كيف ينتقل جدري الماء؟
جدري الماء هو مرض فيروسي معدي يتسبب في ظهور طفح جلدي أحمر وحبوب مملوءة بالسوائل، وتعتبر من أكثر الأمراض التي تصيب الأطفال في مرحلة الطفولة، ولكن يمكن أن يصيب الكبار أيضًا في بعض الحالات. يعد الفيروس المسبب لجدري الماء، وهو فيروس “فاريسيلا زوستر” (Varicella Zoster Virus)، واحدًا من الفيروسات التي تنتقل بسهولة عبر الاتصال المباشر أو غير المباشر مع الشخص المصاب.
ما هو جدري الماء؟
جدري الماء هو مرض يصيب الإنسان نتيجة للإصابة بفيروس فاريسيلا زوستر، وهو يعد من الفيروسات القابلة للانتقال بسهولة من شخص لآخر. يبدأ المرض عادة مع ظهور أعراض تشبه الزكام، مثل الحمى، ثم يتبع ذلك ظهور طفح جلدي يتحول لاحقًا إلى بثور مملوءة بالسوائل. يتكون الطفح في البداية على شكل بقع حمراء مسطحة، ثم يتحول إلى حبوب صغيرة مليئة بسائل صافٍ، وتتحول في النهاية إلى قشرة.
معظم الحالات تحدث في الأطفال دون سن 12 عامًا، حيث يصابون بالفيروس بشكل أكثر شيوعًا، ولكن الكبار أيضًا يمكنهم الإصابة بالمرض، وفي تلك الحالات قد يكون المرض أكثر حدة. على الرغم من أنه من الممكن الوقاية من جدري الماء من خلال اللقاح، إلا أن العديد من الأشخاص يصابون بالمرض في مرحلة الطفولة، خاصة في البلدان التي لا توزع اللقاح بشكل منتظم.
طرق انتقال جدري الماء
ينتقل فيروس جدري الماء عن طريق عدة طرق رئيسية، وهو يسبب العدوى عندما يدخل الجسم عبر الجهاز التنفسي أو من خلال الجلد المصاب. يمكن تلخيص طرق انتقاله الرئيسية في النقاط التالية:
1. عن طريق التنفس:
يعتبر الانتقال عبر الهواء من أكثر الطرق شيوعًا لانتقال فيروس جدري الماء. حيث يمكن أن ينتقل الفيروس من شخص مصاب إلى شخص سليم من خلال قطرات التنفس التي يطلقها الشخص المصاب عند السعال أو العطس. عندما يطرد الشخص المصاب هذه القطيرات، فإنها تحتوي على الفيروس الذي يمكن أن ينتقل بسهولة إلى الشخص السليم عبر الهواء الذي يتنفسه.
الهواء المحمّل بالفيروس يمكن أن يظل ملوثًا لفترة قصيرة من الزمن، مما يجعل الأماكن المغلقة وغير جيدة التهوية، مثل المكاتب والمدارس، بيئات عالية المخاطر للانتقال. ولهذا السبب يعد المرض شديد العدوى خاصة في الأماكن التي يتم فيها التفاعل الاجتماعي المكثف.
2. عن طريق الاتصال المباشر مع الطفح الجلدي:
يتسبب جدري الماء في ظهور الطفح الجلدي الذي يتطور إلى بثور مليئة بالسوائل. إن الاتصال المباشر مع هذه البثور يُعد من وسائل انتقال الفيروس أيضًا. حيث يمكن أن يحدث هذا الانتقال عبر لمس الجلد المصاب مباشرة أو من خلال ملامسة الأغراض الملوثة بالفيروس. بمجرد أن تنفجر البثور، تنتشر السوائل التي تحتوي على الفيروس، مما يزيد من احتمالية انتقاله.
إن الأشخاص الذين تعرضوا للفيروس عبر هذه الوسيلة يمكن أن يصابوا بالمرض في غضون 10 إلى 21 يومًا من التعرض، وتُعتبر فترة انتقال العدوى من الأشخاص المصابين بالأعراض الطفيفة أو من أولئك الذين لم تظهر عليهم علامات واضحة أكثر فترات خطر انتقال المرض.
3. عن طريق الاتصال غير المباشر:
ينتقل الفيروس أيضًا من خلال ملامسة الأسطح أو الأغراض التي كانت ملوثة بالفيروس، مثل المناشف أو الملابس أو الأشياء التي تم استخدامها من قبل الشخص المصاب. يمكن للفيروس أن يظل على هذه الأسطح لفترة معينة من الزمن، مما يعني أن الأشخاص الذين يستخدمون نفس الأغراض بعد المصاب قد يتعرضون للإصابة بالفيروس.
تزداد احتمالية انتقال الفيروس بهذه الطريقة إذا كانت هناك فرصة للمس الأغراض الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين، وهو ما يجعل النظافة الشخصية الجيدة أمرًا بالغ الأهمية في الحد من انتشار المرض.
4. عن طريق التنقل عبر السائل من البثور المفتوحة:
عند انفجار البثور وفتحها، ينتشر السائل الملوث بالفيروس بشكل أسرع. يظل الشخص المصاب معديًا حتى تجف قشور هذه البثور وتختفي تمامًا. ولذلك فإن الأشخاص الذين يظلون في اتصال مع الشخص المصاب خلال هذه الفترة يكونون معرضين بشكل كبير للإصابة بالفيروس.
5. انتقال العدوى من الأم إلى الجنين:
من الجدير بالذكر أن العدوى قد تنتقل من الأم الحامل إلى الجنين في حال كانت الأم قد أصيبت بفيروس جدري الماء خلال فترة الحمل. يمكن أن يؤدي ذلك إلى إصابة الجنين بالعدوى، مما يسبب مشاكل صحية خطيرة تتراوح من مشاكل في النمو إلى العيوب الخلقية. يُوصى بضرورة تجنب الإصابة بهذا المرض خلال الحمل من خلال اللقاحات.
فترة الحضانة للفيروس
تعد فترة الحضانة للفيروس هي الفترة بين تعرض الشخص للفيروس وظهور أعراض المرض، وهي تتراوح عادةً من 10 إلى 21 يومًا. في معظم الحالات، تظهر أعراض جدري الماء بعد نحو 14 إلى 16 يومًا من التعرض للفيروس. خلال هذه الفترة، لا تظهر أي أعراض ظاهرة، لكن الشخص المصاب يكون معديًا ويمكن أن ينقل الفيروس إلى الآخرين قبل أن تظهر عليه الأعراض.
العوامل التي تؤثر على انتقال جدري الماء
عدة عوامل يمكن أن تؤثر على مدى انتقال فيروس جدري الماء، وهي تشمل:
-
عمر الشخص المصاب: الأطفال الصغار دون سن الخامسة عادة ما يكونون أكثر عرضة للإصابة بنقل العدوى مقارنة بالأشخاص الأكبر سنًا.
-
الحالة المناعية: الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، مثل أولئك الذين يتلقون علاجًا مثبطًا للمناعة أو الذين يعانون من أمراض مزمنة، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض.
-
الظروف المحيطة: الأماكن المغلقة أو غير جيدة التهوية تزيد من احتمالية انتقال الفيروس، حيث يمكن أن يظل الفيروس في الهواء لفترة أطول.
-
وجود الطفح الجلدي: يعد وجود الطفح الجلدي والبثور المملوءة بالسوائل من العوامل التي ترفع من خطر العدوى.
الوقاية من جدري الماء
على الرغم من أن جدري الماء مرض شديد العدوى، إلا أن هناك طرقًا فعّالة للوقاية منه:
-
التطعيم: اللقاح هو الوسيلة الأكثر فعالية للوقاية من جدري الماء. يتم إعطاء اللقاح في مرحلة الطفولة، وغالبًا ما تكون جرعتان من اللقاح كافية للحماية من الإصابة بالمرض.
-
التقليل من الاتصال مع المصابين: الأشخاص الذين يظهر لديهم الأعراض يجب أن يعزلوا أنفسهم عن الآخرين قدر الإمكان لتقليل انتقال الفيروس.
-
الحفاظ على نظافة اليدين: يجب غسل اليدين جيدًا بعد التعامل مع شخص مريض أو بعد لمس الأسطح التي قد تكون ملوثة.
-
استخدام الكمامات: في الأماكن العامة التي يصعب تجنب الاتصال الجسدي، مثل المدارس أو مراكز العمل، يمكن للكمامات أن تساهم في تقليل انتقال الفيروس عبر السعال والعطس.
خاتمة
ينتقل فيروس جدري الماء عبر عدة طرق، ولكن يمكن الوقاية منه بسهولة من خلال اللقاح والالتزام بالإجراءات الوقائية مثل تقليل الاتصال مع الأشخاص المصابين والحفاظ على النظافة الشخصية. يمكن أن يؤدي الالتزام بهذه الإجراءات إلى الحد من انتشار هذا المرض المعدي بشكل كبير، مما يحمي الأفراد، خاصة الأطفال والنساء الحوامل، من تأثيراته السلبية.
