5 نصائح تساعدك على التركيز على الحاضر
في عالم مليء بالمشتتات والتحديات اليومية، أصبح التركيز على الحاضر أو ما يُعرف بالعيش في اللحظة الحالية من أكبر التحديات التي يواجهها الكثيرون. تتعدد الأسباب التي تجعلنا ننشغل بالماضي أو المستقبل، سواء كان ذلك بسبب القلق أو التوتر أو التفكير في الأمور التي لم تُنجز بعد. ولكن التركيز على الحاضر ليس مجرد فكرة أو مبدأ فلسفي، بل هو مهارة قابلة للتعلم والتحسين تساعدنا على الاستمتاع بحياتنا بشكل أكبر، وتقليل القلق والتوتر، وزيادة الإنتاجية والرفاهية العامة. في هذا المقال، سنتناول خمس نصائح فعّالة تساعد على تحسين قدرتنا على التركيز في الحاضر.
1. ممارسة اليقظة الذهنية (Mindfulness)
أحد أقوى الأدوات التي يمكن أن تساعدنا في التركيز على الحاضر هو ممارسة اليقظة الذهنية أو التأمل الواعي. هذا المفهوم يرتكز على الانتباه الكامل لما يحدث في اللحظة الحالية، دون الحكم على هذه التجارب أو محاولة تغييره. يمكّن التأمل الواعي الأفراد من إزالة التشتتات الذهنية والتركيز على ما يحدث الآن، سواء كان ذلك في العمل أو في الحياة اليومية.
أظهرت العديد من الدراسات العلمية أن ممارسة اليقظة الذهنية يمكن أن تُحسن التركيز والذاكرة وتقلل من مستويات التوتر والقلق. للبدء في ممارسة اليقظة الذهنية، يمكن تخصيص دقائق قليلة يوميًا للتركيز على التنفس فقط. عندما تبدأ الأفكار بالهجوم على عقلك، قم بإعادتها برفق إلى التنفس دون انتقاد نفسك. مع مرور الوقت، سيصبح عقلك أكثر قدرة على الاستجابة للمواقف الحالية بدلاً من الانجراف في دوامة من الأفكار المتنقلة.
2. تقليل المشتتات الرقمية
في العصر الرقمي الحديث، تعتبر الأجهزة الإلكترونية والمواقع الإلكترونية من أكبر مصادر التشتت. الهواتف الذكية، رسائل البريد الإلكتروني، والتطبيقات المختلفة يمكن أن تقطع انتباهنا عن المهمة التي نقوم بها. عندما نكون في حالة تأهب دائم للإشعارات، يكون من الصعب جداً الاستمتاع باللحظة الحالية أو حتى إنجاز المهام بشكل فعّال.
إحدى الخطوات المهمة لتقليل المشتتات الرقمية هي تخصيص أوقات محددة للتحقق من رسائل البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي، بدلاً من فحصها باستمرار. يُنصح أيضاً بوضع الهاتف في وضع “الاستراحة” أو إغلاقه تماماً أثناء ساعات العمل أو الأنشطة التي تتطلب تركيزاً عميقاً. يمكن لمثل هذه التعديلات البسيطة أن تساهم في تحسين قدرتك على التركيز في المهام الحالية دون تشتت.
3. إدارة الأفكار المزعجة عبر تدوينها
غالباً ما تلاحقنا الأفكار المتعلقة بالمستقبل أو الماضي أثناء محاولتنا التركيز على الحاضر. قد يكون لدينا القلق بشأن عملنا أو مخاوف عن أمور لم ننجزها بعد. هذه الأفكار يمكن أن تشوش أذهاننا وتبعدنا عن اللحظة الحالية.
لحل هذه المشكلة، يمكننا استخدام أسلوب بسيط ولكن فعّال وهو “التدوين السريع”. عندما تشعر بأن فكراً مزعجاً يتسلل إلى ذهنك، قم بتدوينه بسرعة على ورقة أو في ملاحظات هاتفك. هذا يساعد على إخراج الفكرة من رأسك وإعطاءك مساحة أكبر للتركيز على ما هو أمامك. بالإضافة إلى ذلك، سيمكنك التدوين من مراجعة هذه الأفكار في وقت لاحق، ما يتيح لك إفراغ ذهنك والتركيز على المهام الحالية.
4. التواجد الجسدي في اللحظة
أحد أساليب تعزيز التركيز على الحاضر هو التركيز على الإحساس الجسدي. عندما نجد أنفسنا نغرق في الأفكار أو نتشتت، يمكننا أن نعيد انتباهنا إلى الجسد الذي هو جزء أساسي من تجاربنا اليومية. يُمكنك فعل ذلك عن طريق التركيز على حركات جسمك أو الانتباه إلى الحواس التي تستخدمها في اللحظة.
على سبيل المثال، أثناء المشي، حاول التركيز على شعور قدميك على الأرض، أو عندما تكون جالساً، انتبه إلى كيفية تلامس جسمك مع المقعد. حتى عند تناول الطعام، يمكنك ممارسة الوعي الكامل بأنواع المذاق والملمس والروائح التي تلمسها. يساعد هذا النوع من الوعي الجسدي في إعادة التركيز إلى اللحظة الحالية ويسهم في الشعور بالسلام الداخلي.
5. التحديد الواضح للأولويات والحد من تعدد المهام
يعد تعدد المهام أحد أسوأ العوامل التي تؤثر على القدرة على التركيز في الحاضر. عند محاولة القيام بعدة مهام في وقت واحد، يصبح من الصعب على الدماغ التفاعل مع كل مهمة بشكل فعال، مما يؤدي إلى تشتت الانتباه وضعف الإنتاجية.
من أجل التغلب على هذا، يُنصح بتحديد أولوياتك والتركيز على مهمة واحدة فقط في كل مرة. خصص وقتاً محدداً لكل مهمة وتجنب الانتقال بين المهام المتعددة. يُمكنك استخدام تقنيات مثل “تقنية بومودورو” (Pomodoro Technique) التي تتضمن العمل لمدة 25 دقيقة متواصلة مع استراحات قصيرة بين فترات العمل. هذه الطريقة تعمل على تحسين التركيز وتقليل الانقطاعات.
خلاصة
التركيز على الحاضر هو مهارة يمكن اكتسابها عبر الوقت مع ممارسة الأدوات والتقنيات المناسبة. باستخدام اليقظة الذهنية، تقليل المشتتات الرقمية، التدوين السريع للأفكار المزعجة، التركيز على الحواس الجسدية، وتحديد الأولويات بوضوح، يمكننا تحسين قدرتنا على التفاعل مع اللحظة الحالية بشكل أكثر فعالية. من خلال تطبيق هذه النصائح بشكل مستمر، ستتمكن من تقليل القلق والتوتر، وزيادة إنتاجيتك، وعيش حياة أكثر سعادة وهدوء.
