6 أشياء تجلب السعادة والمتعة

تُعتبر السعادة والمُتعة من أكثر الحالات الشعورية التي يسعى الإنسان إليها في كل تفاصيل حياته اليومية. فهي ليست مجرد لحظات عابرة من الضحك أو الرضا، بل هي بنية نفسية وعقلية وجسدية متكاملة تؤثر في جودة الحياة والصحة النفسية والجسدية على حد سواء. ولأن السعادة ليست دائماً نتاجاً للظروف المحيطة بل هي في كثير من الأحيان ثمرة لاختيارات داخلية مدروسة، فإن القيام ببعض الأفعال المدروسة يمكن أن يكون مفتاحاً لحياة أكثر إشراقاً واتزاناً. في هذا السياق، نستعرض ستة أشياء رئيسية يجب القيام بها لتحقيق السعادة والمتعة بطريقة واقعية وعميقة.

1. ممارسة الامتنان يوميًا

الامتنان ليس مجرد شعور بل هو سلوك يُحدث تحولاً حقيقياً في إدراك الإنسان لما يملكه من نعم. تشير الأبحاث النفسية الحديثة إلى أن الأشخاص الذين يداومون على ممارسات الامتنان يشعرون بمستويات أعلى من الرضا عن حياتهم، وينخفض لديهم معدل التوتر والاكتئاب.

آليات تفعيل الامتنان:

• كتابة ثلاثة أشياء تشعر بالامتنان نحوها كل صباح.

• التعبير اللفظي عن الشكر للأشخاص المحيطين بك.

• التأمل في التجارب الماضية وكيف أنها شكّلت جزءًا من نمائك.

الامتنان يعيد توجيه التركيز من ما ينقص إلى ما هو متوفر، وهو ما يعيد برمجة العقل على إيجاد الفرح حتى في أصعب الظروف. وعندما يصبح الامتنان عادة يومية، يتحول تدريجياً إلى أسلوب حياة ينعكس على التفاعلات الاجتماعية والعاطفية.

2. العناية بالجسد والنفس

الصحة الجسدية والنفسية مترابطتان بشكل وثيق. عندما يشعر الإنسان بالراحة الجسدية ويقل الألم والتعب، فإنه يصبح أكثر قدرة على الشعور بالسعادة والانخراط في الأنشطة التي تجلب المتعة.

أبرز الممارسات المؤثرة:

• الرياضة المنتظمة: لا تقتصر فوائدها على الصحة الجسدية فقط، بل تساعد على إفراز الإندورفينات، وهي مواد كيميائية طبيعية تحسّن المزاج.

• النوم الجيد: النوم الكافي والمتوازن ينظم عمل الجهاز العصبي ويحد من القلق والتوتر.

• الغذاء المتوازن: النظام الغذائي الذي يحتوي على أوميغا-3، مضادات الأكسدة، والمغذيات الضرورية يعزز الصحة العقلية.

كما أن العناية بالنفس تشمل أيضًا منح النفس أوقاتاً للراحة، والابتعاد عن مصادر الضغط، وإقامة حدود صحية في العلاقات والعمل. إن جعل الصحة أولوية هو حجر الأساس لكل تجربة شعورية إيجابية.

3. الارتباط بالعلاقات الإيجابية

الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، وتؤكد الأبحاث أن جودة العلاقات الإنسانية من أكبر المؤثرات على مستوى السعادة. التفاعلات التي تتسم بالدعم، الثقة، والاحترام المتبادل، تُعتبر منبعًا هامًا للإشباع العاطفي والنفسي.

ممارسات لبناء علاقات إيجابية:

• قضاء وقت منتظم مع الأصدقاء والعائلة دون انشغال بالأجهزة الذكية.

• الاستماع الفعّال والمشاركة في حوارات حقيقية.

• تجنب العلاقات السامة التي تستنزف الطاقة وتخلق التوتر.

العلاقات الاجتماعية ليست فقط وسيلة للترفيه، بل هي دعم نفسي، شبكة أمان، ومرآة تعكس تقدير الذات. وكلما كانت البيئة الاجتماعية داعمة، زادت قدرة الفرد على التعامل مع التحديات بشعور أكبر بالرضا والثبات.

4. الانخراط في أنشطة ذات معنى

الأنشطة التي يشعر فيها الإنسان بأنه يُحدث فرقًا أو يُنتج شيئًا ذا قيمة، تخلق شعورًا بالرضا الداخلي لا يمكن أن توفره الأنشطة السطحية. هذا لا يعني بالضرورة القيام بأعمال بطولية، بل يكفي أن يكون العمل متسقًا مع القيم الشخصية ويوفر شعورًا بالإنجاز.

أمثلة على الأنشطة ذات المعنى:

• العمل في مشروع إبداعي أو حرفي.

• التطوع في خدمة مجتمعية.

• تعلُّم مهارة جديدة وممارستها باستمرار.

المعنى يولد شعوراً بالاتصال بالحياة وبالزمن، ويكسر الروتين. الأشخاص الذين يشعرون بأن لحياتهم هدفٌ واضح يعيشون أطول ويعانون من معدلات أقل من القلق والاكتئاب. وجود غاية واضحة، حتى وإن كانت صغيرة، يجعل اليوم العادي مغلفًا بمعانٍ عميقة تحرّك مشاعر الفرح والانتماء.

5. التحرر من المقارنة الاجتماعية

واحدة من أكثر مصادر التعاسة شيوعًا هي المقارنة المستمرة بالآخرين، خاصة في ظل هيمنة شبكات التواصل الاجتماعي التي تُظهر الحياة في أفضل صورها المثالية. هذا النوع من المقارنة يخلق شعورًا دائمًا بالنقص، ويقلل من قيمة الإنجازات الفردية.

طرق التخلص من المقارنة:

• تقنين استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

• ممارسة الوعي الذاتي والتركيز على الإنجازات الشخصية.

• إدراك أن لكل شخص ظروفه وتحدياته المختلفة.

التحرر من المقارنة يُعد خطوة أساسية نحو الاستقلال الشعوري والرضا الذاتي. فكلما ركّز الإنسان على نموه الشخصي بدلًا من مقارنة نفسه بالآخرين، ازداد إدراكه لقيمته الذاتية وانفتح أمامه باب أوسع للشعور بالمتعة بما لديه.

6. العيش في اللحظة الراهنة

الوجود الذهني الكامل في اللحظة الراهنة، أو ما يُعرف بـ “المايندفولنس”، له تأثير مباشر على مستويات السعادة. عندما يكون الإنسان حاضرًا بالكامل في ما يقوم به دون تشتيت أو اجترار لأفكار الماضي أو القلق من المستقبل، يتمكن من عيش التجربة بعمق وإدراك جمالياتها.

استراتيجيات لتطبيق العيش في اللحظة:

• تمارين التنفس العميق والتأمل اليومي.

• الابتعاد عن تعدد المهام والقيام بنشاط واحد في كل لحظة.

• الملاحظة الواعية للتفاصيل الصغيرة في الحياة اليومية مثل مذاق الطعام أو صوت المطر.

العيش في اللحظة لا يعني تجاهل المستقبل أو الماضي، بل يعني تحرير الذهن من هيمنتهما. وهذا يخلق اتزاناً داخلياً ويمنح فرصًا متكررة لاكتشاف الفرح في تفاصيل بسيطة قد تغيب عن العين الغافلة.

جدول: مقارنة بين مصادر السعادة المؤقتة والمُستدامة

المصادر:

• Lyubomirsky, S. (2007). The How of Happiness: A Scientific Approach to Getting the Life You Want.

• Seligman, M. E. P. (2011). Flourish: A Visionary New Understanding of Happiness and Well-being.

الالتزام بهذه المبادئ الستة لا يعني بالضرورة أن تصبح السعادة حالة دائمة دون انقطاع، ولكنها بلا شك تخلق بنية داخلية مرنة ومتزنة قادرة على مواجهة تحديات الحياة بنظرة أكثر إيجابية، وانفتاحًا على لحظات المتعة العميقة والمتجددة.