يبدو أنك تشير إلى مصطلح “Market (edible)” ضمن سياق “Garbage picking” أو جمع الطعام المهمل. هذا المصطلح يعكس ظاهرة اجتماعية واقتصادية حيث يقوم بعض الأشخاص، المعروفين بالـ “فريغان” (Freegan)، بجمع الطعام المهمل الذي لا يزال صالحًا للأكل من النفايات أو من أماكن أخرى تعتبر غير تقليدية للحصول على الطعام. وبالتالي، لا يبدو أنه يشير إلى نوع من الفاكهة، بل إلى ممارسة اجتماعية ترتبط بالاستدامة وتقليل الفاقد الغذائي. سأكتب مقالًا حول هذا الموضوع بشكل علمي يناقش ظاهرة الـ “فريغان” وأثرها على البيئة والمجتمع، وكيف ترتبط بالاستدامة.
ظاهرة الـ “فريغان” وتأثيرها على الاستدامة والبيئة
في ظل التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه العالم اليوم، أصبح من الضروري البحث عن طرق مبتكرة للتعامل مع قضايا الفاقد الغذائي والتلوث الناتج عن النفايات. ومن بين الظواهر التي ظهرت في هذا السياق هي ظاهرة الـ “فريغان” أو “Freeganism”، التي تعتمد على جمع الطعام المهمل أو الملقى في القمامة والذي لا يزال صالحًا للأكل. تعتبر هذه الظاهرة جزءًا من حركة أكبر تسعى إلى تقليل الفاقد الغذائي وتعزيز الاستدامة.
ما هو الـ “فريغان”؟
كلمة “فريغان” هي مزيج بين كلمتين: “Free” (مجاني) و “Vegan” (نباتي)، لكنها لا تعني بالضرورة أن الشخص فريغان يجب أن يكون نباتيًا. بل تشير إلى فلسفة حياة ترتكز على تجنب الاستهلاك المفرط واستهلاك الموارد بشكل غير ضروري. يقوم الأشخاص الذين يتبعون هذه الفلسفة بالبحث عن الطعام الذي تم التخلص منه بسبب انتهائه من صلاحيته التجارية أو بسبب عدم بيعه في الأسواق، رغم أنه قد يكون صالحًا تمامًا للاستهلاك.
أسباب انتشار ظاهرة الـ “فريغان”
انتشرت هذه الظاهرة في العديد من البلدان حول العالم لأسباب متعددة، أبرزها:
-
الاستدامة البيئية: يميل العديد من الفريغان إلى تجنب الإسهام في الهدر الغذائي الذي يساهم في تزايد كميات النفايات. تشير الدراسات إلى أن كميات ضخمة من الطعام يتم التخلص منها كل يوم في جميع أنحاء العالم، حتى لو كان لا يزال صالحًا للاستهلاك.
-
التقليل من البصمة البيئية: الفريغان يؤمنون بأن تقليل الاستهلاك واستخدام الموارد بشكل حكيم يمكن أن يساعد في تقليل التأثيرات البيئية السلبية. يعتبر جمع الطعام المهمل جزءًا من التوجه الأوسع نحو تقليل النفايات في المجتمع.
-
رفض النظام الرأسمالي: بعض الأشخاص يتبنون هذه الفلسفة كنوع من الاحتجاج ضد النظام الرأسمالي واستهلاكه المفرط. يعتقدون أن ثقافة الاستهلاك المفرط تؤدي إلى تدمير البيئة وتفاقم الفوارق الاقتصادية والاجتماعية.
-
التوفير الاقتصادي: بالإضافة إلى الأبعاد البيئية والفلسفية، يعتبر جمع الطعام المهمل وسيلة لتوفير المال. كثير من الفريغان يعتقدون أن الطعام المهمل يمكن أن يكون بديلاً فعالاً للطعام الذي يتم شراؤه من الأسواق بأسعار مرتفعة.
آثار ظاهرة الفريغان على البيئة
الفريغان يعتبرون أنفسهم جزءًا من الحل البيئي، إذ أن هناك فوائد متعددة لظاهرة جمع الطعام المهمل:
-
تقليل الفاقد الغذائي: حسب الدراسات، يُقدر أن حوالي ثلث الطعام المنتج في العالم يُهدر ولا يتم استهلاكه. من خلال جمع الطعام المهمل، يمكن تقليل هذا الفاقد بشكل كبير.
-
الحد من النفايات: معظم الطعام المهمل ينتهي في مكبات النفايات، مما يساهم في تزايد كميات النفايات العضوية. يمكن للفريغان المساهمة في تقليل هذه الكميات، وبالتالي تقليل الضغط على مدافن النفايات.
-
التقليل من استخدام الموارد: الفريغان يساهمون في تقليل الحاجة إلى إنتاج المزيد من الطعام واستهلاك المزيد من الموارد الطبيعية مثل المياه والطاقة اللازمة لزراعة ونقل الطعام.
الجوانب الاجتماعية والاقتصادية لظاهرة الفريغان
رغم أن الظاهرة تركز بشكل أساسي على البيئة، فإن لها تأثيرات اجتماعية واقتصادية أيضًا:
-
تعزيز التوعية حول الفقر الغذائي: العديد من الفريغان يعتبرون أن الجمع من القمامة يمكن أن يكون وسيلة لزيادة الوعي بشأن الفقر الغذائي في العالم. يشيرون إلى أن هناك العديد من الأشخاص في جميع أنحاء العالم يعانون من الجوع في حين أن كميات ضخمة من الطعام يتم التخلص منها يوميًا.
-
البحث عن بدائل للاستهلاك التقليدي: يعكس الفريغانون رفضهم للاستهلاك المفرط، ويحثون المجتمع على إعادة التفكير في أسلوب حياتهم واستهلاكهم. يرون أن الاستهلاك المستدام يجب أن يكون بديلاً عن الاستهلاك الذي يعتمد على المواد القابلة للتلف بشكل سريع.
-
دعم المجتمعات المحلية: بعض الفريغان يتعاونون مع المنظمات غير الحكومية والمجتمعات المحلية لتوزيع الطعام الذي تم جمعه على الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليه. يعتبرون أن هذه الممارسة تساعد في تقليل الفوارق الاجتماعية من خلال توفير الطعام للأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل تكاليفه.
التحديات القانونية والأخلاقية
رغم الفوائد المحتملة لظاهرة الفريغان، فإنها تواجه العديد من التحديات القانونية والأخلاقية:
-
القوانين المحلية: في العديد من الأماكن، يعتبر جمع الطعام المهمل من القمامة غير قانوني. يمكن أن يعرض الفريغان أنفسهم للمسائلة القانونية بتهمة السرقة أو التطفل على الممتلكات الخاصة.
-
القضايا الصحية: بالرغم من أن الطعام المهمل قد يبدو صالحًا للأكل، إلا أن جمعه من أماكن غير مراقبة قد يعرض الشخص لمخاطر صحية. قد يكون الطعام ملوثًا أو قد يحمل مخاطر صحية غير مرئية.
-
الاعتماد على النفايات: بعض النقاد يرون أن ظاهرة الفريغان قد تعزز ثقافة “اعتماد” الأشخاص على النفايات بدلاً من معالجة مشاكل الفقر بشكل جذري.
الخلاصة
ظاهرة الفريغان تمثل تحديًا حقيقيًا للأنماط الاستهلاكية الحالية، حيث تسلط الضوء على مشكلة الهدر الغذائي وتدعو إلى التفكير في أساليب حياة أكثر استدامة. رغم أن هذه الظاهرة قد تواجه تحديات قانونية وصحية، فإنها تثير اهتمامًا عالميًا حول كيفية تحسين طرق إدارة النفايات والحد من الاستهلاك المفرط. في النهاية، تكمن أهمية هذه الحركة في تسليط الضوء على القضايا البيئية والاجتماعية التي يجب أن يتم معالجتها من قبل المجتمع ككل لضمان استدامة بيئية وحياة أفضل للأجيال القادمة.
المصادر والمراجع:
- Garbage Picking – Wikipedia
- “The Freegan movement: Saving the planet one trash heap at a time.” – The Guardian