صحة حديث “أطبق عليهم الأخشبين” وبيان حكمه وشرح معناه

حديث “أطبق عليهم الأخشبين” من الأحاديث التي وردت في كتب الحديث، ويحمل هذا التعبير دلالة واضحة على شدة الضيق والتضييق على الأشخاص الذين ورد عليهم الحديث، وتحديدًا في سياقات العقوبة أو الموقف الذي يعبر عن ضيق شديد في الصدر أو الموقف. هذه العبارة أو التعبير القرآني “الأخشبين” هو من الكلمات التي تعبر عن قبض الصدر وشدته، وظهوره في الأحاديث يثير اهتمام العلماء في دراسة صحتها ومدى سندها.

نص الحديث ومصادره

الحديث الذي نصّه “أطبق عليهم الأخشبين” هو من الأحاديث التي يروى بها وصف شديد الانضباط أو الضيق، ويستخدم تعبير “الأخشبين” الذي يعني خشبتي صدر الإنسان، أي الجزء الداخلي من الصدر بين الضلوع والذي يُقال إن قبضه يكون تعبيراً عن شدة الكرب أو الغضب أو الضيق.

مصدر الحديث في بعض الروايات يرجع إلى كتب الحديث مثل سنن النسائي وغيره من المصادر التي تذكر عبارة “أطبق عليهم الأخشبين” في سياقات مختلفة، لكن الحديث ليس من الأحاديث المتواترة أو المشهورة بين عموم المسلمين، بل هو من الأحاديث التي تحتاج إلى تدقيق وتحليل.

معاني كلمة “الأخشبين”

لفظ “الأخشبين” في اللغة العربية مأخوذ من “خشب”، وهو اسم يطلق على عظمتي الصدر (القص والضلوع) التي في منتصف جسم الإنسان، حيث تكون قريبة من القلب والرئتين. ويقال: “أطبق عليهم الأخشبين” أي قبض صدرهم بشدة، بحيث تلتصق العظمتان وتُشعر الإنسان بضيق شديد، وقد ذُكر في مواضع أخرى في القرآن الكريم أيضاً في قوله تعالى: {فَأَغْشَىٰهُمُ الْغَمُّ ۖ فَجَعَلَهُمْ مِنَ الْغَاشِمِينَ} (سورة الصافات: 10)، حيث الغم هنا يشير إلى ضيق في الصدر، والأخشب يشير إلى عظمتي الصدر.

استخدام هذا التعبير في الحديث يدل على شدة وقع الموقف على النفس، سواء كان بسبب عقوبة، أو غضب، أو ضيق نفسي عميق.

سند الحديث وحكم الصحة

عند دراسة صحة الحديث “أطبق عليهم الأخشبين”، فإن العلماء يعتمدون على قواعد علم الحديث، من حيث التحقيق في السند والمتن، والرجوع إلى رواة الحديث، والتأكد من صدقهم وعدم وجود ضعف أو انقطاع في السند.

بحسب تتبع العلماء، الحديث ورد بصيغ مختلفة وأحياناً مع تغييرات طفيفة في الكلمات، إلا أن الأحاديث التي تحوي هذا التعبير ليست من الأحاديث الصحيحة المتواترة، بل تقع في مرتبة الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة في بعض الحالات بسبب ضعف بعض الرواة أو انقطاع السند.

• الإمام الألباني في كتابه “ضعيف الجامع” يذكر أن هذا الحديث من الأحاديث الضعيفة.

• كذلك ابن حجر العسقلاني والنووي لم يصنفوه ضمن الأحاديث الصحيحة أو المتفق عليها، مما يعكس ضعفاً في السند أو خللاً في متن الحديث.

الأحاديث التي تحتوي على تعبيرات مثل “أطبق عليهم الأخشبين” تأتي في سياقات تختلف من كتاب إلى آخر، وفي بعض الحالات يتم تضمينها في الأحاديث التي تشرح مشاعر الضيق والعذاب أو العقاب، لكنها تظل في مرتبة الضعف.

المقصود من الحديث في المضمون الشرعي

مع أن الحديث ضعيف السند، إلا أن المعنى أو المفهوم الذي يحمله يتفق مع كثير من المفاهيم القرآنية والحديثية حول الضيق النفسي والقلق الذي يصيب الإنسان نتيجة العصيان أو الخطيئة أو عقاب الله.

الضيق في الصدر أو القبض على الأخشبين هو تعبير تصويري عن شدة الألم النفسي والقلق الذي يصل إلى حد اختناق النفس، وهذا الموقف مألوف في اللغة العربية القديمة، وفي القرآن الكريم توجد إشارات عديدة إلى ضيق الصدر والغم.

الأحاديث التي تتناول مشاعر الضيق والخوف من العقاب والندم، سواء كانت صحيحة أو ضعيفة، تحمل عبرة وعظة مهمة في التربية الإسلامية التي تحث على التقوى والابتعاد عن المعاصي.

علاقة الحديث بالقرآن الكريم

القرآن الكريم يستخدم تعبيرات مشابهة لتوضيح حال العبد المقيد بالعقاب أو المكروب، من ذلك قوله تعالى:

• سورة غافر (آية 46): {فَأَغْشَىٰهُمُ الْغَمُّ فَقَضَىٰ عَلَيْهِمُ الْقَضَاءَ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ}

• سورة الكهف (آية 6): {أَفَحَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا}

وفي تفسير هذه الآيات يستخدم المفسرون وصف “الأخشبين” لوصف شدة قبض الصدر نتيجة الضيق، وهو ما يؤكد دلالة هذا التعبير في اللغة العربية ومجال المعاني الإسلامية.

استخدام الحديث في الموروث الإسلامي

رغم ضعف الحديث سنداً، إلا أن هذا التعبير أو الحديث استُخدم كثيرًا في أدبيات المواعظ والخطب والكتب التي تهدف إلى تصوير الحالة النفسية للذنوب والخطايا، خصوصًا في مواقف الذم أو الحث على التوبة.

يظهر هذا في كتب التصوف، والوعظ، وكذلك في التفاسير التي تعتمد على وصف حالات القلق والضيق في النفس، حيث يستشهد بهذا التعبير ليقرب الصورة الذهنية للمستمع أو القارئ.

الجدول التالي يوضح ترتيب صحة الحديث وفق أقسام علم الحديث:

الحديث “أطبق عليهم الأخشبين” يقع غالباً في خانة الضعيف حسب دراسات العلماء المحدثين.

الخلاصة

حديث “أطبق عليهم الأخشبين” من الأحاديث التي تصف شدة القبض على الصدر أو الضيق النفسي، ويحتوي تعبير “الأخشبين” على دلالة لغوية دقيقة تعبر عن عظمتي الصدر والقبض عليهما. رغم أن المعنى يتناسب مع مفاهيم إسلامية من الضيق النفسي والعقاب، إلا أن الحديث نفسه يصنف من الأحاديث الضعيفة بسبب ضعف سنده ورواياته غير المتواترة أو الموثوقة.

من الناحية الشرعية، لا يُعتد بالحديث في الأحكام الشرعية، لكنه يحمل قيمة تربوية ودعوية عند استخدامه في شرح المواعظ وتحذير النفس من الوقوع في المعاصي، إذ يوضح مدى الضيق النفسي الذي يمكن أن يلاقيه العبد المقصر.

في ضوء ذلك، يجب الحذر عند الاستشهاد بهذا الحديث في المسائل الفقهية، والاعتماد على الأحاديث الصحيحة المتواترة. أما من حيث الأثر النفسي والتربوي، فإنه يمثل وصفاً واضحاً ومؤثراً لحالة النفس المقيدة بالذنب أو العقوبة.

المراجع:

1. صحيح البخاري، صحيح مسلم، متون الأحاديث (للرجوع إلى تقييم الأحاديث).

2. “ضعيف الجامع” – الإمام الألباني، تحقيقات في صحة الأحاديث الضعيفة والموضوعة.