طرق غير تقليدية للتغلب على التسويف
يعد التسويف من أكثر المشاكل الشائعة التي تواجه الأفراد في مختلف المراحل العمرية. إنه العدو الخفي الذي يؤثر على الإنتاجية، ويعطل تقدم الأفراد في حياتهم الشخصية والمهنية. وعلى الرغم من أن التسويف ليس بالأمر الجديد، إلا أن العديد من الأفراد يجدون صعوبة في التوصل إلى حلول فعالة لهذه المشكلة المزمنة. هناك العديد من الأساليب التقليدية التي يتم استخدامها للتغلب على التسويف مثل وضع الأهداف الصغيرة، وتحديد المواعيد النهائية، وإنشاء قوائم المهام، ولكن هناك طرقًا غير تقليدية قد تكون أكثر فعالية بالنسبة لبعض الأشخاص.
في هذا المقال، سوف نستعرض ثلاث طرق غير تقليدية للتغلب على التسويف، تساعد الأفراد في زيادة قدرتهم على التحفيز الشخصي، وتحقيق أهدافهم بشكل أكثر فعالية.
1. طريقة “التحدي العكسي”
تتمثل هذه الطريقة في استخدام التسويف نفسه كوسيلة للتغلب عليه. إذا كان الشخص معتادًا على تأجيل المهام، فإنه يمكنه أن يختبر “التحدي العكسي”، الذي يعتمد على تحديد وقت معين لتأجيل المهمة بشكل متعمد، ولكن دون الإفراط في ذلك. هذه الطريقة تستخدم المفارقة في التعامل مع التسويف، بحيث تصبح عملية تأجيل المهام هي نفسها محفزًا للعمل.
الفكرة في “التحدي العكسي” هي تحديد وقت معين بشكل يومي يمكن خلاله تأجيل المهمة، مثل تحديد ساعة معينة في اليوم حيث يُسمح لك بالتسويف عن أداء مهمة معينة. بمعنى آخر، الشخص يقرر التأجيل ولكن في إطار زمني محدود. بعد هذه الساعة، يتعين عليه أن يبدأ في أداء المهمة بشكل حاسم.
أحد الفوائد النفسية لهذه الطريقة هو أنها تقلب المفهوم التقليدي للتسويف. بدلاً من أن تكون المهمة عبئًا على الفرد، فإن جعل التسويف نفسه جزءًا من اليوم يخفف الضغط الناتج عن التفكير المستمر في المهمة المعلقة. وهذا يمكن أن يساعد على تحفيز الفرد على البدء في العمل على المهمة بعد انقضاء هذا الوقت.
2. استخدام مبدأ “التوقيت المكثف”
مبدأ “التوقيت المكثف” يعتمد على تقنيات مرنة للتعامل مع العمل والراحة في فترات قصيرة، بدلاً من تحديد وقت طويل ومنهك للعمل المتواصل. يشبه هذا المفهوم “تقنية بومودورو” التي تعتمد على فترات زمنية قصيرة من العمل المتواصل (عادة 25 دقيقة) تليها فترات راحة قصيرة. ولكن في هذه الطريقة غير التقليدية، يتم تعديل الزمن والمفاهيم بحيث تتناسب مع الشخص الفرد.
الفكرة هي أن الشخص يحدد فترات زمنية قصيرة جدًا لإنجاز المهام، لكن هذه الفترات يجب أن تكون مكثفة جدًا. بدلًا من أن تبدأ في المهمة لفترة طويلة، يمكن للشخص تقسيمها إلى فترات زمنية قد تكون أقصر من 10 دقائق، مع تحديد هدف صغير وواضح في كل فترة. بعد الانتهاء من هذه الفترة القصيرة، يحصل الشخص على راحة قصيرة، ويعود إلى العمل مرة أخرى.
يتيح هذا النهج للدماغ أن يظل منتعشًا في العمل، ويحد من شعور الإرهاق المرتبط بالعمل المطول. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يعزز من مبدأ “التكرار السريع”، مما يعني أن الشخص يبدأ في الشعور بالإنجاز بشكل متكرر، ويشعر بالتقدم المستمر، وبالتالي يكتسب الحافز للاستمرار.
3. طريقة “المهمة المجزأة” عبر العمل التلقائي
تعتبر طريقة “المهمة المجزأة” من الأساليب غير التقليدية التي تساهم في التغلب على التسويف بشكل فعال. تعتمد هذه الطريقة على تقسيم المهمة الكبيرة إلى مهام صغيرة للغاية، بحيث لا يشعر الفرد أبدًا بضغوط أو عبء المهمة الأصلية. يشمل هذا أسلوب “العمل التلقائي”، حيث يُطلب من الشخص أن يبدأ بأبسط جزء من المهمة دون التفكير في باقي الأجزاء.
الهدف من هذه الطريقة هو تحويل المماطلة إلى عادة صغيرة جدًا يسهل القيام بها. بمجرد أن يبدأ الشخص في إجراء هذه المهمة الصغيرة، فإنه يصبح أكثر قابلية للاستمرار في العمل على المهمة الأكبر. يشمل ذلك البدء بخطوة واحدة بسيطة مثل كتابة جملة، أو فتح ملف العمل، أو الرد على بريد إلكتروني واحد، مما يساعد في التخلص من حالة الكسل أو الشعور بعدم القدرة على البدء.
تُعتبر هذه الطريقة فعّالة للغاية لأنها تزيل الضغط الناتج عن التفكير في المهمة بأكملها. كلما صغر حجم المهمة، كلما أصبح من الأسهل البدء فيها. علاوة على ذلك، فمع مرور الوقت، تبدأ هذه العادات الصغيرة في البناء على بعضها البعض، مما يؤدي في النهاية إلى إنجاز المهام الكبيرة بدون أن يشعر الشخص بالعبء. كما أن هذا الأسلوب يشجع على العمل التلقائي، مما يخفف من التفكير العميق المفرط الذي يمكن أن يؤدي إلى التسويف.
الخلاصة
التغلب على التسويف ليس بالأمر السهل، لكنه ليس مستحيلًا. باستخدام الأساليب غير التقليدية مثل “التحدي العكسي”، و”التوقيت المكثف”، و”المهمة المجزأة”، يمكن للمرء أن يبدأ في معالجة المشكلة بطريقة مبتكرة وفعّالة. كل من هذه الطرق تقدم حلولًا عملية تتجنب الطرق التقليدية المملة والمكررة، وتعمل على تحفيز الفرد لتحقيق التقدم بطرق مختلفة. التغيير في أسلوب التفكير والتعامل مع التسويف يتطلب وقتًا، لكن باستخدام الأدوات الصحيحة، يصبح من الممكن التغلب عليه بشكل فعال والعودة إلى المسار الصحيح نحو النجاح.
