أضرار العنب على الصحة

أضرار العنب

يُعد العنب من الفواكه الصيفية الشهيرة والمحبوبة في مختلف الثقافات، إذ يتميز بمذاقه الحلو وقيمته الغذائية العالية. وعلى الرغم من فوائده الصحية المتعددة، إلا أن استهلاك العنب قد ينطوي على عدد من الأضرار والمخاطر، خاصة عند تناوله بكميات كبيرة أو لدى فئات معينة من الأشخاص. تتباين أضرار العنب بين تفاعلات تحسسية، مشكلات هضمية، اضطرابات في مستويات السكر في الدم، إلى جانب آثار جانبية ناتجة عن تفاعله مع بعض الأدوية. يهدف هذا المقال إلى استعراض شامل وموسع لأضرار العنب المحتملة على الصحة، مدعوماً بأحدث ما توصلت إليه الأبحاث العلمية.

أولاً: أضرار العنب على الجهاز الهضمي

1. الإسهال والانتفاخ والغازات

العنب غني بالألياف الغذائية والمركبات الفينولية، ما يجعله مفيداً للهضم عند استهلاكه باعتدال. إلا أن الإفراط في تناوله قد يؤدي إلى تهيج القولون وزيادة حركة الأمعاء، مسبّباً الإسهال أو الانتفاخ والغازات. وتُعد هذه المشكلة أكثر شيوعاً لدى من يعانون من القولون العصبي (IBS)، إذ يحتوي العنب على فركتوز وهو أحد السكريات التي يصعب على البعض هضمها.

2. ارتفاع محتوى السكر الطبيعي

يحتوي العنب على تركيز عالٍ من الجلوكوز والفركتوز، وهما نوعان من السكريات البسيطة التي تُهضم سريعاً وتؤثر على مستويات السكر في الدم. لذلك يُنصح مرضى السكري بتناوله بحذر، لأن استهلاكه بكثرة قد يؤدي إلى ارتفاع سريع في الجلوكوز.

ثانياً: التأثير على مستويات السكر والوزن

1. خطر على مرضى السكري

العنب الطازج غني بالكربوهيدرات البسيطة، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في نسبة الجلوكوز بالدم عند مرضى السكري من النوع الثاني. وعلى الرغم من احتوائه على ألياف تساعد على تقليل سرعة الامتصاص، إلا أن الكمية الزائدة قد تعكس هذه الفائدة وتسبب عدم استقرار في مستويات السكر.

2. زيادة الوزن

يُعد العنب من الفواكه التي تحتوي على سعرات حرارية مرتفعة نسبياً مقارنة بغيره من الفواكه ذات الحجم المماثل. فتناول كميات كبيرة منه – خاصة العنب المجفف أو الزبيب – قد يؤدي إلى زيادة غير مرغوبة في الوزن بسبب محتواه المرتفع من السكر والطاقة.

ثالثاً: التفاعل مع الأدوية

1. تأثير العنب على فعالية بعض الأدوية

تشير الدراسات إلى أن بعض المركبات الموجودة في العنب – مثل الريسفيراترول – قد تتداخل مع عملية أيض الأدوية في الكبد. إذ قد تُبطئ هذه المركبات من عمل إنزيمات السيتوكروم (CYP3A4)، مما يؤثر على فعالية العديد من الأدوية مثل أدوية ضغط الدم، مضادات الاكتئاب، وأدوية القلب.

2. التأثير المشابه للجريب فروت

رغم أن تأثير العنب لا يُقارن مباشرة بالجريب فروت في تعطيل إنزيمات الكبد، إلا أن بعض الدراسات أشارت إلى وجود تفاعل محتمل مع أدوية معينة، خاصة عند تناول العنب أو مستخلصاته بجرعات عالية أو بصورة منتظمة.

رابعاً: الحساسية من العنب

1. الحساسية الغذائية للعنب

تُعد الحساسية من العنب نادرة نسبيًا، لكنها قد تحدث لدى بعض الأشخاص. تشمل أعراضها: الحكة، الطفح الجلدي، تورم الشفاه أو اللسان، وصعوبة في التنفس. وقد يكون السبب في ذلك مركبات البروتين أو بقايا المبيدات الحشرية أو حتى الفطريات التي قد تنمو على العنب.

2. التأثير التراكمي لمادة الكبريتات

في بعض الأحيان، يُضاف ثاني أكسيد الكبريت إلى العنب المجفف لحفظه، وهي مادة تسبب حساسية لدى البعض، خاصة مرضى الربو. تشمل الأعراض صداع، ضيق في التنفس، وشعور بالاحتقان.

خامساً: مشكلات الكلى والحديد

1. ارتفاع البوتاسيوم وتأثيره على مرضى الكلى

يحتوي العنب على نسبة معتدلة من البوتاسيوم، وهو معدن مهم لصحة القلب والأعصاب. إلا أن تناول العنب بكثرة قد يشكل خطراً على مرضى الكلى، خاصة ممن يعانون من الفشل الكلوي المزمن، لأن أجسامهم لا تستطيع التخلص من البوتاسيوم الزائد بفعالية، مما يزيد خطر الإصابة بفرط بوتاسيوم الدم، وهو اضطراب قلبي خطير.

2. تقليل امتصاص الحديد

رغم أن العنب لا يحتوي على نسب مرتفعة من مثبطات امتصاص الحديد مثل حمض الفيتيك، إلا أن استهلاكه مع بعض الأطعمة الأخرى قد يُقلل من امتصاص الحديد غير الهيمي (الموجود في المصادر النباتية)، ما قد يؤثر سلبًا على الأشخاص الذين يعانون من نقص الحديد أو فقر الدم.

سادساً: أضرار تناول الزبيب بكثرة

1. تركيز أعلى من السكر والسعرات

الزبيب، وهو العنب المجفف، يحتوي على تركيز عالٍ جداً من السكريات والسعرات الحرارية، مما يجعله أكثر ضرراً عند استهلاكه بكميات كبيرة. وتكمن الخطورة في عدم إدراك الكمية المستهلكة، نظراً لصغر حجمه وسهولة تناوله، مما يرفع احتمال الإفراط.

2. مشكلات في الأسنان

يُعتبر الزبيب من الأطعمة اللزجة التي تلتصق بسطح الأسنان، وتوفر بيئة مثالية لنمو البكتيريا المسببة للتسوس. كما أن احتوائه على السكر الطبيعي يزيد من احتمالية حدوث تسوس الأسنان، خاصة عند الأطفال.

سابعاً: أضرار العنب على الحمل والرضاعة

1. تأثيره على الجهاز الهضمي للحامل

قد يسبب العنب للحامل مشكلات مثل الغازات والإسهال في حال تناوله بكميات كبيرة، نظراً لحساسية الجهاز الهضمي في هذه المرحلة. ويُفضّل تناول كميات معتدلة منه مع التأكد من غسله جيدًا لتفادي بقايا المبيدات.

2. الريسفيراترول وتأثيره المحتمل على الجنين

على الرغم من أن الريسفيراترول يُعتبر من مضادات الأكسدة المفيدة، إلا أن بعض الدراسات على الحيوانات أشارت إلى إمكانية تسببه في اضطرابات هرمونية أو مشكلات نمو عند استهلاكه بجرعات عالية خلال الحمل، خاصة عند تناوله من المكملات أو العصائر المركزة.

ثامناً: مشكلات محتملة للأطفال

1. خطر الاختناق

يُعد العنب من الأطعمة الشائعة التي قد تُسبب اختناقًا للأطفال الصغار عند تقديمه دون تقطيع. بسبب حجمه المستدير وملمسه الأملس، قد يعلق في مجرى الهواء بسهولة. لذلك يجب دائماً تقطيعه إلى أرباع قبل تقديمه للأطفال.

2. التحسس والاضطرابات الهضمية

بعض الأطفال قد يظهرون تفاعلات تحسسية خفيفة أو اضطرابات هضمية مثل الغازات أو الإسهال بعد تناول العنب، خاصة عند تناوله لأول مرة أو بكميات كبيرة.

تاسعاً: أضرار الإفراط في عصير العنب

1. ارتفاع سريع في السكر بالدم

عصير العنب يحتوي على كمية مركزة من السكر مقارنة بالفاكهة الكاملة، ما يؤدي إلى امتصاص سريع للجلوكوز وارتفاع مفاجئ في مستوى السكر، وهو أمر ضار لمرضى السكري أو من يسعون للسيطرة على الوزن.

2. فقدان الألياف

أثناء العصر، تُزال الألياف الموجودة في قشور العنب، والتي تُعتبر ضرورية لصحة الجهاز الهضمي وتنظيم امتصاص السكر. لذلك فإن شرب العصير لا يوفر نفس الفوائد الغذائية الموجودة في تناول العنب الكامل.

جدول يوضح الفرق بين تناول العنب الكامل وعصيره:

عاشراً: ملاحظات على طرق التخزين والتلوث

1. نمو العفن

العنب عرضة لنمو الفطريات والعفن بسبب احتوائه العالي على الماء وسرعة تلفه. استهلاك العنب المُتعفن قد يؤدي إلى التسمم الغذائي أو التهابات فطرية، خاصة لدى الأطفال وكبار السن.

2. بقايا المبيدات الحشرية

يُعد العنب من أكثر الفواكه التي تحتفظ ببقايا المبيدات، نظراً لطبيعة زراعته ورقة قشرته. لذا يُوصى بغسله جيدًا بالماء أو بمحلول مخصص لتنظيف الفواكه لتقليل التعرض للمواد الكيميائية الضارة.

المصادر والمراجع

• Mayo Clinic: https://www.mayoclinic.org

• WebMD: https://www.webmd.com