طرق ذكية للتحكم بالعواطف

طريقتان ذكيتان تساعدانك على التحكم بعواطفك

العواطف جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية. إنها تلوّن تفاعلاتنا مع الآخرين وتؤثر بشكل كبير في قراراتنا وأفعالنا. من الطبيعي أن نشعر بالغضب أو الحزن أو الفرح، ولكن المشكلة تكمن عندما لا نتمكن من التحكم في هذه العواطف، مما يؤدي إلى تصرفات قد نندم عليها لاحقًا. لذلك، أصبح من الضروري تعلم كيفية التحكم بعواطفنا بطريقة صحية وفعّالة. في هذا المقال، سنتناول طريقتين ذكيتين تساهمان في التحكم بالعواطف، الأولى تعتمد على تقنيات التنفس والوعي الذاتي، والثانية ترتكز على إعادة التفكير في المواقف وتغيير منظورنا لها.

1. تقنيات التنفس والوعي الذاتي

إن أول خطوة نحو التحكم بالعواطف تبدأ من داخلنا، تحديدًا من خلال التنفس. قد يبدو التنفس أمرًا بديهيًا، لكن في الواقع، هو أداة قوية في إدارة مشاعرنا. في لحظات التوتر أو الغضب، يميل الجسم إلى زيادة معدل ضربات القلب والتنفس السريع، ما يؤدي إلى زيادة المشاعر السلبية. لكن عندما نتعلم تقنيات التنفس العميق، يمكننا تهدئة النظام العصبي، مما يساعدنا على التعامل مع مشاعرنا بشكل أفضل.

التنفس العميق وأثره في تهدئة العقل

أظهرت الدراسات أن التنفس العميق له تأثير ملحوظ في تقليل مستويات التوتر والقلق. عند ممارسة التنفس العميق، نسمح لأجسامنا بأن تسترخي ويقل الضغط على الجهاز العصبي. أحد أشهر أساليب التنفس التي يمكن تطبيقها هي “تنفس 4-7-8”. تعتمد هذه التقنية على التنفس ببطء عبر الأنف لمدة 4 ثوانٍ، حبس النفس لمدة 7 ثوانٍ، ثم إخراج الهواء ببطء عبر الفم لمدة 8 ثوانٍ. هذه الطريقة تعمل على تهدئة الجسم والعقل، وتمنح الشخص لحظات من الهدوء التي تساعده على اتخاذ قرارات أكثر هدوءًا وعقلانية.

الوعي الذاتي وأثره في التحكم بالعواطف

الوعي الذاتي هو القدرة على مراقبة وتحليل مشاعرنا وأفكارنا في اللحظة الحالية. عندما نكون على وعي بما نشعر به، يمكننا التعامل مع تلك المشاعر بوعي أكبر بدلاً من الانجراف وراءها. على سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالغضب بسبب تصرف غير لائق من شخص آخر، يمكن للوعي الذاتي أن يساعدك في إدراك أن هذا الغضب ليس إلا رد فعل عاطفي قد يكون مبالغًا فيه. من خلال تحديد هذه المشاعر، يمكننا اختيار كيفية التعامل معها بدلًا من أن تكون هي التي تتحكم فينا.

تعتمد طريقة الوعي الذاتي على فكرة “اللحظة الحالية” أو “الوعي اللحظي”، والتي تعني أن تكون في حالة من الانتباه الكامل لما يحدث حولك وداخل عقلك وجسمك. هذه الطريقة تتيح لك تمييز الأفكار السلبية أو العاطفية التي قد تظهر في ذهنك والتعامل معها دون أن تترك لها تأثيرًا سلبيًا. على سبيل المثال، إذا كنت تواجه مواقف تؤدي إلى التوتر، يمكن للوعي الذاتي أن يساعدك على تبني مواقف ذهنية أكثر استرخاءً، مما يقلل من تأثير هذه المواقف على عواطفك.

2. إعادة التفكير في المواقف وتغيير منظورنا

في كثير من الأحيان، تكون المشاعر السلبية مثل الغضب أو الحزن نتيجة لتفسير غير دقيق أو سلبي للمواقف. الشخص الذي يرى العالم بشكل سلبي يواجه صعوبة أكبر في التعامل مع عواطفه، في حين أن الشخص الذي يتبنى منظورًا إيجابيًا يمكنه إدارة مشاعره بشكل أكثر كفاءة. في هذا الجزء من المقال، سنتناول كيفية تغيير طريقة تفكيرنا في المواقف وكيفية تحفيز العواطف الإيجابية.

تغيير منظورنا عن المواقف السلبية

لنأخذ على سبيل المثال المواقف التي قد تسبب الغضب، مثل تعرضك لانتقاد من شخص ما. إذا كان لديك رد فعل عاطفي فوري بالغضب، فقد يكون ذلك بسبب أنك تفسر الموقف على أنه هجوم شخصي عليك. ولكن إذا غيرت وجهة نظرك واعتبرت النقد فرصة لتحسين نفسك أو تعلم شيء جديد، يمكنك أن تتحول إلى شخص أكثر هدوءًا وقوة في التعامل مع المواقف المماثلة في المستقبل. هذه العملية تسمى “إعادة الإطار” (Reframing)، وهي تقنية نفسية تعتمد على تغيير طريقة فهمنا للمواقف بحيث ننظر إليها من زاوية أكثر إيجابية.

على سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالإحباط بسبب تحديات معينة في العمل، يمكنك تغيير نظرتك لهذا التحدي من مجرد عقبة إلى فرصة للنمو الشخصي. هذا التغيير البسيط في منظورك يمكن أن يغير تمامًا كيف تشعر حيال الموقف وكيفية استجابتك له.

تقنيات التفكير الإيجابي لتوجيه العواطف

الفكر الإيجابي ليس مجرد تفكير في أشياء جميلة، بل هو منهج كامل لتحويل تفكيرنا وعواطفنا بشكل دائم نحو الأفضل. عندما نواجه ضغوطًا أو مواقف صعبة، يميل العقل البشري إلى التركيز على الجوانب السلبية والتهويل من حجم المشكلة. لكن من خلال إعادة توجيه هذه الأفكار والتركيز على الجوانب الإيجابية أو الحلول المحتملة، يمكننا تقليل تأثير هذه المواقف على مشاعرنا.

على سبيل المثال، إذا كنت تواجه مشكلة مع أحد أفراد العائلة، بدلاً من التركيز على الصراع، حاول التفكير في الأوقات الجيدة التي قضيتها مع هذا الشخص، أو ابحث عن الحلول التي يمكن أن تحل المشكلة بدلاً من الغرق في المشاكل نفسها. هذا النوع من التفكير الإيجابي يساعد على تهدئة الأعصاب وفتح الأفق لمواجهة المواقف بتوازن.

الخلاصة

إن التحكم في العواطف ليس أمرًا سهلًا، ولكنه ممكن من خلال تقنيات مدروسة وفعالة. يمكن للتنفس العميق والوعي الذاتي أن يساعدا في تهدئة العقل والجسم أثناء المواقف العاطفية المتوترة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لتغيير منظورنا وتبني التفكير الإيجابي أن يكون لهما تأثير قوي في إعادة توجيه العواطف السلبية إلى إيجابية. بالاعتماد على هذه الطرائق الذكية، يمكن لأي شخص أن يتحكم في مشاعره بشكل أفضل، مما يعزز علاقاته الشخصية والمهنية، ويساهم في تعزيز الصحة النفسية والبدنية بشكل عام.