طرق مواجهة الاكتئاب بسبب الوباء

3 طرق للتعامل مع الاكتئاب الناجم عن الوباء

منذ بداية جائحة كوفيد-19، واجه العديد من الأشخاص تحديات نفسية كبيرة بسبب العزلة الاجتماعية، والضغوط الاقتصادية، والتغيرات الحياتية المفاجئة. واحدة من أخطر التأثيرات النفسية لهذه الأزمة الصحية كانت ظهور حالات الاكتئاب والقلق بين مختلف شرائح المجتمع. الاكتئاب الناجم عن الوباء لم يكن مجرد انعكاس لحالة العزلة الاجتماعية، بل كان يشمل أيضًا مشاعر العجز والارتباك أمام المستقبل المجهول، بالإضافة إلى القلق من الصحة الذاتية أو الصحية للأحباء.

لتجاوز هذا النوع من الاكتئاب، من الضروري أن يتبنى الأفراد طرقًا فعّالة للتعامل مع التحديات النفسية المرتبطة بالوباء. في هذا المقال، سنستعرض ثلاث طرق رئيسية للتعامل مع الاكتئاب الناجم عن الوباء:

1. تبني الروتين اليومي والتكيف مع الحياة الجديدة

إن الحياة اليومية التي كانت مألوفة قبل الوباء قد تغيرت بشكل جذري، الأمر الذي ساهم في ارتفاع معدلات الاكتئاب لدى العديد من الأشخاص. من أجل مواجهة هذه التحولات النفسية، يعتبر وضع روتين يومي منتظم وسيلة فعّالة للتعامل مع التوتر والقلق الناتج عن جائحة كوفيد-19.

أهمية الروتين:

الروتين يساعد في تقليل الشعور بالفوضى في الحياة، ويعزز الشعور بالسيطرة على الأمور اليومية. قد يشعر الأفراد الذين لا يتبعون روتينًا منتظمًا بالارتباك والقلق نتيجة للظروف غير المستقرة التي يمرون بها. لذلك، من الضروري أن يتم تحديد ساعات معينة للنوم، العمل، التمارين الرياضية، والأنشطة الترفيهية. هذا النظام يساعد في تقليل الشعور بالفراغ ويمنح الشخص إحساسًا بالإنجاز والتوازن.

خطوات لتنظيم الروتين:

• تحديد الأوقات اليومية: تحديد وقت للاستيقاظ والنوم يساعد في تنظيم ساعة الجسم البيولوجية، مما يحسن النوم ويقلل من أعراض الاكتئاب.

• الأنشطة الجسدية: تخصيص وقت يومي لممارسة الرياضة مثل المشي أو تمارين التنفس يمكن أن يعزز من الصحة النفسية ويقلل من التوتر. النشاط البدني يعمل على إفراز هرمونات السعادة مثل الأندورفين، مما يساعد في تقليل أعراض الاكتئاب.

• ممارسة الهوايات والأنشطة الاجتماعية: حتى وإن كان التواصل الاجتماعي قد أصبح محصورًا بسبب التباعد الاجتماعي، فإن ممارسة الأنشطة المفضلة، مثل القراءة أو ممارسة الفن، يمكن أن تساهم في تخفيف الشعور بالعزلة. بالإضافة إلى ذلك، التواصل مع الأصدقاء والعائلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعد أمرًا مهمًا للحفاظ على التوازن النفسي.

2. التفكير الإيجابي وإعادة التركيز على الأهداف الشخصية

واحدة من أبرز آثار الوباء على النفس البشرية هي تأثيره على الحالة النفسية بسبب الخوف المستمر من المستقبل المجهول. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤثر الفقدان المفاجئ للأحبة أو فقدان الوظائف على إحساس الشخص بالاستقرار الشخصي والمستقبلي. في مثل هذه الظروف، يصبح من الضروري أن يعمل الشخص على تطوير مهارات التفكير الإيجابي، وتحويل التركيز إلى الأهداف الشخصية.

لماذا التفكير الإيجابي مهم؟

التفكير الإيجابي ليس مجرد التفاؤل غير الواقعي، بل هو القدرة على رؤية الفرص في ظل الأوقات الصعبة والتركيز على العوامل التي يمكن التحكم فيها. من خلال تغيير طريقة التفكير السلبية إلى طريقة أكثر تفاؤلاً، يمكن تقليل الشعور بالإحباط الناتج عن الظروف المحيطة.

خطوات لتعزيز التفكير الإيجابي:

• تحديد الأهداف الصغيرة: يمكن أن يساعد وضع أهداف يومية صغيرة وواقعية في تحسين النظرة النفسية. مثلاً، قد يتضمن الهدف اليومي ممارسة التمارين الرياضية لمدة 30 دقيقة أو تخصيص وقت للتعلم أو العمل على مشروع شخصي.

• الاعتراف بالإنجازات الصغيرة: كثير من الأشخاص في حالات الاكتئاب يميلون إلى التقليل من أهمية النجاحات اليومية. من الضروري الاعتراف بالإنجازات الصغيرة والمكافأة الذاتية عليها.

• الاستفادة من الوقت الحالي: في خضم هذا الوضع الصعب، من الممكن تحويل هذا الوقت إلى فرصة لتعلم مهارات جديدة، أو التركيز على الاهتمامات الشخصية، مثل تعلّم لغة جديدة أو تطوير مهارات مهنية. هذه الأنشطة تساعد في الشعور بالتحسن والتقدم، مما يعزز الشعور بالرضا عن النفس.

3. طلب الدعم النفسي والاستشارة

أحد أهم الخطوات التي يمكن اتخاذها للتعامل مع الاكتئاب الناجم عن الوباء هو طلب الدعم النفسي المتخصص. يشعر العديد من الأشخاص بالخجل أو التردد في طلب المساعدة النفسية، ولكن هذه الخطوة قد تكون حاسمة في التغلب على مشاعر الاكتئاب والقلق.

لماذا الدعم النفسي مهم؟

الدعم النفسي يمكن أن يأتي في شكل استشارات فردية أو جماعية، وهو يساعد الأفراد على التعبير عن مشاعرهم في بيئة آمنة ومحايدة. التحدث عن المخاوف والمشاعر السلبية مع مختص يمكن أن يساعد في معالجة الأفكار السلبية وتقديم استراتيجيات للتكيف مع التحديات النفسية. بالإضافة إلى ذلك، فإن العلاج النفسي يمكن أن يقدم تقنيات عملية للتعامل مع القلق والاكتئاب.

أشكال الدعم النفسي:

• العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يركز هذا النوع من العلاج على تغيير الأنماط السلبية في التفكير وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تؤدي إلى الاكتئاب. من خلال تعلم كيفية التعرف على الأفكار السلبية والتحكم بها، يمكن للأفراد تحسين حالتهم النفسية.

• العلاج الجماعي: يعتبر العلاج الجماعي فرصة للتواصل مع الآخرين الذين يمرون بتجارب مشابهة. هذا النوع من العلاج يساعد في تقليل مشاعر العزلة ويعزز من إحساس الأفراد بأنهم ليسوا وحدهم في معاناتهم.

• دعم الأصدقاء والعائلة: الدعم الاجتماعي لا يقل أهمية عن الدعم المهني. يمكن للأصدقاء والعائلة أن يقدموا بيئة حاضنة ومشجعة للتعبير عن المشاعر ومشاركة التحديات اليومية. ببساطة، وجود شخص يمكن الوثوق به والاستماع إليه يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في التعامل مع الاكتئاب.

الخلاصة

إن الاكتئاب الناجم عن الوباء ليس مجرد نتيجة للعزلة الجسدية، بل هو أيضًا انعكاس للتحديات النفسية التي يعاني منها الكثيرون في ظل الظروف غير المستقرة. التغلب على هذا الاكتئاب يتطلب إحداث تغييرات في نمط الحياة اليومية من خلال تبني روتين منتظم، تعزيز التفكير الإيجابي، بالإضافة إلى طلب الدعم النفسي المتخصص عند الحاجة. إن اتخاذ هذه الخطوات يساعد في بناء مرونة نفسية، ويعزز القدرة على التعامل مع الضغوط النفسية بشكل أفضل، مما يؤدي إلى تحسين الصحة النفسية والرفاهية العامة.