صبغ الشعر بعد الكيراتين

هل يمكن صبغ الشعر بعد الكيراتين؟ الدليل العلمي والعملي الشامل

العناية بالشعر تمثل ركيزة أساسية في روتين الجمال لدى الكثير من النساء والرجال على حد سواء، خصوصاً مع التوجه المتزايد نحو استخدام العلاجات الكيميائية مثل الكيراتين التي تهدف إلى تنعيم الشعر وتقويته ومنحه مظهراً صحياً ولمعاناً يدوم لفترة طويلة. لكن بعد جلسة الكيراتين، يثور تساؤل مهم لدى كثير من الأشخاص: هل يمكن صبغ الشعر بعد الكيراتين؟ وهل هناك مخاطر أو تأثيرات جانبية لهذا الدمج بين العلاج والصبغة؟ هذا المقال الموسّع يتناول هذا الموضوع من زواياه كافة، مستعرضاً الآثار الكيميائية، العلمية، والتجميلية لصبغ الشعر بعد الكيراتين، إلى جانب الإرشادات الأمثل لضمان نتائج صحية وجمالية آمنة.

ما هو علاج الكيراتين؟

علاج الكيراتين هو إجراء كيميائي يُستخدم لتنعيم الشعر المجعد أو المتطاير وتحسين مظهره من خلال تغليف الشعر بطبقة بروتينية مشتقة من الكيراتين – وهو البروتين الطبيعي المكوّن للشعر والأظافر. تعمل هذه الطبقة على سد المسامات والتشققات في الطبقة الخارجية للشعرة (الكيوتيكل)، ما يمنحها مظهراً أكثر نعومة ولمعاناً.

يستمر تأثير الكيراتين عادة من 3 إلى 6 أشهر، بحسب نوع الشعر وطريقة العناية به، ويقل تدريجياً مع الغسل المتكرر، خصوصاً إذا لم تُستخدم منتجات خالية من الكبريتات.

العلاقة الكيميائية بين الكيراتين والصبغة

لفهم ما إذا كان من الآمن صبغ الشعر بعد علاج الكيراتين، لا بد أولاً من التعرف على التركيبة الكيميائية لكلا المنتجين:

• الكيراتين: يحتوي على مركبات بروتينية وأحياناً مواد مثل الفورمالديهايد أو مشتقاته (في بعض التركيبات التجارية) التي تساعد على تثبيت البروتين داخل الشعرة من خلال استخدام حرارة المكواة لتغليفها.

• الصبغات: تتكون من مواد مؤكسدة مثل بيروكسيد الهيدروجين (H2O2) والأمونيا، وهي مركبات تفتح طبقة الكيوتيكل للسماح للصبغة بالتغلغل داخل الشعرة.

عند صبغ الشعر مباشرة بعد الكيراتين، هناك تفاعل كيميائي محتمل بين المواد المؤكسدة ومكونات العلاج، ما قد يؤدي إلى تلاشي تأثير الكيراتين أو تغير غير مرغوب في لون الصبغة أو ملمس الشعر.

التوقيت المثالي لصبغ الشعر بعد الكيراتين

بحسب توصيات خبراء الشعر والكيميائيين المتخصصين في العناية التجميلية، يُفضل الانتظار فترة زمنية معينة بعد جلسة الكيراتين قبل البدء بصبغ الشعر. تتراوح هذه المدة عادة بين 10 إلى 14 يوماً. هذا الانتظار ضروري لعدة أسباب:

1. تثبيت الكيراتين داخل الشعرة: يستغرق الكيراتين عدة أيام حتى يستقر ويترابط تماماً مع بنية الشعر. أي تدخل كيميائي خلال هذه الفترة يمكن أن يضعف هذا الترابط.

2. تجنب تلف الشعر: بعد العلاج، تكون الشعرة أكثر عرضة للتكسر والجفاف، لذلك ينبغي الانتظار حتى تستعيد توازنها البنيوي.

3. ضمان امتصاص متساوٍ للصبغة: إذا تم صبغ الشعر مباشرة بعد الكيراتين، قد لا تمتص الشعرة الصبغة بشكل موحّد، مما يؤدي إلى تدرجات لونية غير متناسقة.

ماذا يحدث إذا صُبغ الشعر قبل مرور المدة المناسبة؟

عند صبغ الشعر بعد العلاج مباشرة، قد يُلاحظ:

• فقدان اللمعان والنعومة التي يمنحها الكيراتين.

• تلاشي اللون بسرعة بسبب تفاعل الصبغة مع البروتين المغلف للشعرة.

• تلف الشعرة أو تقصفها نتيجة تراكم العمليات الكيميائية عليها في وقت قصير.

• نتائج لونية غير متوقعة بسبب تفاعل الصبغة مع آثار الفورمالين أو الأمونيا.

لذلك، يُعدّ احترام التوقيت المناسب عاملاً حاسماً للحفاظ على صحة الشعر وفعالية العلاج.

الجدول الزمني الأمثل للعناية بالشعر بعد الكيراتين

الصبغة قبل أم بعد الكيراتين؟

يفضل بعض خبراء تصفيف الشعر إجراء الصبغة قبل جلسة الكيراتين وليس بعدها، وذلك للأسباب التالية:

• الكيراتين يساعد في تثبيت اللون ويمنحه لمعاناً أطول.

• يمنع الكيراتين من فتح طبقة الكيوتيكل مجدداً بعد الصبغة، ما يحافظ على ثبات اللون.

• يقلل من الحاجة إلى صبغ متكرر بسبب ثبات اللون داخل الشعرة المغلّفة.

لكن، ينبغي الحذر من إجراء صبغة مباشرة قبل الكيراتين بوقت قصير، بل يُنصح بترك فاصل يومين على الأقل للسماح للشعر بالتنفس.

أنواع الصبغات الأنسب بعد الكيراتين

ليست كل أنواع الصبغات مناسبة بعد علاج الكيراتين. إليك أبرز الخيارات الآمنة نسبيًا:

• الصبغات الخالية من الأمونيا: تقلل من تفاعلها مع مكونات الكيراتين، وتكون ألطف على بنية الشعرة.

• الصبغات النباتية أو الطبيعية: مثل الحناء أو الصبغات المحتوية على خلاصة الأعشاب، ولكن يجب الحذر لأن بعضها قد يؤدي إلى نتائج غير متوقعة مع الكيراتين.

• الصبغات شبه الدائمة (Demi-Permanent): تحتوي على نسبة منخفضة من المؤكسدات وتختفي تدريجياً مع الغسل، لذا هي أقل ضرراً على الشعر المعالج بالكيراتين.

العناية بالشعر بعد الصبغة والكيراتين معًا

لضمان نتائج مثالية والحفاظ على صحة الشعر ولمعانه بعد الخضوع لكل من الكيراتين والصبغة، من الضروري اتباع روتين عناية دقيق ومتوازن:

1. اختيار شامبو وبلسم خاليين من الكبريتات: الكبريتات تزيل طبقة الكيراتين والصبغة تدريجياً، لذا يجب تجنبها.

2. تجنب الحرارة المفرطة: الحرارة العالية تساهم في تكسر الشعرة وضعفها، لذا يفضل استخدام حرارة معتدلة مع منتجات حماية حرارية.

3. ترطيب عميق منتظم: استخدام ماسكات الشعر الغنية بالبروتين والزيوت الطبيعية مثل زيت الأرغان أو زيت جوز الهند مرة أسبوعياً.

4. تجنب غسل الشعر بكثرة: كلما قلّت مرات غسل الشعر، زاد عمر الكيراتين والصبغة معاً.

5. تجنب الماء المالح أو المكلور: يجب ارتداء قبعة السباحة واستخدام سيروم واقٍ قبل السباحة.

التأثيرات التجميلية: اللون والملمس والمظهر

بعد الكيراتين، تصبح بنية الشعرة أكثر سلاسة ومغلقة، ما يؤثر على كيفية امتصاص الصبغة. لهذا السبب، قد يبدو اللون أخف أو أغمق قليلاً مما هو متوقع. كذلك، يُلاحظ أن الشعر المصبوغ بعد الكيراتين يبدو أكثر لمعاناً ونعومة، لكنه قد يحتاج إلى تجديد للون بوتيرة أسرع بسبب تقشير الطبقة الخارجية تدريجياً مع مرور الوقت.

خرافات شائعة حول صبغ الشعر بعد الكيراتين

• “لا يمكن صبغ الشعر بعد الكيراتين نهائيًا”: غير دقيق. يمكن صبغه ولكن بشروط وبتوقيت مناسب.

• “الصبغة تبطل مفعول الكيراتين تمامًا”: فقط إذا استُخدمت مباشرة بعد الجلسة أو احتوت على تركيزات عالية من الأمونيا والبيروكسيد.

• “الكيراتين يغير لون الصبغة”: في حالات نادرة، خصوصًا مع الألوان الفاتحة جدًا أو درجات الأشقر، وقد يظهر ميل إلى الاصفرار إذا لم يُستخدم تونر مناسب.

الخلاصة العلمية والتجميلية

إن إجراء صبغة للشعر بعد علاج الكيراتين ممكن وآمن بشرط الالتزام بالتوقيت المناسب واختيار المنتجات الكيميائية الخفيفة والمتوافقة مع الشعر المعالج. الدمج بين العلاجين يجب أن يتم وفق معايير دقيقة تضمن صحة الشعر واستدامة النتائج الجمالية المرغوبة. فكلما كانت المعرفة أفضل بالخواص الكيميائية والتجميلية لهذه الإجراءات، كان التحكم في النتيجة النهائية أكثر فاعلية وجاذبية.

المصادر العلمية:

1. International Journal of Trichology – دراسة حول تأثير المواد الكيميائية على بنية الشعر المعالج.

2. American Academy of Dermatology – توصيات رسمية بشأن العلاجات التجميلية للشعر وتأثيراتها المتبادلة.

هل ترغب في مقال عن تأثير الصبغات النباتية على الكيراتين أيضًا؟