طريقة استعمال الزعفران الصحيحة

طريقة استعمال الزعفران: الاستخدامات، الفوائد، والتحضيرات

يُعد الزعفران من التوابل النادرة والنفيسة التي حظيت بتقدير بالغ في الثقافات المختلفة، سواء في المطبخ أو الطب التقليدي أو حتى في الصناعات التجميلية والعطرية. يُستخرج الزعفران من مياسم زهرة “Crocus sativus”، ويُعرف بلونه الأحمر الزاهي ورائحته العطرية ونكهته المميزة. ويُعتبر الزعفران من أغلى التوابل في العالم نظرًا لعملية حصاده اليدوية الدقيقة وندرته النسبية.

إن استعمال الزعفران لا يقتصر على الطهي فحسب، بل يمتد ليشمل الطب البديل، العناية بالبشرة، تحسين الحالة المزاجية، وحتى في طقوس العلاج بالأعشاب. ولذلك يُعد من الضروري التطرق إلى طرق استعمال الزعفران بشكل تفصيلي، مع مراعاة الجرعات المناسبة، وكيفية التحضير، والتفاعلات المحتملة.

أولًا: استعمال الزعفران في الطهي

1. تحضير الزعفران للطهي

قبل استخدام الزعفران في الأطعمة، يوصى دائمًا بنقعه لتحرير مكوناته النشطة، وزيادة فعالية نكهته ولونه:

• النقع بالماء الساخن: تُؤخذ كمية صغيرة من خيوط الزعفران (ما يعادل 3 إلى 5 خيوط للفرد) وتُغمر في 1-2 ملعقة كبيرة من الماء الساخن، وتُترك لمدة 15 إلى 30 دقيقة. تُضاف بعد ذلك هذه الماء إلى الأطعمة.

• النقع بالحليب: في الأطباق التي تحتوي على الحليب (كالحلويات أو المشروبات)، يُنقع الزعفران في كمية صغيرة من الحليب الدافئ.

2. الاستخدام في الأطعمة والمأكولات

يُستخدم الزعفران في مجموعة واسعة من الأطباق، خاصة في المأكولات المتوسطية، الهندية، الإيرانية، والمغربية:

• أطباق الأرز: مثل البرياني، الكبسة، الأرز الإسباني “الباييلا”، أو الرز بالحليب.

• الحلويات: مثل الكُنافة، المهلبية، الكاسترد، وحلى الساجو.

• الصلصات: مثل صلصة الزعفران بالكريمة للدواجن أو المأكولات البحرية.

• الشوربات: مثل شوربة الزعفران بالدجاج أو المأكولات البحرية.

• المشروبات: يُخلط الزعفران مع الحليب أو يُستخدم في شاي الأعشاب للحصول على نكهة غنية وفوائد صحية.

ثانيًا: استعمال الزعفران في الطب التقليدي والعلاج الطبيعي

1. كمكمل غذائي ومُحسن للمزاج

الزعفران يحتوي على مركبات فعالة مثل “الكروسين” و”السابرانال” و”البيكروكروسين”، التي تلعب دورًا في تحسين الحالة النفسية ومكافحة الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط. ويمكن استعمال الزعفران كمكمل عشبي عبر الطرق التالية:

• شاي الزعفران: يُنقع عدد قليل من خيوط الزعفران في كوب ماء ساخن لمدة 10 دقائق ويُشرب مرتين يوميًا.

• كبسولات الزعفران: متوفرة في الصيدليات بتركيزات تتراوح بين 15 إلى 30 ملغ، ويُنصح باستخدامها تحت إشراف طبي.

2. تعزيز القدرة الجنسية

في الطب الفارسي والهندي التقليدي، يُعتبر الزعفران منشطًا جنسيًا طبيعيًا. إذ يعمل على تعزيز تدفق الدم وزيادة الرغبة الجنسية. ويُستعمل على هيئة مشروب بالحليب أو يدمج مع العسل والمكسرات.

3. مضاد للأكسدة ومضاد للالتهابات

الزعفران يحتوي على مضادات أكسدة قوية تساعد في تقليل الالتهاب، وتحسين صحة القلب، وتقليل الأعراض المرتبطة بأمراض الشيخوخة مثل الزهايمر. يُستخدم بشكل أساسي من خلال مشروب الزعفران أو إضافته للأطعمة اليومية.

ثالثًا: استعمال الزعفران في التجميل والعناية بالبشرة

الزعفران لطالما كان عنصرًا فاخرًا في وصفات الجمال التقليدية، وخاصة في الثقافة الهندية والشرق أوسطية.

1. تفتيح البشرة وإزالة التصبغات

الزعفران يحتوي على خصائص تُساعد على توحيد لون البشرة وتقليل البقع الداكنة. لتحضير ماسك الزعفران:

• تُنقع 5-7 خيوط من الزعفران في ملعقة كبيرة من الحليب الدافئ لمدة ساعة.

• يُمزج مع ملعقة صغيرة من العسل.

• يُوضع الخليط على الوجه ويُترك لمدة 20 دقيقة قبل الغسل.

2. محاربة حب الشباب والالتهابات

بفضل خصائصه المضادة للبكتيريا، يمكن استخدام الزعفران لعلاج الحبوب والتهابات البشرة:

• يُمزج الزعفران مع قليل من الكركم وملعقة من الزبادي الطبيعي.

• يُوضع على الوجه لمدة 15 دقيقة ويُشطف بماء فاتر.

3. تحسين إشراقة الوجه

استعمال ماء الزعفران كتونر طبيعي للوجه يُضفي إشراقة واضحة، ويُستخدم عن طريق غمس قطعة قطنية بماء الزعفران ومسح الوجه بها قبل النوم.

رابعًا: الجرعة الموصى بها وتحذيرات الاستعمال

رغم الفوائد الكبيرة للزعفران، فإن الإفراط في استعماله قد يؤدي إلى آثار جانبية غير مرغوبة. يُوصى دائمًا باستخدام كميات معتدلة.

التحذيرات:

• يُمنع استعمال الزعفران بكميات طبية للحامل دون استشارة الطبيب، لأن الجرعات العالية قد تسبب تقلصات رحمية.

• الأشخاص الذين يعانون من انخفاض ضغط الدم يجب أن يتناولوه بحذر.

• الجرعات التي تتجاوز 5 غرامات في اليوم تُعد خطيرة ويمكن أن تكون سامة.

خامسًا: طرق حفظ الزعفران

الزعفران شديد التأثر بالرطوبة والضوء، لذا يُفضل حفظه في عبوة زجاجية داكنة محكمة الإغلاق، في مكان بارد وجاف. كما يجب عدم تعريضه للحرارة أو أشعة الشمس المباشرة لتجنب تدهور مركباته الفعالة.

سادسًا: الزعفران في الثقافة التقليدية والعلاجية

الزعفران لم يكن مجرد توابل، بل كان يُستخدم في الطقوس الروحية والعلاجية منذ آلاف السنين. في الطب الهندي “الأيورفيدا”، يُعتبر الزعفران “راسايانا” أي مادة مُجددة للحياة. وفي الطب الصيني، استُخدم لتحسين الدورة الدموية وتخفيف الألم. كما كان رمزًا للملوك والنبلاء في بلاد فارس والهند.

سابعًا: الزعفران في الصناعات الحديثة

اليوم، يدخل الزعفران في تصنيع عدد من المنتجات الدوائية والمكملات الغذائية التي تُستخدم لتحسين المزاج، وتقوية الذاكرة، وتعزيز الخصوبة، وحتى كمضاد للاكتئاب. كما يُستخدم في بعض المستحضرات التجميلية الفاخرة مثل كريمات العناية بالبشرة، السيرومات، والعطور الشرقية.

ثامنًا: التمييز بين الزعفران الأصلي والمغشوش

الزعفران الأصلي غالي الثمن، ما جعله عُرضة للتقليد والغش. ومن أبرز طرق التمييز:

• الرائحة: الزعفران الأصلي له رائحة زهرية مع لمحة من العسل والتراب.

• اللون: خيوطه حمراء داكنة مع نهايات برتقالية.

• الطعم: طعمه مر قليلاً وليس حلوًا.

• عند النقع: الزعفران الحقيقي لا يذوب فورًا ويحتاج وقتًا لإطلاق لونه الذهبي.

يمكن اختبار الزعفران بوضع بعض الخيوط في ماء دافئ، فإذا أعطى لونًا أصفر ذهبيًا خلال دقائق ولم يبهت لونه، فهو غالبًا أصلي.

خاتمة

يُعد الزعفران من الكنوز النباتية الثمينة التي تستحق مكانة خاصة في المطبخ والصيدلية المنزلية على حد سواء. تنوع طرق استعماله، واحتواؤه على مركبات فعالة بيولوجيًا، يجعله خيارًا طبيعيًا يُحسِّن من جودة الحياة سواء على الصعيد الغذائي أو الصحي أو التجميلي. ولكن تبقى الحكمة في استخدامه باعتدال ومعرفة خصائصه لتفادي أي ضرر.

المراجع:

1. Milajerdi A, et al. “The effects of saffron on mood, anxiety and cognitive functions: A systematic review and meta-analysis of randomized controlled trials”, Journal of Affective Disorders, 2020.

2. Hosseinzadeh H, et al. “Pharmacological effects of saffron and its constituents: a review”, Iranian Journal of Basic Medical Sciences, 2013.