يستعرض كتاب “بريطانيا والعراق؛ حقبة من الصراع 1914-1958” للمؤلف محمد حمدي الجغفري، الصراع الذي نشأ بين بريطانيا والعراق منذ بدايات الحملة العسكرية البريطانية في أرض الفاو في البصرة عام 1914، والذي استمر حتى سقوط النظام الذي أنشأته بريطانيا في صيف عام 1958. يركز الكتاب على هذه الفترة الزمنية الحاسمة والمليئة بالأحداث، حيث كانت بريطانيا تمتلك القوة الاحتلالية والعراق يسعى جاهدًا إلى تحقيق الحرية والاستقلال.
تتبدد غموض الصراع عند انتهاء الحرب العالمية الأولى في عام 1918، حيث واجهت بريطانيا ثورة شعبية في العراق في عام 1920، ردًا على نظام الانتداب الذي فرضته مجلس عصبة الأمم. كان هذا النظام سببًا في خسائر هائلة، مادية وبشرية، في صفوف القوات البريطانية المحتلة، مما دفع الحكومة البريطانية إلى تغيير سياستها تجاه العراق. بدأت بريطانيا بتأسيس حكومة وطنية تعمل تحت إشرافها، ولكن الصراع المرير بين الشعب العراقي والهيمنة البريطانية استمر على مدى أربعة عقود.
يعكس الكتاب تحولات السياسة البريطانية تجاه العراق، والجهود الحثيثة التي بذلها الشعب العراقي للتخلص من السيطرة البريطانية. تمثلت هذه الجهود في صراع مستمر اتخذ أشكالًا متنوعة على مر السنوات. وفي النهاية، فشلت بريطانيا في المحافظة على نفوذها في العراق، حيث سقط النظام الذي أقامته في صيف عام 1958، مما أدى إلى انقضاء النفوذ البريطاني تمامًا.
يتسلح الباحث بوثائق بريطانية موثقة تمكنه من فحص واستكشاف التفاصيل وراء هذا الصراع المعقد، مما يجعل الكتاب مصدرًا مثيرًا وفريدًا للفهم العميق لتلك الحقبة التاريخية. يُلقي الكتاب الضوء على جوانب لم تكن معروفة سابقًا، مما يثري فهمنا للصراع وتأثيراته على الساحة العراقية والعلاقات الدولية في تلك الفترة.