تركيبات الأسنان: تعريفها، أنواعها، وعيوبها

مقدمة

تمثل تركيبات الأسنان أحد الإنجازات المحورية في مجال طب الأسنان التعويضي، حيث تمكّن من استعادة الشكل والوظيفة الجمالية والميكانيكية للأسنان المفقودة أو المتضررة. تلعب هذه التركيبات دورًا هامًا في تحسين جودة الحياة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الأسنان، سواء نتيجة التسوس الحاد، أو الحوادث، أو الأمراض المزمنة التي تؤثر على بنية الفم والفك. في العقود الأخيرة، شهدت تركيبات الأسنان تطورًا كبيرًا في التقنيات والمواد المستخدمة، مما ساعد في تحقيق نتائج دقيقة ومظهر طبيعي أقرب ما يكون للأسنان الأصلية.

يتناول هذا المقال تعريف تركيبات الأسنان، أنواعها المختلفة، الفروق الدقيقة بينها، الفوائد العلاجية والتجميلية التي تقدمها، وأهم العيوب والمضاعفات المحتملة التي قد تواجه المرضى، وذلك بالاعتماد على مراجع طبية معتمدة ومعايير الجودة المعمول بها عالميًا.

تعريف تركيبات الأسنان

تركيبات الأسنان هي أجهزة أو بدائل صناعية تستخدم لتعويض الأسنان المفقودة أو التالفة أو لتعزيز الشكل والوظيفة الجمالية للأسنان المتبقية. يمكن أن تكون هذه التركيبات ثابتة أو متحركة، مؤقتة أو دائمة، وتُصنع من مواد مختلفة مثل السيراميك، الزيركون، البورسلين، أو المعدن المغلف بالسيراميك. ويعتمد اختيار نوع التركيبة على الحالة السريرية للمريض، وعدد الأسنان المتأثرة، وصحة اللثة والعظام الداعمة.

أهمية تركيبات الأسنان

تتعدى أهمية تركيبات الأسنان الجوانب الجمالية، فهي ضرورية للحفاظ على الصحة الفموية والوظائف الحيوية للفك والأسنان، ومن أبرز هذه الفوائد:

• تحسين النطق والمضغ: تساعد التركيبة على استعادة القدرة على المضغ بشكل سليم والنطق الواضح للكلمات، خصوصًا في حالة فقدان الأسنان الأمامية.

• الحفاظ على بنية الفك: غياب الأسنان لفترات طويلة قد يؤدي إلى امتصاص العظم، ولكن التركيبات تساهم في تقليل هذا الامتصاص عبر دعمها للعظام والأنسجة المحيطة.

• تحسين المظهر العام للوجه: الأسنان تلعب دورًا هامًا في دعم عضلات الوجه، وعند فقدانها يحدث ترهل في الجلد، مما يغير ملامح الوجه، وهو ما تعالجه التركيبات.

• منع تحرك الأسنان المجاورة: الأسنان تميل للتحرك نحو الفراغات الناتجة عن فقدان الأسنان، مما يسبب اختلالات في الإطباق وتشوه في ترتيب الأسنان، وهو ما تعالجه التركيبات بدورها.

أنواع تركيبات الأسنان

تختلف تركيبات الأسنان بحسب طبيعة استخدامها، ومكانها في الفم، وعدد الأسنان المتأثرة، وتُقسم بشكل رئيسي إلى نوعين:

أولًا: التركيبات الثابتة

1. التيجان (Crowns)

التيجان هي أغطية تغلف السن المتضرر بالكامل وتُستخدم لتقوية الأسنان التي تعرضت للتسوس العميق أو الكسر. تُصنع عادة من البورسلين أو الزيركون أو خليط من المعدن والسيراميك. تُركّب التيجان بعد تجهيز السن وإزالة الأجزاء التالفة، وتتميز بمتانتها ومظهرها الطبيعي.

2. الجسور (Bridges)

الجسر هو تركيبة ثابتة تُستخدم لتعويض سن أو أكثر مفقودة عبر تثبيتها على الأسنان المجاورة للفراغ. يتكون الجسر من سن صناعية وسطية تُعرف باسم “السن التعويضية” وتُثبت على تاجين مثبتين على الأسنان الطبيعية المجاورة. تتطلب هذه الطريقة برد الأسنان المجاورة لتثبيت التاج.

3. التركيبات الثابتة على الزرعات (Implant-Supported Fixed Prosthesis)

وهي تركيبات تُركب على زراعة الأسنان المعدنية المغروسة في عظم الفك. تُعد هذه الطريقة من أكثر التركيبات الثابتة تطورًا وثباتًا وتُستخدم لتعويض سن واحدة أو أكثر أو حتى فك كامل. تمتاز بعمرها الطويل ومتانتها العالية.

ثانيًا: التركيبات المتحركة

1. الأطقم الجزئية المتحركة (Removable Partial Dentures)

تُستخدم هذه التركيبات لتعويض عدد محدود من الأسنان المفقودة، وتُثبت في الفم باستخدام مشابك معدنية تُمسك بالأسنان المجاورة. تصنع عادة من الأكريليك أو المعدن مع واجهات تجميلية.

2. الأطقم الكاملة المتحركة (Complete Dentures)

تُستخدم عندما يكون المريض قد فقد جميع أسنانه في الفك العلوي أو السفلي. تُصنع من مادة الأكريليك وتُثبت على اللثة. تحتاج الأطقم الكاملة إلى توافق مثالي مع اللثة لتحقيق الثبات عند الاستخدام.

3. الأطقم المتحركة المدعومة بالزرعات (Implant-Supported Overdentures)

وهي تركيبات متحركة تُثبّت فوق زرعات مغروسة في عظم الفك لتوفير دعم وثبات أكبر من الأطقم التقليدية. تجمع بين ميزة الثبات وسهولة الإزالة والتنظيف.

المواد المستخدمة في تصنيع تركيبات الأسنان

يُختار نوع المادة حسب موقع السن، والمتانة المطلوبة، والاعتبارات التجميلية. تشمل المواد الأكثر استخدامًا:

عيوب تركيبات الأسنان

بالرغم من الفوائد العديدة لتركيبات الأسنان، إلا أن هناك بعض العيوب والمخاطر التي يجب على المرضى إدراكها قبل اتخاذ قرار العلاج:

1. تآكل أو تلف التركيبات

مع مرور الوقت، قد تتآكل التركيبات أو تتعرض للكسر، خاصة في حالة التركيبات المصنوعة من البورسلين أو الأكريليك، ما يستلزم استبدالها أو إصلاحها.

2. الحاجة إلى برد الأسنان السليمة

في بعض الحالات، مثل الجسور، يتطلب الأمر برد الأسنان المجاورة للسن المفقود لتثبيت التاج، مما قد يضعف هذه الأسنان على المدى البعيد.

3. التهابات اللثة أو تقرحات الفم

قد يعاني بعض المرضى من التهابات في اللثة أو ظهور تقرحات ناتجة عن سوء ملائمة التركيبة، خاصة في التركيبات المتحركة، مما يسبب شعورًا بعدم الراحة وصعوبة في التحدث أو المضغ.

4. الحساسية من المواد

بعض الأشخاص قد يكون لديهم حساسية تجاه بعض المواد المستخدمة في التركيبات مثل النيكل أو الأكريليك، وهو ما يتطلب اختيار مواد بديلة مناسبة.

5. ضعف الثبات

تواجه التركيبات المتحركة تحديات في الثبات، خاصة الأطقم الكاملة، ما قد يؤدي إلى انزلاقها أثناء الحديث أو تناول الطعام، ويؤثر سلبًا على ثقة المريض بنفسه.

6. التكلفة

تُعد التركيبات الثابتة، خاصة تلك المعتمدة على الزرعات، باهظة الثمن مقارنة بالأنواع التقليدية، مما يجعلها غير متاحة لجميع الفئات.

العناية بتركيبات الأسنان

لضمان استدامة التركيبات، يجب اتباع تعليمات العناية اليومية التي يوصي بها أطباء الأسنان، وتشمل:

• تنظيف التركيبات بفرشاة ناعمة ومعجون خاص، وتجنب المعاجين الكاشطة.

• استخدام خيط الأسنان أو الفرش المخصصة لتنظيف ما بين التركيبات واللثة.

• نقع التركيبات المتحركة في محاليل مخصصة عند نزعها ليلاً.

• زيارة الطبيب دوريًا لفحص التركيبات وتقييم صحة الفم.

• تجنب المأكولات الصلبة أو اللاصقة التي قد تؤدي إلى كسر أو إزاحة التركيبة.

الخلاصة

تركيبات الأسنان تُعد حلًا فعّالًا وضروريًا لتعويض الأسنان المفقودة وتحسين جودة الحياة من الناحية الوظيفية والجمالية. تتنوع في أنواعها من تركيبات ثابتة إلى متحركة، وكل منها يحمل مزايا وتحديات تختلف حسب حالة المريض واحتياجاته. ورغم ما تحققه هذه التركيبات من تقدم طبي هائل، فإن نجاحها يعتمد بشكل كبير على التشخيص الدقيق، وخبرة الطبيب، والتزام المريض بالعناية المناسبة.

المراجع:

1. Craig’s Restorative Dental Materials, 14th Edition – Ronald Sakaguchi, Jack Ferracane

2. American Dental Association (ADA) – www.ada.org