. في المجمل، يمكننا القول إن هناك حوالي 44 دولة في العالم تحتفظ بنظام ملكي، وإن كان هذا النظام يختلف بشكل كبير من دولة لأخرى حسب التاريخ والظروف السياسية.