سرطان الدم عند الأطفال: الأسباب والعلاج

الأطفال أكثر تعرضاً لسرطان الدم: الأسباب والعوامل المؤثرة

سرطان الدم هو أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً في مرحلة الطفولة، حيث يصيب الأطفال بنسبة أعلى مقارنة بالبالغين. وعلى الرغم من أن الأسباب الدقيقة لهذا المرض لا تزال غامضة إلى حد ما، إلا أن هناك العديد من العوامل التي تساهم في زيادة خطر الإصابة به. يمكن تقسيم هذا المقال إلى مجموعة من النقاط التي تشرح ما هو سرطان الدم، وسبب تعرض الأطفال له بشكل أكبر، إضافة إلى أهم العوامل المسببة والمحتملة لهذا المرض في مرحلة الطفولة.

ما هو سرطان الدم؟

سرطان الدم هو نوع من السرطان الذي يبدأ في الأنسجة المسؤولة عن تكوين الدم، مثل نخاع العظام والغدد الليمفاوية. يتسبب هذا السرطان في تكاثر غير طبيعي لخلايا الدم البيضاء، ما يؤدي إلى تعطيل وظيفة الدم بشكل عام. هناك نوعان رئيسيان من سرطان الدم: اللوكيميا (Leukemia) واللمفوما (Lymphoma).

اللوكيميا هي النوع الأكثر شيوعاً في الأطفال، وهي تعني “سرطان الدم الأبيض”، حيث تتكاثر خلايا الدم البيضاء بشكل غير طبيعي. يمكن أن تتسبب هذه الخلايا السرطانية في فشل إنتاج خلايا الدم السليمة، ما يؤدي إلى فقر الدم، وارتفاع خطر العدوى، ونزيف غير مبرر.

لماذا الأطفال أكثر عرضة للإصابة بسرطان الدم؟

1. النمو السريع والتغيرات الخلوية

خلايا الدم في أجسام الأطفال تتكاثر بشكل أسرع مقارنة بالبالغين بسبب النمو المستمر للأطفال. هذه الزيادة في الانقسامات الخلوية توفر فرصاً أكبر للخلايا غير الطبيعية لتتطور إلى خلايا سرطانية. في هذه المرحلة من الحياة، تكون خلايا الدم في طور النمو والتكاثر بشكل مكثف، ما يعزز احتمالات حدوث طفرات جينية قد تؤدي إلى الإصابة بسرطان الدم.

2. الحساسية للمواد الكيميائية والعوامل البيئية

الأطفال يكونون أكثر عرضة للمواد الكيميائية السامة والمبيدات الحشرية التي قد تسبب تغييرات في الحمض النووي للخلايا. الفترات الطويلة من التعرض لهذه المواد، مثل المواد الكيميائية الموجودة في الهواء أو التلوث الصناعي، تزيد من احتمال حدوث الطفرات التي قد تؤدي إلى السرطان. بالإضافة إلى ذلك، تعتبر البيئة المنزلية والمدارس والمناطق السكنية التي تحتوي على مستويات مرتفعة من المواد السامة بيئة محفزة لتطوير الأمراض السرطانية.

3. العوامل الوراثية

على الرغم من أن معظم حالات سرطان الدم ليست وراثية، فإن بعض الأطفال يكونون عرضة للإصابة بسبب عوامل وراثية. بعض الطفرات الجينية يمكن أن تنتقل عبر الأجيال، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان. علاوة على ذلك، بعض الاضطرابات الوراثية مثل متلازمة داون تزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم.

4. ضعف الجهاز المناعي

يعد الجهاز المناعي أحد الدفاعات الأساسية للجسم ضد الأمراض المختلفة، بما في ذلك السرطان. الأطفال الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة يكونون أكثر عرضة للإصابة بسرطان الدم. قد يكون هذا الضعف بسبب أمراض مناعية، أو نتيجة للعلاج الكيميائي لمرض آخر، أو حتى بسبب نقص في التغذية السليمة التي تدعم صحة الجهاز المناعي.

5. التأثيرات الناتجة عن العلاج الطبي

الأطفال الذين يتلقون علاجات طبية معينة، مثل العلاج الكيميائي لعلاج السرطان، قد يكونون عرضة للإصابة بأنواع جديدة من السرطان. العلاج الكيميائي يمكن أن يتسبب في طفرات جينية تؤدي إلى نشوء خلايا سرطانية جديدة، مما يعزز من خطر الإصابة بسرطان الدم في المستقبل.

الأعراض الشائعة لسرطان الدم في الأطفال

هناك مجموعة من الأعراض التي قد تشير إلى احتمال إصابة الطفل بسرطان الدم، على الرغم من أن هذه الأعراض يمكن أن تتشابه مع أعراض العديد من الأمراض الأخرى. من بين الأعراض الأكثر شيوعاً:

1. الأنيميا أو فقر الدم: قد يظهر الطفل علامات تعب شديد، شحوب في البشرة، وضيق في التنفس نتيجة نقص كريات الدم الحمراء.

2. العدوى المتكررة: مع تدمير خلايا الدم البيضاء السليمة، يصبح الجسم أكثر عرضة للعدوى، ما يؤدي إلى إصابة الطفل بأمراض متكررة.

3. النزيف أو الكدمات غير المبررة: نقص الصفائح الدموية في الدم يؤدي إلى صعوبة في تجلط الدم، مما يعرض الطفل للنزيف بسهولة.

4. الحمى: ارتفاع درجة الحرارة لفترات طويلة بدون سبب واضح.

5. تورم الغدد الليمفاوية والكبد والطحال: يمكن أن يسبب سرطان الدم تورمًا في الغدد الليمفاوية أو في الأعضاء الداخلية.

6. ألم في العظام أو المفاصل: قد يشعر الطفل بألم في العظام أو المفاصل نتيجة لتأثر النخاع العظمي بالخلايا السرطانية.

العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم في الأطفال

1. التعرض للإشعاع: يمكن أن يؤدي التعرض للإشعاع (مثل الأشعة السينية أو العلاج الإشعاعي) إلى حدوث طفرات جينية تؤدي إلى سرطان الدم.

2. الإصابة بفيروسات معينة: هناك بعض الفيروسات التي يمكن أن تؤثر على الخلايا وتزيد من احتمال الإصابة بسرطان الدم، مثل فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) وفيروسات أخرى.

3. الإصابة بأمراض الدم الوراثية: مثل مرض فقر الدم المنجلي أو الثلاسيميا التي تزيد من خطر الإصابة بأنواع معينة من سرطان الدم.

الوقاية والتشخيص المبكر

على الرغم من أن سرطان الدم ليس دائماً قابلًا للوقاية منه، إلا أن بعض التدابير الوقائية قد تساعد في تقليل خطر الإصابة به. في المجمل، الوقاية تكون في تقليل التعرض للعوامل المسببة للسرطان، مثل المواد الكيميائية الضارة والتلوث البيئي.

من الأهمية بمكان تشخيص سرطان الدم في مراحله المبكرة، حيث يكون العلاج أكثر فعالية. الفحص الدوري للأطفال المعرضين لخطر الإصابة يمكن أن يساعد في اكتشاف المرض مبكرًا، مما يزيد من فرص الشفاء.

علاج سرطان الدم عند الأطفال

يعد علاج سرطان الدم في الأطفال أحد أكثر المجالات الطبية تقدمًا. يشمل العلاج عادةً مجموعة من الخيارات مثل:

1. العلاج الكيميائي: والذي يعد العلاج الأساسي لسرطان الدم في الأطفال. يهدف إلى قتل الخلايا السرطانية عن طريق مواد كيميائية قوية.

2. زراعة نخاع العظام: في الحالات التي لا تنجح فيها العلاجات الأخرى، قد يكون زراعة نخاع العظام خيارًا لعلاج سرطان الدم.

3. العلاج الإشعاعي: قد يستخدم في بعض الحالات لتدمير الخلايا السرطانية أو تقليص الأورام.

التوقعات المستقبلية لمرضى سرطان الدم من الأطفال

بفضل التطورات الحديثة في العلاج، زادت نسب الشفاء من سرطان الدم لدى الأطفال بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. وعلى الرغم من أن التحديات لا تزال قائمة، إلا أن الأبحاث المستمرة في مجال الجينات والعلاج المناعي قد تساهم في تحسين طرق العلاج وتقليل الأعراض الجانبية.

في الختام، يُعد سرطان الدم أحد أبرز المخاطر التي تهدد صحة الأطفال. ومع ذلك، فإن التقدم في التشخيص والعلاج يجعل من الممكن السيطرة على المرض وتوفير فرص كبيرة للشفاء.