في رحاب رواية “لمن الزيتون؟” للكاتبة فاطمة شرف الدين، نجد أنفسنا أمام لوحة أدبية تتألق ببراعة في توصيل القارئ إلى عالم مشوق، حيث تقام مأساة صغيرة تندلع حول شجرة الزيتون الواقعة في الوسط بين بيتين. القصة تنطلق في يوم الحصاد، حيث يندلع صراع حاد بين أفراد عائلتين متصارعتين على حصاد الزيتون الذي يعتبر كنزًا لا يقدر بثمن.
وكما هو الحال في الحياة، يكون الصراع محورًا مثيرًا للتفكير، حيث يتبارى أفراد العائلتين في اقتناص هذه الثمار الفاتنة. يكمن السر في طرح السؤال الذي يتجلى في عنوان الرواية: “لمن الزيتون؟”، فهل يتجه الزيتون إلى يد الذي يمتلك الحق الأكبر أم يبقى مصيره محل جدل وتساؤلات؟
تتألق فاطمة شرف الدين في استخدامها لغة سلسة ووصف دقيق يجعل القارئ يعيش تلك اللحظات وكأنه حاضر في وسط الأحداث. الرواية تعمق في تفاصيل الحياة اليومية لهذه العائلتين، وتكشف النقاب عن دوافعهم ومشاعرهم وتحولاتهم أثناء هذا الصراع الشديد.
تتألق الرواية أيضًا برسوماتها البديعة وعباراتها الفذة، حيث يتجلى مهارة الكاتبة في خلق جو من التشويق والترقب. يظهر في صفحاتها التوتر العائلي والصراعات الداخلية، مما يمنح القارئ فرصة للتأمل في قضايا الهوية والانتماء والحقوق.
تأتي هذه الرواية كمساهمة قيمة في فن السرد، حيث يتسلل السؤال الجوهري في ذهن القارئ: هل الزيتون سيكون لمن يمتلك القدرة الأقوى، أم سيكون لمن يستحقه بحق؟ إنها مسألة تتجاوز حدود الزراعة لتمتد إلى أبعاد أعمق تتعلق بالعدالة والتضحية والتضامن.
تضفي الرواية نمطًا مثيرًا من التفرد إلى أدب الطفل، حيث يمكن للصغار والكبار الاستمتاع بقراءة هذا العمل الأدبي الرائع الذي يحمل في طياته دروسًا قيمة ورسائل عميقة حول التعاون والعدالة وأهمية فهم مفهوم الحقوق والواجبات.
يقف القارئ أمام تحفة أدبية تعكس حرفية الكاتبة وقدرتها على إيصال فلسفة الحياة من خلال أحداث روائية مشوقة. “لمن الزيتون؟” ليست مجرد قصة، بل هي رحلة أدبية تأخذنا إلى عمق العلاقات الإنسانية وتفتح أبواب التأمل في قضايا الحق والعدالة في سياقٍ يتسم بالروحانية والجمال.