طريقة غسل الميت بالتفصيل: خطوات وآداب الغسل الشرعي

يُعد غسل الميت من أهم الأعمال الشرعية التي يجب على المسلمين إتمامها بعد وفاة الإنسان، فهو فرض كفاية على المسلمين، حيث يندرج تحت التكريم والتبجيل للميت، وهو شرط لصحة الصلاة عليه والدفن. لذلك ينبغي التعرف على طريقة غسل الميت بشكل صحيح وفقًا للشريعة الإسلامية، مع مراعاة السنن والآداب المتبعة في هذا الأمر.

يهدف غسل الميت إلى تطهير جسده من النجاسات وإزالة ما تبقى من آثار الدنيا عليه، ويُعتبر هذا العمل عبادة عظيمة وحِفاظًا على كرامة الميت. يختلف غسل الميت عن الوضوء أو الغسل الشخصي للأحياء، لما له من ضوابط وآداب خاصة يجب الالتزام بها لضمان صحة الغسل ومراعاة التعاليم الإسلامية.

الأحكام الشرعية المتعلقة بغسل الميت

الغسل واجب على المسلم الذي مات، سواء كان رجلاً أو امرأة، صغيرًا أو كبيرًا، حرًا أو عبدًا، لأن الميت يصبح في حالة نجاسة شرعية تستوجب التطهير بالماء الطاهر. كما يجب أن يتم الغسل من قبل أشخاص عدول موثوقين، يُفضل أن يكونوا من أهل بيت الميت أو أقربائه، وفي حالة عدم وجودهم يمكن للمسلمين عمومًا أداء هذا الفرض.

يُشترط في غسل الميت عدة شروط لضمان صحته ومنها:

• أن يكون الماء طاهرًا وطاهرًا شرعًا.

• أن يغسل الميت جميع بدنه، مع مراعاة الفرج والنواحي الخاصة.

• أن يتم الغسل بطريقة صحيحة تسير على سنن النبي صلى الله عليه وسلم.

• مراعاة ستر العورة وعدم تعريض جسد الميت لأكثر مما ينبغي.

الأدوات اللازمة لغسل الميت

لأداء الغسل بطريقة صحيحة، هناك أدوات أساسية يجب توفرها:

1. ماء طهور (ماء نظيف) لا يجوز استعمال ماء مستعمل أو ملوث.

2. صابون أو سدر (يفضل السدر لسنن النبي صلى الله عليه وسلم).

3. مسح أو إسفنجة ناعمة للتنظيف.

4. منشفة أو قماش نظيف للتجفيف.

5. عُدّة للستر بعد الغسل (كالكفن).

خطوات غسل الميت بالتفصيل

1. الاستعداد للغسل

يبدأ الغاسل بتحضير المكان الذي سيُغسل فيه الميت، ويجب أن يكون مكانًا نظيفًا وهادئًا بعيدًا عن الأنظار، ويحضر كافة الأدوات اللازمة. يُستحب أن يبدأ بالغسل بالتسمية والدعاء وقراءة آيات من القرآن الكريم بنية التقرب إلى الله سبحانه وتعالى.

2. وضع الميت في مكان الغسل

توضع الجثة على طاولة أو سطح مرتفع، بحيث يسهل الوصول إلى جميع أجزاء الجسم، مع وضع شيء يمتص الماء تحت الجسد لتفادي تجمع المياه على الأرض. يراعى أن تكون اليدين والقدمين مفرودتين قليلاً ليستطيع الغاسل تنظيفها بسهولة.

3. الاغتسال الأول: التطهير المبدئي

• يُبدأ بغسل اليدين، ثم الوجه، وذلك لتنظيف ما قد يكون عالقًا من أوساخ أو نجاسات.

• يُغسل الفرج جيدًا؛ لأن الميت يخرج منه نجاسات، ويجب تنظيفه بالماء والصابون أو السدر.

• يُغسل اليدين والقدمين جيدًا بالماء والصابون.

• ثم يُغسل الرأس ثلاث مرات، مع تمشيط الشعر وتنظيف الأذنين والرقبة.

• يُغسل الجسد كاملاً بالماء والصابون أو السدر، مع الحرص على فرك الجلد بلطف لإزالة الدم أو الأوساخ.

4. الغسل الثاني: الغسل الكامل

يُغسل الميت بالماء فقط، ويُشترط أن يغطي الماء جميع أجزاء الجسم، وهذا الغسل يكون بشكل متكرر حتى يتأكد الغاسل من طهارة الميت. يُفضّل أن يكون الماء دافئًا لتسهيل إزالة الأوساخ والدماء، مع مراعاة عدم تعريض الميت لتيارات هوائية قوية.

5. الغسل الثالث: السنة والختام

يُعاد غسل الميت مرة ثالثة مع السدر، حيث تُعتبر هذه السنة النبوية التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم، ويمكن الاستغناء عن السدر في حالة عدم توفره والاكتفاء بالصابون الطاهر. بعد الانتهاء من الغسل، يُمسح الجسد جيدًا بالمنشفة النظيفة، ويُلف في كفن مناسب.

آداب وخصائص غسل الميت

• يجب التزام الخشوع والتدبر أثناء الغسل، لأن هذا العمل يُعد تكريمًا للميت.

• يفضل أن يتحدث الغاسلون بكلام حسن وذكر الله أثناء الغسل.

• تجنب الفرح أو الحزن المبالغ فيه، والحفاظ على وقار الموقف.

• يُستحب أن يتم الغسل في أسرع وقت ممكن بعد الوفاة، لأن التأخير لا يجوز إلا لضرورة شرعية.

• في حالة وجود جروح أو دماء كثيرة، يجب إزالة الأوساخ أولاً ومن ثم غسل الجسد، مع المحافظة على احترام جسد الميت.

• عند غسل النساء يجب حضور نساء للمساعدة، واحترام الخصوصية والحياء.

فروق غسل الميت للرجل والمرأة

• لا فرق في طريقة الغسل الأساسية بين الرجل والمرأة، لكن يُراعى ستر العورة حسب جنس الميت.

• عند غسل المرأة، يفضل حضور نساء فقط للقيام بالغسل.

• في بعض الحالات التي تحتاج تدخلاً طبيًا كالحمل أو الولادة، يجب الاهتمام بغسل الأعضاء الخاصة بعناية أكبر.

تحريم التصرفات الخاطئة في غسل الميت

• لا يجوز تعمد الإضرار بجسد الميت أثناء الغسل.

• تجنب غسل الميت بمواد غير طاهرة أو خلط الماء بالنجاسات.

• عدم كشف الجسد بشكل مخل، مع الحفاظ على ستر الميت.

• الامتناع عن رفع الصوت أو السخرية أثناء عملية الغسل.

كُفَن الميت وأهميته بعد الغسل

بعد الانتهاء من غسل الميت وتجفيفه، يُلف في الكفن الشرعي الذي يختلف حسب المذهب الفقهي، ويكون عادة من قماش أبيض نقي. يُراعى أن يكون الكفن بسيطًا وغير مكلف، كما يُشترط أن يغطى جميع الجسد بالكامل، مع ترك الفم والأنف مفتوحين قليلاً لسهولة التنفس في الحياة البرزخية.

جدول يوضح مراحل غسل الميت

أهمية غسل الميت في الإسلام

يغسل المسلمون موتاهم احترامًا لهم وللحفاظ على طهارة الجسد، وهو عمل يليق بالمروءة والإنسانية، كما أنه شرط لصحة الصلاة على الميت، فبدون غسل لا تصح الصلاة عليه ولا يجوز دفنه. الغسل هو أحد الأركان الأساسية في رعاية الميت قبل دفنه، ويترافق معه دعاء الرحمة والمغفرة له، مما يعكس حسن المعاملة مع الإنسان بعد وفاته.

في النهاية، غسل الميت واجب شرعي لا يُغفَل عنه في الإسلام، يتطلب الحرص والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة لضمان إتمامه بصورة صحيحة تليق بمكانة الميت وكرامته. اتباع الخطوات الشرعية والآداب المتعلقة به يعكس التزام المسلم بأوامر دينه وبالاحترام الواجب تجاه الميت وأسرته.

المصادر:

• كتاب “الفقه الإسلامي وأدلته”، د. وهبة الزحيلي

• “الفتاوى الإسلامية الكبرى”، اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء