في كتاب “السلطة والمعارضة في الإسلام” الذي كتبه الباحث والمؤرخ زهير هواري، يستعرض الكاتب بعمق وتأنيب التاريخ الإسلامي منذ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم حتى سقوط الدولة الأموية على يد الثورة العباسية. يندرج المحتوى تحت محور مركزي هو فهم مفهومي السلطة والمعارضة في هذه الحقبة التاريخية المهمة.
يأخذنا هذا الكتاب في رحلة عبر العصور، حيث يرصد زهير هواري بدقة الدينامية الصراعية التي مرت بها المجتمعات الإسلامية في تلك الفترة الحاسمة. يعتبر البحث، الذي كان موضوعاً لأطروحة دكتوراه في التاريخ الإسلامي، تحفة فريدة تربط بين الماضي والحاضر.
من خلال استعراض معالم سلطة الرسول في المدينة، يسلط الضوء على طبيعة وتطوّر المعارضات التي نشأت خلال حياته وتصاعدت بعد وفاته. تتصارع هذه المعارضات مع الخلفاء الراشدين، ثم تتجلى بشكل أكثر وضوحًا في فترات لاحقة، حيث يُغتال بعض الخلفاء على قاعدة الامتيازات والمكتسبات التي جنيت جوائزها من خلال الفتوحات والهيمنة على الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية.
تظهر المعارضات بتعدد وجوهها وتنوعها، ولكنها دائماً تحت راية الإسلام، مستندة إليه ومتغذية من المعين القبلي والإقليمي الذي ظهر منذ العصور الأولى. يكشف الكتاب عن كيفية تجسيد السلطة والمعارضة في الإسلام، وكيف تجسد هذا الصراع داخل السلطة وفي مواجهتها في أغلب الأحيان.
وفي ظل هذا الصراع، تظهر العديد من الفرق والجماعات، بعضها ما زال حاضرًا حتى يومنا هذا، مما يبرز استمرارية هذا الوراثة التاريخية والاجتماعية في حياة المجتمع الإسلامي والعربي المعاصر. تقدم المؤسسة العربية للدراسات والنشر هذا الكتاب الرائع، الذي يتألق بغلافه الكرتوني، في فئة التاريخ والجغرافيا، وتحديدًا في فرع الدراسات التاريخية.