سرطان الغدة الدرقية: الأسباب والعلاج

سرطان الغدة الدرقية: الأسباب، التشخيص، والعلاج

مقدمة

سرطان الغدة الدرقية هو نوع من السرطان الذي يصيب الغدة الدرقية، وهي غدة صغيرة تقع في الجزء الأمامي من العنق وتتحكم في العديد من وظائف الجسم عبر إفراز الهرمونات التي تؤثر على عملية الأيض. على الرغم من أن سرطان الغدة الدرقية يعد من أنواع السرطانات النادرة مقارنة بأنواع أخرى، إلا أن معدلات الإصابة به قد شهدت ارتفاعاً في السنوات الأخيرة. تتنوع أعراضه بشكل كبير حسب نوع الورم ومرحلته، ويمكن أن يكون العلاج فعالاً إذا تم تشخيصه في مراحل مبكرة. في هذا المقال، سنتناول التفاصيل المتعلقة بسرطان الغدة الدرقية، بدءاً من أسبابه وأعراضه إلى طرق التشخيص والعلاج المختلفة.

1. تعريف سرطان الغدة الدرقية

سرطان الغدة الدرقية هو نمو غير طبيعي للخلايا داخل الغدة الدرقية، وهو أمر نادر نسبياً ولكن قد يكون مدمراً إذا لم يتم تشخيصه ومعالجته في وقت مبكر. تحتوي الغدة الدرقية على خلايا مختلفة، ومن ثم يمكن أن يتكون السرطان من خلايا متعددة. تنقسم الأنواع الرئيسية لسرطان الغدة الدرقية إلى أربع فئات رئيسية بناءً على نوع الخلايا التي تنشأ منها الأورام.

2. أنواع سرطان الغدة الدرقية

1. السرطان الجريبي (Papillary thyroid cancer):

   • يعتبر النوع الأكثر شيوعاً من سرطان الغدة الدرقية، حيث يشكل حوالي 80% من الحالات. ينشأ عادةً في الخلايا التي تصنع هرمونات الغدة الدرقية. يتميز هذا النوع بأنه ينتشر ببطء، وفي الغالب يمكن علاجه بنجاح كبير، خاصة إذا تم تشخيصه في مرحلة مبكرة.

2. السرطان الجريبي (Follicular thyroid cancer):

   • يشكل حوالي 10% من حالات سرطان الغدة الدرقية. ينشأ في الخلايا الجريبية التي تقوم بإنتاج هرمونات الغدة الدرقية. يمكن أن ينتشر هذا النوع إلى أجزاء أخرى من الجسم مثل الرئتين والعظام. يعالج هذا النوع بشكل مشابه للسرطان الجريبي.

3. سرطان الغدة الدرقية المداري (Medullary thyroid cancer):

   • يمثل حوالي 5% من حالات سرطان الغدة الدرقية. ينشأ هذا السرطان في خلايا تسمى خلايا “C” التي تنتج هرمون الكالسيتونين. هذا النوع من السرطان أكثر ندرة وأصعب في العلاج من الأنواع الأخرى.

4. سرطان الغدة الدرقية الأنبوبي (Anaplastic thyroid cancer):

   • يعتبر هذا النوع هو الأقل شيوعاً والأكثر عدوانية. يمثل حوالي 2% من الحالات. ينتشر بسرعة وقد يكون من الصعب علاجه بسبب قوته الانتشارية. يحتاج المرضى المصابون بهذا النوع من السرطان إلى علاجات أكثر تعقيداً وأحياناً لا تكون فرص العلاج فعالة.

3. أسباب سرطان الغدة الدرقية

على الرغم من أن السبب الدقيق وراء الإصابة بسرطان الغدة الدرقية غير معروف، هناك عدد من العوامل التي قد تساهم في حدوثه. تشمل العوامل الرئيسية:

• التاريخ العائلي: الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي من الإصابة بسرطان الغدة الدرقية قد يكونون أكثر عرضة للإصابة به.

• الإشعاع: التعرض للإشعاع في منطقة الرأس والعنق قد يزيد من خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية. يعتبر هذا العامل من الأسباب التي تؤدي إلى حدوث السرطان، خاصة إذا تم التعرض له في مرحلة الطفولة.

• العمر والجنس: سرطان الغدة الدرقية أكثر شيوعاً بين النساء، خاصة في سن الشباب إلى منتصف العمر. بينما يُعد الرجال أقل عرضة للإصابة به.

• الأمراض الوراثية: بعض الأمراض الوراثية مثل متلازمة “نيمان بيك” ومتلازمة “ريت” قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية.

4. الأعراض

أعراض سرطان الغدة الدرقية قد تكون غير واضحة في المراحل المبكرة. ومع تقدم المرض، قد تظهر أعراض واضحة تشير إلى الإصابة. من أبرز الأعراض التي قد تظهر على المصابين بسرطان الغدة الدرقية:

• تورم في الرقبة: يعد وجود كتلة غير مؤلمة في الرقبة من أكثر الأعراض شيوعاً.

• صعوبة في البلع أو التنفس: يمكن أن يؤدي الورم في الغدة الدرقية إلى ضغط على الحنجرة أو المريء، مما يسبب صعوبة في البلع أو التنفس.

• آلام في الحنجرة أو في الرقبة: ألم مستمر في منطقة الرقبة أو الحنجرة.

• تغيرات في الصوت: مثل بحة الصوت أو صعوبة في التحدث.

• فقدان الوزن غير المبرر: وهو عرض شائع في حالات السرطان بشكل عام.

• التعب والإرهاق: قد يشعر المريض بالتعب العام الذي لا يزول.

5. التشخيص

يتم تشخيص سرطان الغدة الدرقية عادة من خلال مجموعة من الفحوصات والاختبارات الطبية:

1. الفحص البدني: يبدأ الطبيب عادةً بفحص الرقبة للتحقق من وجود أي تورمات أو كتلة.

2. الموجات فوق الصوتية: يستخدم هذا الاختبار لتصوير الغدة الدرقية وتحديد ما إذا كان هناك أي ورم.

3. الاختبارات الدموية: يتم قياس مستويات الهرمونات الدرقية مثل هرمون TSH وT3 وT4.

4. الخزعة بالإبرة (Fine needle aspiration biopsy): يتم فيها أخذ عينة من الكتلة الموجودة في الغدة الدرقية لفحصها تحت المجهر.

5. التصوير المقطعي (CT) أو الرنين المغناطيسي (MRI): يمكن استخدام هذه الفحوصات لتحديد مدى انتشار السرطان إلى الأنسجة الأخرى.

6. التصوير بالطب النووي: يساعد في تحديد إذا ما كان السرطان قد انتشر إلى مناطق أخرى من الجسم.

6. العلاج

تختلف خيارات العلاج حسب نوع السرطان ومرحلته ومدى انتشاره. تشمل العلاجات الرئيسية:

1. الجراحة: غالباً ما تكون الجراحة هي الخيار الأول لعلاج سرطان الغدة الدرقية. يتم خلال الجراحة إزالة الغدة الدرقية جزئياً أو كلياً.

   • إزالة الغدة الدرقية (استئصال الغدة الدرقية): في حالات معينة، يتم استئصال الغدة الدرقية بالكامل إذا كانت السرطان قد انتشر فيها.

   • استئصال العقد اللمفاوية: في حال وجود خلايا سرطانية في العقد اللمفاوية، قد يحتاج المريض إلى إزالة هذه العقد.

2. العلاج باليود المشع: يستخدم العلاج باليود المشع بعد الجراحة للحد من فرص عودة السرطان. يتم إعطاء المريض مادة مشعة تحتوي على اليود-131، الذي يستهدف خلايا الغدة الدرقية المتبقية أو أي خلايا سرطانية قد تكون موجودة في أماكن أخرى من الجسم.

3. العلاج الإشعاعي: في بعض الحالات، قد يتم استخدام العلاج الإشعاعي لمساعدة الجسم على التخلص من الخلايا السرطانية المتبقية.

4. العلاج الكيميائي: على الرغم من أن العلاج الكيميائي ليس شائعاً لعلاج سرطان الغدة الدرقية، إلا أنه قد يُستخدم في الحالات المتقدمة أو في حالة السرطان الأنبوبي.

5. العلاج الهرموني: بعد الجراحة، قد يحتاج المريض إلى تناول أدوية هرمونية لتحفيز الغدة الدرقية أو لمنع نمو الخلايا السرطانية.

6. المراقبة المستمرة: بعد العلاج، يحتاج المرضى إلى متابعة طبية مستمرة لتقييم حالتهم والبحث عن أي علامات على عودة السرطان.

7. التوقعات المستقبلية

تعتبر التوقعات المستقبلية للمصابين بسرطان الغدة الدرقية بشكل عام جيدة، خصوصاً إذا تم اكتشاف المرض في مراحله المبكرة. تعود نسبة البقاء على قيد الحياة للمرضى الذين يعانون من هذا النوع من السرطان إلى حوالي 98% في حالات السرطان الجريبي والأنواع الأقل عدوانية.

8. الوقاية

لا توجد طريقة مؤكدة للوقاية من سرطان الغدة الدرقية، ولكن هناك بعض الخطوات التي قد تساعد في تقليل المخاطر:

• الابتعاد عن التعرض للإشعاع: الحد من التعرض للإشعاع، خاصة في منطقة الرأس والعنق، يمكن أن يقلل من خطر الإصابة.

• إجراء الفحوصات المنتظمة: في حالة وجود تاريخ عائلي من السرطان أو أعراض مشابهة، قد يساعد الكشف المبكر في تحديد المرض في مراحله الأولى.

• اتباع نمط حياة صحي: النظام الغذائي المتوازن، والتمارين الرياضية، والتقليل من التوتر قد يسهم في تعزيز صحة الغدة الدرقية.

9. الخاتمة

سرطان الغدة الدرقية هو مرض يمكن علاجه بنجاح في معظم الحالات إذا تم تشخيصه في وقت مبكر. بالرغم من أن الأورام الغدة الدرقية قد تتنوع في خطورتها وسرعة انتشارها، إلا