عدد طبقات الغلاف الجوي
الغلاف الجوي هو طبقة من الغازات تحيط بكوكب الأرض وتؤثر بشكل كبير في المناخ والطقس وحياة الكائنات الحية. يتكون الغلاف الجوي من عدة طبقات، تختلف في خصائصها الفيزيائية والكيميائية، حيث تتنوع درجة الحرارة والكثافة وضغط الهواء على اختلاف هذه الطبقات.
تتعدد الطبقات المكونة للغلاف الجوي، ولكل منها دور خاص في التأثير على الحياة على سطح الأرض. في هذا المقال، سوف نستعرض هذه الطبقات بشكل تفصيلي، مع تسليط الضوء على خصائص كل طبقة وفوائدها في الحفاظ على توازن البيئة والمناخ.
1. الطبقة السفلى (التروبوسفير)
تعتبر التروبوسفير هي أقرب طبقة للسطح الأرضي، وهي تمتد من سطح الأرض إلى ارتفاع يتراوح بين 8 إلى 15 كم. وتعتبر هذه الطبقة المسؤولة عن معظم الظواهر الجوية التي نراها في حياتنا اليومية، مثل الرياح، السحب، الأمطار والعواصف. تتناقص درجة الحرارة في هذه الطبقة مع الارتفاع، حيث تنخفض بمعدل 6.5 درجة مئوية لكل كيلومتر من الارتفاع. ويبلغ الضغط الجوي في التروبوسفير أعلى مستوياته بالقرب من سطح الأرض، ثم يقل تدريجياً كلما ارتفعنا.
من أهم وظائف هذه الطبقة توفير الأوكسجين الذي تنفصل فيه الكائنات الحية على سطح الأرض، وكذلك عمليات التفاعل بين الغازات المسببة لظواهر الطقس.
2. الطبقة الثانية (الستراتوسفير)
الستراتوسفير هي الطبقة التي تقع فوق التروبوسفير، وتبدأ من ارتفاع حوالي 15 كم إلى نحو 50 كم. في هذه الطبقة، تكون درجة الحرارة في ازدياد كلما ارتفعنا، وهو ما يجعلها مميزة عن الطبقة السفلى (التروبوسفير) التي تكون فيها درجات الحرارة متناقصة مع الارتفاع. السبب في هذا التغير يعود إلى وجود طبقة الأوزون في الستراتوسفير، حيث تمتص جزيئات الأوزون الأشعة فوق البنفسجية من الشمس وتقوم بتسخين هذه الطبقة.
تعتبر الستراتوسفير من الطبقات المستقرة نسبياً من حيث النشاط الجوي، إذ أن حركة الرياح والسحب تكون أقل كثافة مقارنة بالتروبوسفير. كذلك، يعد الطيران التجاري غالباً ما يتم في هذه الطبقة، لأنها توفر بيئة مستقرة نسبياً.
3. الطبقة الثالثة (الميزوسفير)
تبدأ الطبقة الثالثة من الغلاف الجوي، المسمى الميزوسفير، من ارتفاع حوالي 50 كم فوق سطح الأرض، وتمتد حتى حوالي 85 كم. تعتبر هذه الطبقة هي الأبرد في الغلاف الجوي، حيث تنخفض درجات الحرارة فيها بشكل كبير لتصل إلى أقل من -90 درجة مئوية في بعض المناطق. يتناقص الضغط الجوي بشكل ملحوظ في هذه الطبقة، وهي منطقة انتقالية بين الطبقات الأفقية العليا والسفلى.
من أبرز الظواهر التي تحدث في هذه الطبقة هي تحطم الشهب والنيازك، التي تدخل الغلاف الجوي بسرعة كبيرة، وتحتك مع الهواء في هذه الطبقة فتشتعل وتتحول إلى الضوء الذي نراه أثناء دخولها، وهو ما يعرف بشهب السماء. نظراً لارتفاع كثافة الهواء في هذه الطبقة مقارنة بالطبقات العليا، فإن معظم الأجسام السماوية المحترقة تتناثر في هذه المنطقة.
4. الطبقة الرابعة (الثيرموسفير)
الثيرموسفير هي الطبقة التي تقع فوق الميزوسفير، وتبدأ من ارتفاع حوالي 85 كم وتصل إلى حوالي 600 كم. وتتميز هذه الطبقة بارتفاع شديد في درجات الحرارة، حيث قد تصل درجات الحرارة فيها إلى أكثر من 1000 درجة مئوية في بعض الأحيان. يعزى هذا الارتفاع الكبير في درجات الحرارة إلى أن هذه الطبقة تتعرض بشكل مباشر للأشعة الشمسية التي تتفاعل مع الجزيئات الموجودة فيها.
على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة، إلا أن الهواء في هذه الطبقة يكون رقيقاً جداً، حيث إن الجزيئات الموجودة فيه منتشرة بشكل واسع، مما يعني أنه لا يوجد تأثير كبير من هذه الحرارة على الأجسام التي قد تمر عبرها. تجذب هذه الطبقة مجموعة من الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، مثل محطات الفضاء الدولية، بالإضافة إلى أنها تعد محط أنظار الرحلات الفضائية.
5. الطبقة الخامسة (الإكسوسفير)
الإكسوسفير هي الطبقة الخارجية والأبعد عن سطح الأرض، وتبدأ من ارتفاع حوالي 600 كم، وتمتد إلى الفضاء الخارجي. في هذه الطبقة، يتسارع تدفق الجزيئات من الغازات المختلفة مثل الهيدروجين والهيليوم، ويكون الهواء هنا أكثر ندرة وتوزعاً مقارنة بكل الطبقات الأخرى. لا تعتبر الإكسوسفير طبقة جوية بحد ذاتها من حيث الكثافة، بل هي أكثر تشبهاً بالفراغ الجزئي.
على الرغم من أن الكثافة في هذه الطبقة تكاد تكون صفرية، إلا أن هذه الطبقة تُعتبر آخر مرحلة لتأثير الغلاف الجوي على الأجرام السماوية. وتحدث بعض التفاعلات الدقيقة في هذه الطبقة نتيجة للمجالات المغناطيسية التي تؤثر على حركة الجزيئات الغازات، مما يساعد في حماية الأرض من بعض التأثيرات السلبية.
6. دور الغلاف الجوي في حياة الإنسان
يعتبر الغلاف الجوي من الأساسيات التي تجعل الحياة على سطح الأرض ممكنة، فالغلاف الجوي يوفر الأوكسجين اللازم للتنفس، ويحمي الأرض من الأشعة الضارة مثل الأشعة فوق البنفسجية، كما أن الغلاف الجوي يسهم في تنظيم المناخ ودرجة الحرارة، ويعمل كمصفاة لعدة عوامل مؤثرة على الكائنات الحية على سطح الأرض.
من خلال هذه الطبقات المختلفة، يستطيع الغلاف الجوي الحفاظ على استقرار المناخ والطقس، بما يتناسب مع احتياجات الكائنات الحية. فوجود طبقة الأوزون في الستراتوسفير يحمي من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، بينما توفر التروبوسفير الهواء الذي نحتاجه للبقاء على قيد الحياة.
7. التفاعل بين الطبقات
تتفاعل الطبقات المختلفة من الغلاف الجوي مع بعضها البعض بطرق معقدة. على سبيل المثال، تأثير الحرارة الذي يمتصه الأوزون في الستراتوسفير يسهم في تنظيم الطقس في التروبوسفير، بينما تساهم حركة الهواء في التروبوسفير في تحريك الغازات والمواد الأخرى عبر الطبقات العليا مثل الميزوسفير والثيرموسفير.
يعتبر فهم هذه الطبقات وكيفية تأثيرها في الأرض أمراً حيوياً للحفاظ على التوازن البيئي وتوقع التغيرات المناخية المستقبلية. وكل طبقة من هذه الطبقات تلعب دوراً في الحفاظ على النظام البيئي للأرض وتنظيم الحياة عليه.
الخلاصة
الغلاف الجوي هو مكون أساسي للأرض ويُعد من العناصر الحاسمة التي تساهم في بقاء الحياة، حيث يتكون من خمس طبقات رئيسية هي التروبوسفير، الستراتوسفير، الميزوسفير، الثيرموسفير، والإكسوسفير. كل طبقة تتميز بخصائص فيزيائية وكيميائية خاصة بها تساهم في الحفاظ على التوازن البيئي، وحماية الأرض من العوامل الضارة، وتنظيم المناخ والطقس.
