طريقة تحضير أقراص العيد السورية

أقراص العيد السورية: تاريخ، تقاليد، وطريقة التحضير بالتفصيل

تشكل أقراص العيد السورية واحدة من أبرز رموز الفرح والاحتفال في الثقافة السورية، فهي ليست مجرد حلوى، بل تقليد متجذر في الذاكرة الجمعية لكل بيت سوري. في كل عيد، تفوح رائحة الهيل واليانسون والمحمرة في أزقة الحارات، وتنهمك النساء في تجهيز هذه الأقراص بنقوشها المميزة التي تعكس تراثًا عريقًا ومحبّة عائلية لا تضاهى. إن هذه الأقراص بأنواعها المختلفة، سواء كانت محشوة بالتمر أو الجوز أو الفستق، تمثل مزيجًا غنيًا من الطقوس الاجتماعية والنكهات الأصيلة.

يتميز المطبخ السوري بتنوعه وغناه، وأقراص العيد فيه تجسد هذا التنوع، إذ تختلف وصفاتها وتفاصيلها من منطقة لأخرى، ولكن يبقى القاسم المشترك بينها هو الحرص على إعدادها بحب لتكون رمزًا للكرم والبهجة خلال أيام العيد.

المكونات الأساسية لأقراص العيد السورية

تتألف عجينة أقراص العيد السورية من مكونات بسيطة لكن مدروسة بعناية، وتجمع بين الدقة في التحضير والفن في التزيين. تختلف نسب هذه المكونات وطريقة تحضيرها قليلاً من منطقة لأخرى، لكن المكونات الرئيسية عادة ما تكون كالتالي:

العجينة:

• 1 كيلوغرام من الطحين الأبيض المنخول.

• 1 كوب من السميد الناعم (اختياري في بعض الوصفات لإضفاء قرمشة خفيفة).

• 1 كوب من السمنة الحيوانية أو الزبدة.

• نصف كوب من الزيت النباتي.

• 1 ملعقة كبيرة من الخميرة الفورية.

• 2 ملعقة كبيرة من السكر.

• نصف ملعقة صغيرة من الملح.

• 1 ملعقة صغيرة من المحلب المطحون.

• 1 ملعقة صغيرة من اليانسون المطحون.

• ماء دافئ للعجن (حسب الحاجة).

الحشوات:

يمكن حشو أقراص العيد بعدة أنواع من الحشوات حسب الذوق والمنطقة. من أشهرها:

1. حشوة التمر:

   • معجون تمر منزوع النوى.

   • ملعقة صغيرة من القرفة.

   • ملعقة صغيرة من السمن.

2. حشوة الجوز:

   • كوب من الجوز المجروش.

   • 2 ملعقة كبيرة من السكر.

   • رشة قرفة.

   • ملعقة صغيرة من ماء الزهر.

3. حشوة الفستق الحلبي:

   • كوب من الفستق الحلبي المجروش.

   • 2 ملعقة كبيرة من السكر الناعم.

   • نصف ملعقة صغيرة من المستكة المطحونة (اختياري).

   • ماء ورد أو ماء زهر.

خطوات تحضير أقراص العيد السورية

أولاً: تحضير العجينة

1. خلط المواد الجافة:
   في وعاء كبير، يُمزج الطحين مع السميد والمحلب واليانسون والملح. يُحرَّك الخليط جيدًا لتتوزع المكونات بالتساوي.

2. إضافة الدهون:
   تُضاف السمنة المذابة والزيت إلى الخليط، ويتم فرك الطحين بالدهون جيدًا بالأصابع حتى يتشرب كامل الكمية. يجب أن تصبح العجينة ذات قوام رملي ناعم.

3. تحضير الخميرة:
   تُذاب الخميرة والسكر في قليل من الماء الدافئ وتُترك لمدة 10 دقائق حتى تتخمر.

4. العجن:
   تُضاف الخميرة إلى خليط الطحين، ويُعجن المزيج تدريجيًا بإضافة الماء الدافئ حتى تتشكل عجينة متماسكة وناعمة. تُترك لتتخمر لمدة ساعة على الأقل في مكان دافئ.

ثانيًا: تحضير الحشوات

أثناء تخمير العجينة، يتم تحضير الحشوات حسب الرغبة. يُخلط كل نوع من الحشوات في وعاء منفصل، مع مراعاة عدم الإكثار من السوائل كي لا تفسد العجينة أثناء الخَبز.

ثالثًا: تشكيل الأقراص

1. تُقسم العجينة إلى كرات صغيرة متساوية الحجم.

2. تُفرد كل كرة باستخدام اليد أو النشابة لتصبح دائرة صغيرة.

3. توضع كمية مناسبة من الحشوة في المنتصف.

4. تُغلق الدائرة بإحكام على شكل قرص أو هلال.

5. يمكن استخدام القوالب الخشبية المنقوشة (قوالب المعمول) لإضفاء الشكل التقليدي.

6. تُرص الأقراص في صينية مدهونة بقليل من الزيت أو مبطنة بورق الزبدة.

رابعًا: الخبز

• يُسخن الفرن إلى درجة حرارة 180 مئوية.

• تُخبز الأقراص لمدة 15-20 دقيقة حتى يصبح لونها ذهبيًا.

• يمكن رش السكر البودرة على الوجه بعد إخراجها من الفرن، خاصة إذا كانت محشوة بالمكسرات.

تنوعات إقليمية في أقراص العيد السورية

من اللافت في أقراص العيد السورية أنها ليست موحدة الشكل أو النكهة في كل المحافظات. إليك لمحة عن بعض التنوعات الإقليمية:

القيمة الغذائية لأقراص العيد

تُعد أقراص العيد من المخبوزات الغنية بالسعرات الحرارية نظرًا لاحتوائها على الدهون (السمنة أو الزبدة) والمكسرات أو التمر، وهي مصدر جيد للطاقة خلال أيام العيد. يُفضل تناولها باعتدال خاصة لمرضى السكري أو أولئك الذين يتبعون حمية غذائية.

رمزية أقراص العيد في الثقافة السورية

تحمل أقراص العيد في الثقافة السورية معاني أعمق من كونها حلوى تقليدية، فهي تمثل روح الجماعة والتكافل الاجتماعي. تُعد جلسات التحضير والخبز مناسبة للتلاقي وتبادل الأحاديث والضحك، حيث تتوارث النساء وصفاتها جيلاً بعد جيل، وتتزين الموائد بأصنافها المتعددة كعلامة للفرح والبركة.

ويلاحظ أن الأطفال يشاركون أمهاتهم وجداتهم في إعداد هذه الأقراص، مما يعزز الصلة بين الأجيال وينمي الشعور بالانتماء للتراث المحلي.

طرق حفظ أقراص العيد

لحفظ أقراص العيد لأطول فترة ممكنة دون أن تفقد قوامها أو نكهتها، ينصح باتباع الطرق التالية:

• التخزين الجاف: توضع الأقراص بعد أن تبرد تمامًا في علب معدنية محكمة الإغلاق، وتُخزن في مكان بارد وجاف لمدة تصل إلى أسبوعين.

• التجميد: يمكن حفظها في أكياس محكمة في المجمدة لمدة تصل إلى 3 أشهر. عند الحاجة، تُترك لتفك تجميدها ثم تُسخن في الفرن لبضع دقائق.

• التبريد: إذا كانت تحتوي على حشوات طازجة أو بيض، يفضل حفظها في الثلاجة لمدة لا تزيد عن 5 أيام.

استخدامات بديلة للأقراص خارج موسم العيد

لا تقتصر أقراص العيد على فترة الأعياد فقط، بل يمكن تقديمها كمرافق للشاي أو القهوة في المناسبات الخاصة، أو ضمن الضيافة اليومية. كما أنها تُعد خيارًا مثاليًا في صناديق الطعام المدرسي للأطفال نظرًا لطعمها المحبب وقيمتها الغذائية.

الخلاصة

تظل أقراص العيد السورية أحد أبرز معالم الاحتفال بالعيد في بلاد الشام، ومثالاً حيًا على تمازج النكهة مع التراث. فبين لمسات الجدات، وذكريات الطفولة، وأصوات الفرن، تبقى هذه الأقراص أكثر من مجرد طعام؛ إنها احتفال بالهوية والفرح والحياة.

المصادر:

1. كتاب الطبخ السوري التقليدي، تأليف منال العالم، 2015.

2. Syrian Heritage Archive Project – Culinary Traditions Documentation (2020).