قواعد تقديم واجب العزاء

8 قواعد عليك الالتزام بها أثناء تقديم واجب العزاء

إن تقديم واجب العزاء هو من أبرز مظاهر التفاعل الاجتماعي التي يظهر فيها الإنسان تعاطفه مع الآخرين في أوقاتهم الصعبة، وبالتحديد عندما يفقدون أحد أفراد أسرهم أو أحباءهم. فالعزاء ليس مجرد إشارة تعاطف، بل هو أيضًا تعبير عن القيم الإنسانية النبيلة مثل التضامن والمواساة والاحترام. ومع ذلك، هناك بعض القواعد التي ينبغي أن يتم الالتزام بها عند تقديم واجب العزاء، لكي يكون هذا الفعل مليئًا بالاحترام والحساسية تجاه مشاعر الآخرين.

1. تقديم التعازي في الوقت المناسب

من أبرز قواعد العزاء هو تقديم التعازي في الوقت المناسب. ويعتبر الوقت المناسب هو عندما يمر الحزن الأول وتبدأ العائلة في التكيف مع الواقع. في الغالب، يتوجه المعزون إلى منزل العائلة المتأثرة بالحزن بعد مراسم الدفن، لكن هذا لا يعني أن تقديم العزاء يمكن تأجيله إلى ما بعد الأيام الأولى. بعض الناس يفضلون الذهاب بعد مرور أيام أو حتى أسابيع على الوفاة، حيث يكون الموقف أكثر قبولًا من قبل أهل الفقيد. لا ينبغي للمرء أن يذهب بشكل متأخر جدًا أو مبكر جدًا، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى إحراج أو مشاعر مزعجة لدى العائلة.

2. الكلمات المناسبة والمواساة الصادقة

من القواعد الأساسية التي يجب أن يلتزم بها الشخص الذي يقدم واجب العزاء هي اختيار الكلمات المناسبة. في لحظات الحزن العميق، الكلمات تكون بمثابة دعم معنوي، وبالتالي فإن الشخص الذي يقدم العزاء يجب أن يتجنب الكلمات التي قد تكون غير لائقة أو مزعجة. على سبيل المثال، يجب تجنب العبارات التي قد تبدو متسائلة أو محبطة مثل: “هل كان مريضًا طويلًا؟” أو “كان من الممكن أن تفعلوا شيئًا لحمايته”. بدلاً من ذلك، يجب أن تقتصر الكلمات على العبارات الداعمة والمواساة مثل “إنا لله وإنا إليه راجعون” أو “اللهم اجعلها آخر الأحزان” أو “أعظم الله أجركم وألهمكم الصبر”. إن قول كلمات صادقة من القلب يكون له أكبر الأثر في تقديم الدعم العاطفي للمصابين.

3. التحلي بالهدوء والتفهم

العزاء ليس مكانًا للتباهي أو التفاخر، بل هو وقت للتحلي بالهدوء والتفهم. يجب على الشخص الذي يقدم التعازي أن يظهر شعورًا عميقًا من الحزن مع العائلة ويجب عليه تجنب التصرفات التي قد تشتت الانتباه أو تجعل الوضع أكثر صعوبة. من الأفضل أن تكون الزيارة قصيرة ومؤثرة، دون محاولة السعي وراء الحديث في مواضيع أخرى، بل التركيز على دعم أهل الفقيد بشكل مستمر. كما ينبغي أن يتسم الشخص بالهدوء وعدم إظهار أي مشاعر من عدم الراحة التي قد يشعر بها، فهذا قد يضر بالجو العام ويزيد من حزن الشخص المتأثر.

4. احترام عادات وتقاليد العائلة

كل مجتمع وعائلة لديه تقاليد معينة في التعامل مع الموت وأداء مراسم العزاء. في بعض العائلات، قد تكون هناك طريقة معينة للجلوس أو التصرف أثناء زيارة العزاء. من الضروري احترام هذه التقاليد وعدم تجاهلها. على سبيل المثال، قد تفضل بعض العائلات أن يتناول المعزون الطعام بعد مراسم العزاء في منزلهم، بينما قد يفضل آخرون التزام الصمت أو عدم تبادل الأحاديث. لذا من الواجب على الزائر أن يكون على دراية بالعادات المحلية المتبعة في العائلة لكي لا يسبب أي إحراج.

5. تجنب الظهور في الأماكن العامة بشكل مبالغ فيه

يجب على المعزون أن يلتزموا بدرجة من الخصوصية في تعاملهم مع الحزن. فظهورهم في الأماكن العامة بشكل مبالغ فيه أو التصرف بعفوية قد يؤدي إلى استغلال الموقف. العزاء لا يعني أن تكون الزيارة مناسبة للحديث عن الأمور الشخصية أو لتقديم نصائح غير مرغوب فيها. من الأفضل أن تكون الزيارة مركزة على الدعم المعنوي البسيط والهادئ. تجنب إحضار أشياء تشتت الانتباه مثل الهدايا الفاخرة أو المظاهر المتكلفة، حيث إن ذلك قد يخلق شعورًا بالغربة أو الارتباك.

6. التفهم لمشاعر الحزن العميق

عند تقديم واجب العزاء، من الأهمية بمكان أن يكون الزائر على دراية بمشاعر الشخص المتألم. يجب أن يكون قادرًا على فهم عمق الحزن وألا يتوقع أن الشخص المتألم في لحظاته الأولى من فقدان شخص عزيز يمكنه الرد بطريقة إيجابية أو غير حزينة. في الواقع، قد يشعر البعض بمشاعر متضاربة أو من الحزن العميق بحيث لا يمكنهم التحدث أو الرد على المعزين. لذا، يجب على المعزي أن يتجنب أي محاولات لدفع المحزون للتحدث أو الابتسام. يجب أن يتم التعاطف مع مشاعرهم، وأن يُترك لهم الوقت الكافي للتعامل مع الحزن بطريقتهم الخاصة.

7. استخدام لغة الجسد بحذر

أحد الجوانب المهمة أثناء تقديم واجب العزاء هو لغة الجسد، فهي تلعب دورًا كبيرًا في إيصال التعاطف والدعم. عند الحديث مع العائلة المتألمة، يجب أن يكون الزائر حريصًا على إظهار تعاطفه من خلال لغة جسده. يمكن أن تكون نظرة حانية أو لمسة على اليد أو اليدين أو حتى تصافح يد الشخص الآخر، إلا أن هناك بعض المواقف التي قد تكون فيها هذه الحركات غير مناسبة، خاصة إذا كان الشخص الآخر لا يرغب في التفاعل بشكل مباشر. لذلك، من الأفضل الانتباه إلى ردود فعل الشخص المتألم واختيار الطريقة الأنسب للتعبير عن الدعم.

8. الانسحاب برفق بعد تقديم التعازي

يعد الانسحاب بعد تقديم واجب العزاء خطوة هامة ينبغي أن يتم التعامل معها بحذر. يجب على المعزين أن يكونوا على دراية بأن لحظات الحزن تكون صعبة، ولا ينبغي أن يستمروا في الوجود لفترة طويلة بعد تقديم تعازيهم. الزيارة القصيرة مع كلمات قليلة تؤدي دورها على أكمل وجه، أما الإطالة فقد تشعر الأسرة بزيادة الضغط. بعد الانتهاء من تقديم العزاء، من الأفضل مغادرة المكان بهدوء وبطريقة لا تترك أثارًا سلبية، مما يسمح للعائلة بمواصلة تعاملهم مع حزنهم الخاص.

خاتمة

تقديم واجب العزاء هو مسؤولية إنسانية واجتماعية تتطلب من الفرد التحلي بالحساسية والاحترام تجاه مشاعر الآخرين. من خلال اتباع القواعد الأساسية المذكورة أعلاه، يمكن للفرد أن يضمن أن زيارة العزاء ستكون محط احترام ودعم حقيقي للعائلة المتألمة. إن التزام هذه القواعد لن يكون فقط مصدرًا للراحة لأهل الفقيد، بل سيعكس أيضًا التزامنا بمبادئ التضامن والتعاطف في أوقات المحن.