“صراع الأضداد، المعارضة العراقية بعد حرب الخليج 1990م حتى عام 1996م”، هو عمل ممتع وعميق للدكتور علي الشمراني، الذي يقدم تحليلاً مفصلاً وشيقاً لملامح المعارضة العراقية بعد حرب الخليج في الفترة الممتدة بين عامي 1990 و1996. يتناول الكتاب خريطة المعارضة العراقية بكل تعدد أطيافها وتشكيلاتها، ويتناول الخلفيات الأيديولوجية والقومية والمذهبية لتجمعات المعارضة.
الكتاب، الذي يعد في جذوره أطروحة دكتوراه من جامعة لندن (Kings College)، يسهم بشكل كبير في فهم الفكر السياسي والاجتماعي في العراق. يقدم الكاتب تحليلاً عميقاً لتكوينات المعارضة، حيث يلقي نظرة على التفاصيل والانقسامات التي تميز هذه التشكيلات. ولا يكتفي الشمراني بدراسة الكتب والمؤلفات والبرامج السياسية للأحزاب والتجمعات والمؤتمرات، بل يقوم بمسح دقيق للشخصيات البارزة والقوى داخل المعارضة، ويجري مقابلات حية لفهم الرؤى والأوجه المتعددة لهذه الجماعات.
وفي سعيه للكشف عن التطورات الإقليمية والدولية للمعارضة، يستعرض الدكتور الشمراني تأثير غزو القوات العراقية للكويت في عام 1990، ويتابع تحليله للوضع بعد دخول قوات صدام مدينة أربيل، المعقل الرئيسي للمعارضة، في عام 1996. كما يلقي الضوء على الدعم المادي والمعنوي الذي حصلت عليه المعارضة، ويحلل أسباب انقسامها وفشلها في تحقيق أهدافها المرجوة.
يتعامل الكتاب أيضاً بروح منهجية مع سبل النجاح والمستلزمات الضرورية للخروج من الأزمة على صعيد الحكم والمعارضة. وبهذا يكون الكتاب إضافة استراتيجية هامة للمكتبة العراقية والعربية، ويرسم صورة مفصلة لتاريخ الدولة العراقية. يمتلك الكتاب طابعًا فريدًا يضفي قيمة وحيوية إلى فهم السياق السياسي والاجتماعي في الفترة المعنية.