صفات عذاب نار جهنم

صفات نار جهنم في الفكر الإسلامي

نار جهنم هي إحدى الحقائق المؤلمة في العقيدة الإسلامية، وهي رمز للعذاب الذي سيواجهه المكذبون والعاصون في الآخرة. قد ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية العديد من الأوصاف المتعلقة بجهنم، سواء من حيث شكلها أو درجة عذابها أو كيف يعاني فيها أهلها. من خلال هذه المقالة، سنتناول بشكل موسع أبرز صفات نار جهنم كما وردت في النصوص الدينية، مع تقديم تفصيلات عن طُرق العذاب وألوانه المختلفة، بالإضافة إلى أسباب عذاب أهلها، وكيف يجب على المسلم أن يتجنب الوقوع في هذا العذاب المهول.

1. المفهوم العام لجهنم في القرآن والسنة

جهنم، كما ورد في القرآن الكريم، هي المكان الذي أعده الله تعالى للكافرين والمنافقين والمجرمين الذين لم يتوبوا عن أعمالهم. يقول الله تعالى في كتابه العزيز: “إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ” (النساء: 56). وقد جاء القرآن الكريم في العديد من آياته ليصف هذا العذاب بشكل لا يمكن للإنسان أن يتصور شدته.

2. الموقع والمظهر العام لجهنم

جهنم هي مكان سحيق، أعماقها عميقة جداً، وهي تحوي في داخلها صهداً وحرارة شديدة. يقول الله سبحانه وتعالى: “إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَفُؤَادًا” (الفرقان: 12)، أي أن النار تطلق أصواتاً مرعبة من شدة الغضب والحقد على أهلها. وقد ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جهنم تتسع من شدة غضب الله تعالى.

وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث النبوي كيفية تأثير النار على أهلها، فقال: “إنها لتسجر حتى إذا سجرها الله تعالى فَجَاءَها مَلَكٌ فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنَّ أَهْلَ النَّارِ يَشْتَكُونَ مِنْ حَرِّهَا”، فتكون النار في أتم حالة من الغضب والاشتعال.

3. درجات النار وأطوار العذاب

جهنم ليست موحدة في درجات عذابها، بل هي درجات متفاوتة حسب نوع المعاصي التي ارتكبها أهلها. فقد ورد في القرآن الكريم عن الذين كفروا وقالوا: “وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِكَافِرِينَ حَصِيرًا” (الإسراء: 97). كما ورد في الحديث النبوي الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جهنم تتكون من سبع درجات، وكل درجة أغلظ وأشد من الأخرى. وتعتبر الدرجات السبع هي كما يلي:

1. الدرجة الأولى: وهي أشد درجات العذاب على الكافرين.

2. الدرجة الثانية: والتي يخصها العذاب للذين يفعلون المحرمات الكبرى.

3. الدرجة الثالثة: لعذاب المنافقين والمجرمين.

4. الدرجة الرابعة: للذين يعصون الله ولكن لهم قلوب مليئة بالشرك.

5. الدرجة الخامسة: لأهل الكبائر الذين لم يتوبوا.

6. الدرجة السادسة: للذين شككوا في الإيمان بالله.

7. الدرجة السابعة: وهي أغلظ درجات العذاب على أهل جهنم.

4. الطعام والشراب في جهنم

أهل جهنم لا يحصلون على طعام وشراب يخفف عنهم عذابهم، بل إن الطعام والشراب في جهنم هم من أسوأ وأبشع ما يتخيله الإنسان. يقال في القرآن الكريم: “إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ جَهَنَّمَ” (الصافات: 64)، وهي شجرة الزقوم التي يُجبر أهل جهنم على أكلها، وهي شجرة مرّة، تضر المعدة وتزيد من العذاب. كما أنهم سيشربون من الحميم الذي يكاد يذوب وجوههم من شدة حرارته، كما قال الله تعالى: “يُسْقَوْنَ مِنْ حَمِيمٍ فَتَقْطَعُ أَمْعَاءَهُمْ” (محمد: 15).

5. الملائكة الحارسة لجهنم

جهنم لا تُديرها سوى الملائكة التي خلقها الله سبحانه وتعالى لهذا الغرض. هؤلاء الملائكة هم غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم. وقد وصفهم القرآن الكريم قائلاً: “وَعَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ” (المدثر: 30)، وهم موكلون بعذاب أهل جهنم. وقد وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث: “أنهم ملائكةٌ شديدو الغضب لا يعصون الله ما أمرهم”.

6. الحديث عن أنواع العذاب في جهنم

من أبرز الصفات التي تميز جهنم هي تنوع العذاب فيها، حيث يتعدد أساليب العذاب لتتناسب مع مختلف الجرائم والذنوب التي اقترفها أصحابها. وفيما يلي أبرز أنواع العذاب الواردة في القرآن والسنة:

• العذاب بالنار: وهو العذاب الأساسي الذي يعاني منه أهل جهنم.

• العذاب بالحجارة: حيث يُرمى بها الكافرون.

• العذاب بالحميم: وهو شرابهم الذي يقطع أمعاءهم.

• العذاب بالزقوم: وهو طعامهم الذي يسبب لهم الألم الشديد.

• الضرب بالمقاري: حيث يُضرب أهل النار بالحديد والحديد المحمى في درجة حرارة لا تطاق.

7. الحدود الفاصلة بين جهنم والجنة

بين جهنم والجنة حاجز، ولا يمكن لأي إنسان أن ينتقل من الجنة إلى جهنم أو العكس إلا من خلال حكم الله تعالى. وقد ورد في الحديث الصحيح أن الله تعالى يجلب جهنم في يوم القيامة، فتسير أمام الخلق متأججةً وهي تحمل معها العذاب، حتى يُقال: “أَمَا يَحْتَسِبُ أَهْلُ النَّارِ فِي جَهَنَّمَ أَنْ قَدْ دَخَلُوا فِيهَا؟”.

8. النجاة من جهنم

إن النجاة من جهنم تتطلب من المسلم طاعة الله ورسوله، والتوبة عن الذنوب والمعاصي، والعمل الصالح الذي يقرب الإنسان إلى الله تعالى. كما أن الإيمان بالله ورسله وملائكته وكتبه واليوم الآخر هو الأساس الذي يجب أن يتحلى به كل مسلم. ذكر الله تعالى في القرآن: “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُو۟لَـٰٓئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” (البقرة: 82).

وفي الختام، فإن جهنم تعتبر في العقيدة الإسلامية أحد أفظع الأماكن التي يتم العذاب فيها على أشكال مختلفة، وقد وصفها القرآن الكريم والسنة النبوية بأنها مكان لا يُطاق، وأن العذاب فيها لا يرحم. ومن هنا فإن المسلم يجب أن يتجنب الوقوع في المعاصي التي تودي به إلى هذا المصير.