شروط زكاة المال بالتفصيل

شروط زكاة المال

تعد الزكاة واحدة من أركان الإسلام الخمسة التي فرضها الله سبحانه وتعالى على المسلمين، وهي واجب ديني فرضه الله لتحقق العدالة الاجتماعية وتطهير المال والنفس. وقد أشار القرآن الكريم والسنة النبوية إلى الزكاة كوسيلة لتنقية المال، وتحقيق التوازن بين أفراد المجتمع. وتعتبر زكاة المال أحد أهم أنواع الزكاة، حيث يُطلب من المسلم الذي يملك مالًا بالغًا النصاب ومر عليه الحول أن يؤدي هذا الواجب تجاه الفقراء والمحتاجين. في هذا المقال، سنستعرض شروط زكاة المال بالتفصيل، مع توضيح الحالات التي يجب فيها إخراج الزكاة والمقادير المطلوبة.

1. أن يكون المال مملوكًا لصاحبه بالكامل

من شروط وجوب الزكاة في المال أن يكون المال مملوكًا للشخص بالكامل، بمعنى أن يكون المالك هو الذي يمتلك حق التصرف الكامل في المال سواء كان ذلك مالًا نقديًا أو مالًا عينيًا مثل العقارات أو التجارة أو الأموال الأخرى. إذا كان المال مملوكًا لآخرين أو في حالة دين لم يتم سداده، فلا يجب إخراج الزكاة عن هذا المال.

التفسير الشرعي:
عندما يكون المال ملكًا لشخص آخر، أو يكون هناك شراكة أو دين مستحق عليه، فلا يمكن إخراج الزكاة إلا عن حصته الخاصة التي يملكها.

2. أن يبلغ المال النصاب

النصاب هو الحد الأدنى من المال الذي يجب على المسلم أن يملكه حتى يكون ملزمًا بإخراج الزكاة. ويختلف النصاب حسب نوع المال. بالنسبة للنقد (الذهب والفضة أو ما يعادلهما في العملة الحديثة)، فقد حدد النصاب للذهب بوزن 85 جرامًا، وللفضة بوزن 595 جرامًا.

في حال كانت الأموال الموجودة تساوي أو تزيد عن هذا المبلغ، فيجب إخراج الزكاة عنها. أما إذا كان المبلغ أقل من النصاب، فلا يتم إخراج الزكاة عن هذا المال.

مثال:
إذا كان شخص يملك مالًا نقديًا يعادل في قيمته 1000 دينار، وكان النصاب بالنسبة للمال النقدي في بلده هو 500 دينار، فإن هذا الشخص يجب عليه إخراج الزكاة عن هذا المال.

3. أن يكون المال حالًا عليه الحول

الحول هو مرور عام هجري كامل على المال من وقت وصوله إلى النصاب. بمعنى أنه لا يجب إخراج الزكاة إلا بعد مرور عام هجري كامل على المال الذي بلغ النصاب. إذا مر الحول على المال، وجب إخراج الزكاة بنسبة 2.5% من إجمالي المال.

التفسير الشرعي:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من صاحب مال لا يؤدي زكاته إلا جعل يوم القيامة شجاعًا أقرعًا” (رواه البخاري). هذه الرواية تبرز أهمية مرور الحول على المال قبل إخراج الزكاة.

4. أن يكون المال في ملك الشخص وقت إخراج الزكاة

يجب أن يكون المال في ملك الشخص وقت إخراج الزكاة. إذا كان الشخص قد قام بإنفاق المال قبل حلول موعد إخراج الزكاة، فليس عليه إخراج الزكاة عن هذا المال. ولذلك، يتعين على المسلم أن يتحقق من ملكيته للمال عند حلول موعد إخراج الزكاة.

التفسير الشرعي:
إن المال الذي لا يملكه الشخص في وقت الزكاة لا يحتسب في حساب الزكاة، وهذا يعني أن الزكاة لا تجب إلا على المال الذي يظل في ملكه طوال الحول.

5. أن يكون المال ليس محاطًا بالديون المستحقة

إذا كان الشخص مديونًا ولا يستطيع دفع ديونه في الوقت الذي بلغ فيه المال النصاب، فإن الزكاة لا تكون واجبة عليه حتى يسدد ديونه. ففي حال كان المال محاطًا بديون مستحقة، تُخصم قيمة الديون المستحقة من إجمالي المال الذي بلغ النصاب، ومن ثم يتم إخراج الزكاة عن المبلغ المتبقي.

التفسير الشرعي:
الديون هي من العوامل التي يمكن أن تؤثر في واجب الزكاة، حيث أن الشخص الذي عليه ديون يجب عليه سدادها قبل أن يؤدي الزكاة.

6. أن يكون المال قابلًا للنمو والزيادة

من شروط وجوب الزكاة أن يكون المال قابلًا للنمو والزيادة. فعلى سبيل المثال، الأموال التي تكون في شكل استثمار أو تجارة تكون خاضعة للزكاة طالما كانت قابلة للنمو. أما المال الذي يتم تجميده أو لم يكن في حالة قابلة للزيادة، فلا يجب إخراج الزكاة عنه.

التفسير الشرعي:
الأموال المستثمرة أو التجارة التي من المتوقع أن تحقق زيادة أو نمو في قيمتها في المستقبل هي الأموال التي تخرج عنها الزكاة.

7. نوع المال الذي تجب فيه الزكاة

الزكاة تجب في عدة أنواع من المال. المال الذي يعفى من الزكاة هو المال الذي لا يحقق نموًا أو الذي لا يتوافر فيه النصاب مثل المال المدخر في البيت بغير استثمار. أما الأموال التي تخرج فيها الزكاة فهي تشمل:

• الأموال النقدية: سواء كانت ذهبًا أو فضة أو ما يعادلهما في العملة الحديثة.

• السلع التجارية: إذا كان الشخص يتاجر بها.

• المعادن: مثل الذهب والفضة.

• الأنعام (الإبل، البقر، الغنم): في حالة امتلاكها للغرض الزراعي أو التجاري.

8. أن تكون النية موجودة لإخراج الزكاة

من شروط الزكاة أن تكون النية موجودة عند دفع الزكاة. أي يجب على الشخص الذي يؤدي الزكاة أن ينوي أنه يقوم بإخراج الزكاة وليس مجرد صدقة عادية. النية هي شرط أساسي في جميع أنواع العبادة، ومنها الزكاة.

التفسير الشرعي:
النية في الزكاة يجب أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى، وهي ما تميز الزكاة عن الصدقة العادية.

9. زكاة المال في المال المتعدد

في بعض الحالات، قد يمتلك الشخص عدة أنواع من المال التي تخضع للزكاة. في هذه الحالة، يجب حساب الزكاة عن كل نوع من المال بشكل منفصل إذا كانت الأموال متاحة بشكل فردي، وفي بعض الحالات إذا كانت هذه الأموال مدمجة مع بعضها البعض، فيمكن دمج القيمة المجموعية للمال.

التفسير الشرعي:
إذا كان الشخص يمتلك نوعين من المال (مثل المال النقدي والعقار التجاري)، فيجب عليه حساب الزكاة لكل نوع على حدة.

حساب الزكاة:

بعد التأكد من توافر جميع الشروط، يتم حساب الزكاة وفقًا للمعدل الشرعي المقرر وهو 2.5% من قيمة المال الذي بلغ النصاب، بشرط أن يكون قد مر عليه الحول. يُستثنى من ذلك بعض الحالات التي قد تشمل مكاسب تجارية أو أموال استثمارية ذات أفق طويل المدى.

مثال:
إذا كان الشخص يملك مبلغًا نقديًا قدره 100,000 دولار، ومر عليه عام هجري كامل، فعليه إخراج 2.5% من هذا المبلغ، أي 2,500 دولار.

خاتمة

شروط زكاة المال هي مجموعة من الأحكام التي تهدف إلى ضمان تنفيذ فريضة الزكاة بشكل دقيق وفقًا لما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية. ومن خلال تحقيق هذه الشروط، يستطيع المسلم أن يؤدي هذه الفريضة بطريقة صحيحة ويسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية ومساعدة المحتاجين.