سنن عيد الأضحى للمُضحّي

عيد الأضحى هو أحد أعظم الشعائر الإسلامية التي يتقرب بها المسلمون إلى الله تعالى، ويأتي في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة ليخلّد ذكرى طاعة سيدنا إبراهيم عليه السلام لأمر ربه واستعداده للتضحية بابنه إسماعيل عليه السلام. يحتفل المسلمون بهذا العيد من خلال أداء صلاة العيد وذبح الأضاحي التي تعبّر عن الامتثال لأوامر الله والتقرب إليه بالنسك. للمُضحّي في عيد الأضحى سنن وآداب ينبغي الحرص عليها؛ إذ أن الالتزام بها يجلب الأجر العظيم ويكمل شعائر هذا اليوم المبارك.

تعريف عيد الأضحى

عيد الأضحى هو العيد الثاني للمسلمين بعد عيد الفطر، ويُطلق عليه أيضًا “عيد النحر”، ويُحتفل به لمدة أربعة أيام، تبدأ من يوم العاشر من ذي الحجة حتى نهاية أيام التشريق (اليوم الثالث عشر من ذي الحجة). يتميز هذا العيد بإقامة شعيرة الأضحية التي تُذبح تقربًا إلى الله تعالى، وهي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فضل عيد الأضحى

لعيد الأضحى مكانة عظيمة في الإسلام، فهو يوم ذكر وشكر وعبادة، كما قال الله تعالى:

﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: 34].

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: “ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله من إراقة دم” رواه الترمذي.

هذا يدل على أن الأضحية شعيرة عظيمة يتقرب بها العبد إلى ربه، وإراقة الدم في هذا اليوم له منزلة رفيعة في الإسلام.

سنن عيد الأضحى الخاصة بالمُضحّي

للمُضحّي في عيد الأضحى العديد من السنن التي يستحب له الالتزام بها لإحياء هذه الشعيرة العظيمة على الوجه الأكمل، ومن أبرز هذه السنن:

1. الإمساك عن حلق الشعر وقص الأظافر

من السنن المؤكدة للمُضحّي أن يمسك عن حلق شعره أو تقليم أظافره أو أخذ شيء من جلده منذ بداية دخول شهر ذي الحجة وحتى يذبح أضحيته. وقد ورد في الحديث الشريف: “إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئًا” رواه مسلم.

هذا الإمساك يعد تشبهاً بالمحرمين في الحج من حيث ترك الأخذ من الشعر والظفر، وهو نوع من المشاركة الروحية في شعائر الحج.

2. الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد

التكبير من السنن العظيمة التي ينبغي للمسلم المحافظة عليها في عيد الأضحى، وله نوعان:

• التكبير المطلق: يبدأ من دخول شهر ذي الحجة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق.

• التكبير المقيد: يبدأ بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، ويكون بعد الصلوات المفروضة.

قال تعالى: ﴿وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ﴾ [الحج: 28]، وقد فسّرها جمهور العلماء بأنها أيام العشر الأوائل من ذي الحجة.

3. صلاة العيد

من السنن المؤكدة أداء صلاة العيد جماعة في المصلى أو المسجد، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث على خروج الرجال والنساء، حتى الحيض منهن، لحضور صلاة العيد.

صلاة العيد تسبق الأضحية، ومن السنة الاستماع لخطبة العيد التي تلي الصلاة والتي تحث على شكر الله وإقامة شعائر هذا اليوم المبارك.

4. ذبح الأضحية بعد الصلاة

من السنن أن يذبح المُضحّي أضحيته بعد صلاة العيد، ولا تصح الأضحية إذا ذُبحت قبل الصلاة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله، وليس من النسك في شيء” رواه البخاري.

الأفضل أن يذبح المُضحّي أضحيته بيده إن كان يحسن الذبح، وإن لم يستطع فليشهدها على الأقل، ويقول عند الذبح: “بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك”.

5. تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أجزاء

من السنة أن يتم تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أقسام:

• ثلث للأكل.

• ثلث للهدية.

• ثلث للصدقة.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل من أضحيته ويُهدي ويتصدق”.

6. الاغتسال والتطيب ولبس أجمل الثياب

من السنن المؤكدة في يوم العيد أن يغتسل المسلم ويتطيب ويلبس أجمل ثيابه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم العيد قبل أن يخرج إلى المصلى” رواه الحاكم.

لبس الثياب الجميلة والتطيب يوم العيد من مظاهر الفرح والتعظيم لهذا اليوم المبارك.

7. الذهاب إلى المصلى من طريق والعودة من آخر

كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يذهب إلى صلاة العيد من طريق ويعود من طريق آخر، لما في ذلك من إظهار شعائر الإسلام وتحية الناس في كلا الطريقين.

8. الأكل بعد صلاة العيد للمُضحّي

من السنة أن لا يأكل المُضحّي شيئاً يوم العيد حتى يرجع من الصلاة ويأكل من أضحيته. وفي المقابل، في عيد الفطر يستحب أن يأكل المسلم تمرات قبل الصلاة.

9. حسن التعامل مع الذبيحة

من مكارم الأخلاق التي أوصى بها الإسلام أن يُحسن المسلم إلى الذبيحة عند ذبحها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِبحة، وليُحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته” رواه مسلم.

هذا يشمل أن تكون الآلة حادة وأن يُعجل بالذبح لئلا يتعذب الحيوان.

10. التوسعة على الأهل والعيال

يُستحب للمُضحّي أن يُوسع على أهله في عيد الأضحى بالطعام والشراب والهدايا، فهذا من معاني العيد في الإسلام، حيث يكون يوم فرح وسرور للأهل والأبناء.

11. إحياء أيام التشريق بالذكر والعبادة

أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي تلي يوم العيد، وفيها تكتمل شعائر عيد الأضحى. من السنة أن يكثر المسلم من ذكر الله فيها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله” رواه مسلم.

الذكر يشمل التكبير المطلق بعد الصلوات وفي جميع الأحوال.

12. تقديم الأضحية عن النفس وأهل البيت

يجوز للمُضحّي أن ينوي أضحيته عن نفسه وعن أهل بيته جميعًا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بكبش عن نفسه وآل بيته، ولم يكن يذبح لكل واحد أضحية مستقلة.

13. إهداء جزء من الأضحية للفقراء

يُستحب أن يُهدي المُضحّي جزءًا من أضحيته للفقراء والمساكين حتى يشارك الجميع في بهجة العيد ويعم الخير على كافة أفراد المجتمع.

14. اتباع هدي النبي في ذبح الأضاحي

كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يضحي بكبشين أملحين أقرنين، ويُستحب أن تكون الأضحية سمينة وجيدة وخالية من العيوب. وهذا من تعظيم شعائر الله: ﴿ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].

جدول سنن عيد الأضحى للمُضحّي

الخلاصة

الالتزام بسنن عيد الأضحى للمُضحّي يُعد من مظاهر تعظيم شعائر الله التي يحبها ويرضاها، ويُجسّد صورة عملية للطاعة والانقياد لأوامر الله. ومن خلال هذه السنن يظهر أثر العيد على المسلم في سلوكه وعبادته وتعامله مع مجتمعه. فالعيد ليس مجرد ذبح للأضاحي بل هو موسم للطاعة والتقرب إلى الله بالقول والعمل، وتأكيد على قيم التضامن الاجتماعي والإحسان للفقراء والمساكين.

المراجع

• صحيح مسلم

• تفسير ابن كثير