سنن المولود الجديد في الإسلام

سنن المولود الجديد في الإسلام: أهمية الطهارة والرحمة

تعد سنن المولود الجديد من المواضيع التي تهم الأسر المسلمة، فهي تلامس لحظات من أهم لحظات الحياة البشرية، لحظة قدوم الطفل إلى هذا العالم. ويرتبط هذا الحدث بعادات وتقاليد دينية جاءت من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والتي تهدف إلى توفير بيئة مباركة وطاهرة للطفل منذ لحظاته الأولى في الحياة. ومن خلال هذه السنن، يمكن للأبوين أن يعبروا عن شكرهم لله على نعمة المولود، وكذلك يضمنوا أن المولود سيبدأ حياته في إطار من البركة والطهارة، وفقاً لتعاليم الدين الإسلامي.

أولاً: آداب التسمية

من أولى السنن التي يجب أن يلتزم بها المسلمون عند ولادة المولود هي التسمية، حيث يجب على الوالدين اختيار اسم حسن للطفل. وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم” (رواه أبو داود). ولذلك، فإن اختيار اسم ذو معنى حسن ويعبر عن القيم الدينية والثقافية يُعدّ أمراً مهماً. ومن المستحب أيضاً أن يتم تسمية المولود في اليوم السابع من ولادته، وفي حالة تأخر التسمية إلى ما بعد اليوم السابع، فإنه يمكن اختيار الاسم في أي وقت قبل أن يبلغ الطفل.

كما يُستحب تسمية المولود بأسماء الأنبياء والصحابة، أو أسماء ذات معاني حميدة تدل على الخير والبركة، مثل: محمد، أحمد، عائشة، فاطمة، وغيرهم من الأسماء المشهورة في التاريخ الإسلامي.

ثانياً: تحنيك المولود

تحنيك المولود من السنن التي أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: “من كان له ولد فليحنكه”. والتحنيك يعني وضع شيء من التمر أو الحلاوة في فم المولود، ويتم ذلك عن طريق مسح أسنان المولود بشيء حلو، مما يساهم في تحسين صحته وتهيئة فمه للرضاعة الطبيعية. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضع التمر في فم المولود، وإذا لم يتوفر التمر يمكن استبداله بشيء آخر مثل العسل أو السكر.

ثالثاً: الأذان في أذن المولود

يعد الأذان في أذن المولود من السنن الثابتة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا وُلد لأحدكم ولد فليؤذن في أذنه اليمنى، وليقم في اليسرى” (رواه الترمذي). وهذه السنة تهدف إلى أن يسمع المولود كلمات الله تعالى عند أول لحظة يفتح فيها أذنه للعالم الخارجي. وهو بمثابة أول ذكر لله يدخل في حياة الطفل، ويُعتبر تعبيراً عن رغبة الوالدين في أن يكون المولود من أهل الإيمان والطاعة منذ اللحظات الأولى.

رابعاً: العقيقة

من السنن المؤكدة في الإسلام العقيقة، وهي ذبح شاة أو أكثر عن المولود، وذلك في اليوم السابع من ولادته. وقد ورد في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه” (رواه الترمذي). العقيقة تعتبر وسيلة لرفع البلاء عن الطفل وتكون بمثابة هدية يُقدّمها الوالدان لله تعالى شكرًا على هذه النعمة.

يُفضل أن تُذبح عن المولود شاتان إذا كان المولود ذكراً، وشاة واحدة إذا كان المولود أنثى. كما يُستحب أن تُوزع لحوم العقيقة على الفقراء والمحتاجين، أو تقديمها للأهل والأصدقاء.

خامساً: حلق رأس المولود

يعد حلق رأس المولود من السنن التي حث عليها النبي صلى الله عليه وسلم. فقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم سابعه، ويحلق رأسه ويختن” (رواه الترمذي). ومن المستحب أن يتم حلق رأس المولود في اليوم السابع من ولادته، حيث يتم قص الشعر ووضع وزنه في صدقة للفقراء.

سادساً: الختان

الختان من السنن التي يتبعها المسلمون، سواء في المولود الذكر أو الأنثى (حيث تختلف في الأنثى بين الثقافات الإسلامية). ويُعد الختان في الذكور من سنن الفطرة التي وردت في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم: “الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط” (رواه البخاري). الختان يُعد من الطهارة الشخصية، حيث يُعزز النظافة الشخصية ويحمي من الأمراض.

سابعاً: الرضاعة الطبيعية

الرضاعة الطبيعية من أهم السنن التي يجب أن يلتزم بها الوالدان لضمان صحة المولود. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “المرضع يلقن الطفل في صدره” (رواه مسلم)، ما يعني أن الرضاعة ليست مجرد إشباع للطفل، بل هي عملية تربوية وروحية تعزز العلاقة بين الأم وطفلها. وفي الإسلام، يُفضل أن تكون الرضاعة الطبيعية لمدة عامين كاملين، كما هو مذكور في القرآن الكريم: “والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين” (البقرة: 233).

ثامناً: المحافظة على النظافة

من أولى مبادئ العناية بالمولود هو الحفاظ على نظافته الشخصية. فالنظافة الطهارة جزء من إيمان المسلم، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بحسن العناية بالأطفال، خاصة في أيامهم الأولى. من المستحب الاهتمام بنظافة الطفل بعد الولادة، من خلال تنظيف جسده وتغيير الحفاضات بانتظام.

تاسعاً: عدم الإفراط في تدليل المولود

على الرغم من أن الإسلام يُشجع على الرحمة والشفقة تجاه الأطفال، إلا أن هناك توازناً يجب أن يتم بين الرحمة والتعليم. فقد روى الإمام البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “أحبوا أولادكم وأحسنوا إليهم”. لذلك، يجب على الأبوين أن يكونوا حذرين في تدليل المولود وعدم إفراطهم في ذلك حتى لا يتم تعويد الطفل على الكسل أو الضعف.

عاشراً: الدعاء للمولود

من السنن المستحبة في الإسلام الدعاء للمولود بالبركة والصحة والعافية. كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو للمولود ببركة من الله ويطلب له الخير والتوفيق في حياته. ومن الأدعية المشهورة التي يمكن الدعاء بها للمولود: “اللهم اجعل له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً”.

الختام

إن سنن المولود الجديد التي وردت في السنة النبوية الشريفة ليست مجرد طقوس وعادات، بل هي أسس تربوية وحياتية تهدف إلى توفير بيئة دينية وصحية للمولود، مما يساهم في تربية جيل متوازن يقيم على تقوى الله والاهتمام بالصحة والطهارة.