كيفية التطهر: دليل شامل وموسع

التطهر هو من أهم القواعد التي يُبنى عليها الإسلام، وهو من أساسيات الطهارة التي تُعد شرطًا لصحة العبادات كالصلاة والطهارة، والنظافة الشخصية جزء لا يتجزأ من تعاليم الدين الإسلامي التي تدعو إلى المحافظة عليها لتعزيز الصحة البدنية والنفسية. في هذا المقال سيتم تناول التطهر بشيء من التفصيل، معرفته، أنواعه، وأحكامه، مع الإيضاح العلمي والشرعي، مما يجعل المقال مرجعًا غنيًا يلبي الحاجة لمن يريد التعرف على كيفية التطهر في الإسلام بطريقة علمية وشرعية دقيقة.

مفهوم التطهر وأهميته في الإسلام

التطهر لغة يعني النقاء والصفاء من الأوساخ والشوائب، أما اصطلاحًا شرعيًا فهو إزالة النجاسة والنجاسة بمعناها الفقهي، أي ما يمنع صحة الطهارة، من جسم أو لباس أو مكان أو غيرها. وهو شرط أساسي لقبول العبادات، فقد أمر الله تعالى بالنظافة فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة: 222]. ولأن الطهارة شرط لقبول الصلاة، فإن من لم يتطهر لم تصح صلاته، كما أن التطهر يرفع الحرج والمشقة ويجعل المسلم يشعر بالراحة والطمأنينة في حياته اليومية.

إن الحفاظ على الطهارة والنظافة هو جزء من الإيمان، ولذلك يعتبر التطهر من السنن المؤكدة في الإسلام، وهو دافع روحي وجسدي على حد سواء، إذ يحث الدين المسلم على الاهتمام بالنظافة الشخصية، مما ينعكس على صحة الفرد وسلامته من الأمراض.

أنواع التطهر في الشريعة الإسلامية

يمكن تصنيف التطهر إلى نوعين رئيسيين:

1. التطهر من الحدث

2. التطهر من النجاسة

1. التطهر من الحدث

الحدث هو ما يوجب الوضوء أو الغسل، ويقسم إلى حدث أصغر وحدث أكبر:

• الحدث الأصغر: مثل البول، الغائط، الريح، النوم العميق، لمس الفرج، وغيرها. ويتطلب التطهر منه الوضوء.

• الحدث الأكبر: مثل الجماع، الحيض، النفاس. ويتطلب التطهر منه الغسل.

في التطهر من الحدث يتم إزالة الحائل بين العبد وبين أداء العبادات، والوضوء والغسل هما الوسيلتان الشرعيتان لتحقيق ذلك.

2. التطهر من النجاسة

النجاسة هي ما يوجب إزالة أثره لتكون الطهارة تامة، وقد تكون نجاسة حيوانية، كالبول أو الغائط، أو دم النجاسة، أو غير ذلك من الملوثات التي تضر بالنظافة والطهارة. ويختلف التطهر من النجاسة بحسب نوع النجاسة ومكانها، فمثلاً إزالة البول تختلف عن إزالة الدم.

كيفية التطهر من الحدث الأصغر (الوضوء)

الوضوء هو طهارة بالماء ترفع الحدث الأصغر، ويجب القيام به قبل أداء الصلاة أو غيرها من العبادات التي تشترط الطهارة. خطوات الوضوء مبينة في السنة النبوية وهي كالتالي:

• النية: وهي إرادة التطهر.

• غسل اليدين إلى المرفقين ثلاث مرات.

• المضمضة والاستنشاق ثلاث مرات.

• غسل الوجه ثلاث مرات.

• غسل اليدين إلى المرفقين ثلاث مرات.

• مسح الرأس مرة واحدة.

• مسح الأذنين مرة واحدة.

• غسل القدمين إلى الكعبين ثلاث مرات.

وهذا الوضوء يجب أن يكون متتابعًا بدون انقطاع بين الأعضاء، كما أن الطهارة من الحدث الأصغر تستوجب الطهارة النفسية والبدنية.

كيفية التطهر من الحدث الأكبر (الغسل)

الغسل هو التطهر الكامل الذي يزيل الحدث الأكبر ويشمل الجسم كله، وهو واجب في حالات معينة مثل بعد الجماع أو الحيض أو النفاس. خطوات الغسل متوافقة مع الأحاديث النبوية:

• النية: وهي قصد الغسل للتطهر من الحدث الأكبر.

• غسل اليدين ثلاث مرات.

• غسل العورة وتنظيفها جيدًا.

• الوضوء كالوضوء للصلاة.

• غسل الرأس والرقبة ثلاث مرات مع تدليك فروة الرأس.

• غسل كامل الجسم مع التأكد من وصول الماء إلى كل جزء.

الغسل الكامل يحفظ النظافة ويجدد النشاط الروحي، وبه يتطهر المسلم من أكبر أنواع الحدث.

التطهر من النجاسة: أنواعها وطرق إزالتها

النجاسة في الإسلام متعددة، ومن المهم معرفة كيفية التطهر منها للحفاظ على الطهارة الشرعية، وهي تشمل:

• نجاسة البول والغائط: تغسل المكان بالتراب أو الماء حتى يزول أثرها.

• دم الحيض والنفاس: يزيل بغسل الجسم أو الملابس التي لامست الدم.

• النجاسات الحيوانية: كالخنزير ودمه، تزيل بالماء ويفضل استخدام التراب أو الطين مع الماء.

ويجب غسل الملابس والأماكن التي تلقت النجاسة، لأن بقاءها يمنع صحة الصلاة والطهارة.

كيفية إزالة النجاسة من الثياب

الثياب من أهم الأماكن التي تتجمع عليها النجاسة، لذا لابد من تنظيفها جيدًا. الخطوات المثلى لذلك:

• إزالة النجاسة بالماء أولًا بشكل جاف (ككشط الدم أو البول) ثم غسلها بالماء.

• استخدام الماء الجاري لتنظيف الثياب مع التركيز على الأماكن المتنجسة.

• في حالة استحالة إزالة النجاسة بالماء، يمكن استخدام الكي أو المواد المنظفة حسب الحاجة.

وتعتبر الثياب الطاهرة من أساسيات النظافة الشخصية، ويجب الحرص على تجديدها باستمرار.

التطهر من البول للنساء

النساء مثل الرجال يجب عليهن التطهر من البول وغيرها من النجاسات، ولأن بعضهن يواجهن صعوبة في التنظيف الكامل بسبب الأعضاء التناسلية، فقد أوصت الشريعة باتباع الطرق التالية:

• غسل المكان بالماء الدافئ مع استخدام اليد اليمنى.

• التأكد من إزالة كل أثر للبول أو غيره.

• استخدام الماء في الاستنجاء سواء كان بالماء الجاري أو بإناء.

هذا التطهر يضمن طهارة المرأة الجسدية ويجعلها جاهزة للصلاة والعبادات.

التيمم: التطهر عند عدم وجود الماء

في حالات عدم وجود الماء أو عدم القدرة على استخدامه بسبب المرض أو غير ذلك، شرع الله التيمم كبديل للوضوء أو الغسل. التيمم هو ضرب الوجه واليدين على تراب طاهر ثم مسحه، ويشترط فيه:

• النية.

• استخدام تراب طاهر.

• ضرب الوجه والكفين.

• عدم وجود ماء أو عدم القدرة على استخدامه.

التيمم حفظ للنظافة والعبادة رغم الظروف الصعبة، وهو رحمة عظيمة في الإسلام.

أهمية التطهر الصحية والنفسية

علميًا، التطهر والنظافة الشخصية تحمي الإنسان من العديد من الأمراض المعدية، مثل التهابات المسالك البولية، الأمراض الجلدية، وغيرها. تنظيف الجسم بانتظام يزيل الجراثيم ويحد من الروائح الكريهة ويحفز الشعور بالراحة النفسية. كما أن الطهارة في الإسلام تعزز الشعور بالسكينة والطمأنينة، مما ينعكس إيجابيًا على الصحة العقلية.

جدول يوضح الفرق بين أنواع التطهر وأحكامها

الخلاصة

التطهر هو ركيزة أساسية في حياة المسلم، لا يقتصر على مجرد فعل شكلي بل هو تعبير عن النظافة الروحية والجسدية التي تنعكس إيجابًا على صحة الإنسان وحياته اليومية. الالتزام بالتطهر سواء من الحدث أو النجاسة هو حفظ للنقاء الطهاري وسبب في قبول العبادات. وأيضًا هناك رعاية شاملة لصحة الإنسان تتمثل في تعاليم الطهارة في الإسلام، والتي تحمل رسالة واضحة للنظافة والتجدد الروحي. المحافظة على الطهارة من علامات تقوى الإنسان وتقربه إلى الله تعالى، وهي فريضة تبرز العناية الإلهية بالإنسان من جميع جوانب حياته.

المصادر والمراجع

• القرآن الكريم.

• كتاب “الفقه الإسلامي وأدلته” للدكتور وهبة الزحيلي.