هشاشة العظام: الأعراض والوقاية

هشاشة العظام: الأعراض والوقاية

تعتبر هشاشة العظام من الأمراض الشائعة التي تؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم، وخصوصًا كبار السن. إذ يُعد هذا المرض من أكثر الحالات التي قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح. في هذا المقال، سنتناول تفصيلًا كل ما يتعلق بهشاشة العظام بدءًا من أسبابها، الأعراض المصاحبة لها، وكيفية الوقاية منها وطرق العلاج المتاحة.

ما هي هشاشة العظام؟

هشاشة العظام هي حالة مرضية تتميز بانخفاض كثافة العظام وضعف هيكلها، مما يؤدي إلى زيادة هشاشتها وارتفاع احتمالية تعرضها للكسر. تُعد العظام في الحالة الطبيعية قوية بما يكفي لتحمل أوزان الجسم والأنشطة اليومية. ومع تقدم العمر، قد تتراكم تغيرات في تركيب العظام، وتصبح العظام أكثر هشاشة وضعفًا. يُطلق على هشاشة العظام أيضًا اسم “مرض العظام الصامت”، وذلك لأن أعراضها قد لا تظهر بشكل واضح إلا بعد حدوث كسر أو إصابة.

أسباب هشاشة العظام

تتعدد الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة بهشاشة العظام، ويمكن تقسيمها إلى عوامل وراثية وأخرى بيئية ونمطية:

1. العوامل الوراثية: هناك بعض العوامل الجينية التي يمكن أن تسهم في زيادة خطر الإصابة بهشاشة العظام، مثل تاريخ العائلة من الإصابة بالمرض. فإذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من هشاشة العظام، فإن احتمال إصابتك بالمرض يزداد.

2. نقص الكالسيوم: يعد الكالسيوم من العناصر الأساسية التي تساهم في تقوية العظام. نقصه المستمر في النظام الغذائي يؤدي إلى ضعف العظام وزيادة تعرضها للكسور.

3. التغيرات الهرمونية: التغيرات في مستويات الهرمونات مثل الإستروجين في النساء بعد سن اليأس، وهرمون التستوستيرون في الرجال مع تقدم العمر، يمكن أن تؤدي إلى تقليل كثافة العظام وزيادة خطر هشاشتها.

4. قلة النشاط البدني: يؤدي نقص النشاط البدني، خاصة تمارين المقاومة أو رفع الأثقال، إلى ضعف العظام، حيث لا تُحفز العظام على النمو والتقوية كما هو الحال مع النشاط البدني المنتظم.

5. المرض والتدخين: بعض الأمراض مثل الأمراض الالتهابية المزمنة (مثل التهاب المفاصل الروماتويدي) أو اضطرابات الغدة الدرقية قد تسهم في هشاشة العظام. كما أن التدخين يساهم بشكل كبير في تقليل كثافة العظام.

6. استخدام بعض الأدوية: بعض الأدوية التي تُستخدم لعلاج الحالات الطبية الأخرى قد تسهم في زيادة خطر هشاشة العظام، مثل الكورتيكوستيرويدات (الستيرويدات) التي تُستخدم لعلاج التهاب المفاصل والربو.

الأعراض المصاحبة لهشاشة العظام

في العديد من الحالات، قد لا تظهر أعراض هشاشة العظام حتى حدوث كسر. ولكن هناك بعض الأعراض التي قد تشير إلى ضعف العظام، مثل:

• آلام الظهر: قد يشعر الشخص بألم مزمن في الظهر نتيجة كسور أو ضغط على العمود الفقري بسبب الهشاشة.

• الانحناء: قد يلاحظ المصاب تغيرًا في وضعه الطبيعي، مثل انحناء الظهر إلى الأمام (التحدب)، نتيجة انهيار الفقرات الضعيفة.

• الكسور المتكررة: الأشخاص المصابون بهشاشة العظام قد يعانون من كسور بسيطة حتى عند التعرض لإصابات طفيفة أو سقوط بسيط.

• فقدان الطول: قد يفقد المصاب بعض الطول بسبب كسور الفقرات وتقلصها.

تشخيص هشاشة العظام

لتشخيص هشاشة العظام، يقوم الأطباء عادة بعدد من الفحوصات، أهمها:

• اختبار كثافة العظام (DEXA): هذا الاختبار هو الأكثر دقة لتحديد كثافة العظام وتحديد مدى هشاشتها. يُعتبر هذا الفحص هو المعتمد لتشخيص هشاشة العظام.

• فحص الأشعة السينية: في حالة حدوث كسر في العظام، يتم استخدام الأشعة السينية للكشف عن المكان ونوع الكسر.

الوقاية من هشاشة العظام

لحسن الحظ، يمكن الوقاية من هشاشة العظام باتباع بعض الخطوات البسيطة التي تساهم في تقوية العظام والحفاظ على كثافتها طوال العمر. إليك أبرز الطرق الفعّالة في الوقاية:

1. التغذية السليمة:

   • الكالسيوم: يُعد الكالسيوم العنصر الأهم في بناء العظام، ويجب الحصول عليه من الأطعمة مثل الحليب، واللبن، والجبن، والخضروات الورقية مثل السبانخ، والبروكلي. أيضًا يمكن تناول مكملات الكالسيوم إذا لزم الأمر.

   • فيتامين د: يساعد فيتامين د في امتصاص الكالسيوم من الطعام، ويُعتبر ضروريًا للحفاظ على صحة العظام. يمكن الحصول عليه من التعرض لأشعة الشمس أو تناول الأطعمة مثل السمك الدهني (السلمون، التونة)، صفار البيض، والحليب المدعّم.

2. النشاط البدني المنتظم:

   • يُعد التمرين الرياضي أحد أهم وسائل الوقاية من هشاشة العظام. تمارين رفع الأثقال، مثل حمل الأوزان أو تمرينات مقاومة الجسم، تساعد في زيادة كثافة العظام.

   • التمارين الهوائية مثل المشي، الجري، أو ركوب الدراجة، تحفز العظام وتحسن من قوتها.

3. الإقلاع عن التدخين وتقليل استهلاك الكحول:

   • التدخين والكحول يؤثران سلبًا على كثافة العظام، ويزيدان من خطر الإصابة بالكسور. لذا يُنصح بالإقلاع عن التدخين والحد من تناول المشروبات الكحولية.

4. فحص كثافة العظام بشكل دوري:

   • يُنصح الأشخاص الذين يتعرضون لمخاطر عالية بالإصابة بهشاشة العظام، مثل النساء بعد سن اليأس أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض هرمونية أو يتناولون أدوية تؤثر على العظام، بإجراء فحوصات دورية لقياس كثافة العظام.

العلاج والعناية بهشاشة العظام

لا يمكن علاج هشاشة العظام بشكل كامل، لكن توجد العديد من الطرق التي يمكن من خلالها الحد من تدهور الحالة وتقليل المخاطر المرتبطة بها:

1. الأدوية:

   • هناك عدة أدوية معتمدة للمساعدة في تقوية العظام ومنع فقدان الكثافة، مثل “البايفوسفونيت” الذي يُقلل من امتصاص العظام ويُحسن من كثافتها.

   • الهرمونات: يمكن استخدام العلاج الهرموني في بعض الحالات، خاصة للنساء في سن اليأس الذين يعانون من نقص في الإستروجين.

2. العلاج الطبيعي:

   • يساعد العلاج الطبيعي في تقوية العضلات المحيطة بالعظام وزيادة المرونة، مما يُقلل من خطر الإصابة بالكسور.

3. الجراحة:

   • في الحالات المتقدمة التي يتعرض فيها الشخص لكسور متكررة أو شديدة، قد يُلجأ إلى الجراحة لتركيب بعض الأجهزة المساعدة في تقوية العظام أو علاج الكسور.

الختام

هشاشة العظام هي مرض تدريجي يمكن أن يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة، ولكنه قابل للوقاية والعلاج عند اكتشافه في وقت مبكر. من خلال اتباع نمط حياة صحي يتضمن التغذية السليمة، ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والإقلاع عن العوامل السلبية مثل التدخين والكحول، يمكن تقليل خطر الإصابة بهذا المرض. كما أن التشخيص المبكر والعلاج المناسب يلعبان دورًا حاسمًا في تحسين حياة المرضى.