مفهوم الغيوم السمحاقية: التعريف والخصائص والتأثيرات البيئية
الغيوم السمحاقية تعد واحدة من أبرز أنواع الغيوم التي يمكن ملاحظتها في السماء، وهي تتمتع بخصائص معينة تميزها عن غيرها من أنواع الغيوم، سواء من حيث شكلها، أو تكوينها، أو الأثر الذي تتركه في النظام البيئي والمناخي. سوف نتناول في هذا المقال مفهوم الغيوم السمحاقية، أبرز خصائصها، مراحل تكوّنها، بالإضافة إلى تأثيراتها على الطقس والمناخ.
تعريف الغيوم السمحاقية
الغيوم السمحاقية هي نوع من الغيوم المرتفعة التي تتواجد في طبقات الجو العليا. تَكون هذه الغيوم في الغالب رقيقة جدًا، وتتمتع بكثافة منخفضة. يتراوح ارتفاعها عادة بين 6,000 إلى 12,000 متر فوق سطح البحر، وقد تصل في بعض الأحيان إلى ارتفاعات أكبر. تتكون الغيوم السمحاقية من بلورات الثلج الصغيرة، مما يجعلها تظهر غالبًا كطبقة من الغيوم الرقيقة التي تغطي السماء بألوان فاتحة، وغالبًا ما تكون بيضاء أو رمادية باهتة.
من الناحية العلمية، يمكن تصنيف الغيوم السمحاقية ضمن فئة “الغيوم العالية”، وهي واحدة من أربعة أنواع رئيسية للغيوم بناءً على الارتفاع. ومن بين الغيوم العالية، تُعد السمحاقية من الأنواع الأكثر شيوعًا والتي يتم التعرف عليها بسهولة بسبب سماتها المميزة.
خصائص الغيوم السمحاقية
تتميز الغيوم السمحاقية بعدد من الخصائص التي تجعلها تبرز مقارنةً بأنواع الغيوم الأخرى:
-
الارتفاع الكبير:
كما ذُكر سابقًا، توجد الغيوم السمحاقية على ارتفاعات تتراوح عادة بين 6,000 إلى 12,000 متر. هذا الارتفاع يجعلها من الغيوم التي تصعب ملاحظتها من الأرض مقارنة بالغيوم الأقرب إلى السطح، ولكنها لا تزال تظهر بشكل واضح في السماء بسبب مظهرها الرقيق والنقي. -
التكوين من بلورات الثلج:
تتكون الغيوم السمحاقية من بلورات الثلج، وهي تتشكل في طبقات الجو الباردة جدًا. وبالتالي، فهي لا تحتوي على قطرات ماء سائلة كما في بعض أنواع الغيوم الأخرى. بلورات الثلج الصغيرة التي تتكون منها هذه الغيوم تتسبب في أن تكون شفافة إلى حد ما، مما يسمح بمرور الضوء من خلالها. -
الرقة والشفافية:
من أبرز خصائص الغيوم السمحاقية هي رقتها، فهي لا تَشغل معظم السماء، بل تكون غالبًا غطاءً رقيقًا يمر الضوء من خلاله، مما يمنح السماء مظهرًا ضبابيًا خفيفًا. في بعض الأحيان، قد يبدو أن هذه الغيوم تغطي السماء بالكامل، ولكنها في الواقع مجرد طبقة رقيقة من بلورات الثلج المتناثرة. -
اللون الساطع:
يظهر هذا النوع من الغيوم عادة باللون الأبيض الساطع خلال النهار، خاصة عندما تكون أشعة الشمس تضيء بلورات الثلج التي تتكون منها. في الأوقات التي يغرب فيها الشمس أو عند الغروب، قد يظهر السمحاق بألوان وردية أو ذهبية جميلة نتيجة لانكسار الضوء من خلال بلورات الثلج. -
التأثير على الطقس:
غالبًا ما تكون الغيوم السمحاقية مؤشرًا على طقس معتدل أو استقرار جوي، فهي لا تحمل عادة الأمطار أو العواصف الممطرة كما في أنواع أخرى من الغيوم مثل السحب الركامية. في بعض الأحيان، قد تؤدي السحب السمحاقية إلى انخفاض تدريجي في درجات الحرارة بسبب الحجب الجزئي لأشعة الشمس.
كيف تتكون الغيوم السمحاقية؟
تتكون الغيوم السمحاقية في طبقات الجو العليا عندما تكون درجة الحرارة في تلك الارتفاعات منخفضة بما يكفي لتجمد بخار الماء وتحويله إلى بلورات ثلجية صغيرة. وعادة ما تتكون هذه الغيوم في المناطق التي تشهد تيارات هوائية صاعدة بطيئة، مما يسمح بتكثف بخار الماء وتجمده على هذه الارتفاعات.
الغيوم السمحاقية هي جزء من دورة المياه في الغلاف الجوي، حيث يتحول بخار الماء إلى جليد أو ثلج نتيجة لدرجات الحرارة الباردة في الطبقات العليا من الغلاف الجوي. مع مرور الوقت، تتجمع هذه البلورات وتشكّل الغيوم السمحاقية.
أنواع الغيوم السمحاقية
الغيوم السمحاقية يمكن تصنيفها إلى عدة أنواع فرعية بناءً على شكلها وتركيبها. أهم هذه الأنواع تشمل:
-
السمحاق السحابي:
هو النوع الذي يتكون من طبقات رقيقة للغاية من بلورات الثلج، ويكون مظهره مشابهًا للضباب في السماء. هذا النوع من السمحاق قد يشير أحيانًا إلى أن الطقس سيكون غير مستقر أو أنه قد يصاحبه تغيرات في الطقس خلال الأيام القادمة. -
السمحاق الركامي:
يتكون هذا النوع من الغيوم السمحاقية في شكل قطع متفرقة من الغيوم التي قد تبدو وكأنها عائمة في السماء. في بعض الأحيان قد يتشكل السمحاق الركامي على شكل قوس مميز أو حزمة من الغيوم التي تميز السماء خلال فترات انتقالية بين فصول السنة. -
السمحاق الشعاعي:
يظهر هذا النوع من السحب السمحاقية في شكل خطوط أو شرائط تمتد عبر السماء. وتُلاحظ هذه الغيوم بشكل شائع في المناطق ذات الرياح القوية التي تعمل على تشتت بلورات الثلج في مسارات متوازية، مما يخلق أنماطًا شعاعية.
تأثير الغيوم السمحاقية على الطقس والمناخ
في حين أن الغيوم السمحاقية لا تتسبب في هطول الأمطار بشكل عام، إلا أن لها تأثيرات على الطقس والمناخ بطرق غير مباشرة. على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر هذه الغيوم على درجة الحرارة السطحية للأرض. عندما تغطي السحب السمحاقية السماء، فإنها تحجب أشعة الشمس، مما يؤدي إلى انخفاض مؤقت في درجات الحرارة في المناطق تحت السحب.
من ناحية أخرى، يمكن أن تؤثر الغيوم السمحاقية على الرؤية الجوية. حيث إن طبقاتها الرقيقة قد تعيق وضوح الرؤية للأجهزة المستخدمة في الطيران أو الملاحة البحرية، خاصة إذا كانت تحتوي على جزيئات أو بلورات ثلجية تنتشر بشكل غير متساوٍ. هذه السحب قد تكون أيضًا مؤشراً على تغييرات في الظروف الجوية، مثل احتمال اقتراب منخفض جوي أو تأثير تيارات هوائية معينة.
الغيوم السمحاقية ودورة المياه
تلعب الغيوم السمحاقية دورًا مهمًا في دورة المياه. فهي جزء من عملية تبخر بخار الماء وتكثفه، حيث تساهم في تجميع الرطوبة في الطبقات العليا من الغلاف الجوي. ورغم أن الغيوم السمحاقية نفسها لا تسبب هطول الأمطار بشكل مباشر، إلا أنها تُعتبر علامة على وجود رطوبة في الغلاف الجوي، وقد تسهم في تشكيل أنواع أخرى من الغيوم التي قد تؤدي إلى هطول الأمطار في وقت لاحق.
الخلاصة
الغيوم السمحاقية هي نوع مميز من الغيوم تتسم بالرقة والارتفاع الكبير، وتتمتع بخصائص فريدة تجعلها تبرز بين أنواع الغيوم الأخرى. رغم أنها غالبًا ما تكون غير مصحوبة بالأمطار، إلا أن لها تأثيرات واضحة على الطقس والمناخ، سواء من خلال التأثير على درجة الحرارة أو من خلال دورها في دورة المياه.
