سرطان الدم عند الأطفال: الأسباب والعلاج

سرطان الدم عند الأطفال: كل ما تود معرفته

سرطان الدم هو أحد أكثر أنواع السرطان شيوعًا لدى الأطفال. يتميز هذا المرض بنمو غير طبيعي للخلايا الدموية في نخاع العظام والدم، مما يؤدي إلى إنتاج خلايا دموية غير ناضجة أو غير وظيفية. سرطان الدم، الذي يُعرف أيضًا باسم “لوكيميا”، يمكن أن يؤثر بشكل كبير على حياة الطفل إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه في الوقت المناسب. على الرغم من تطور العلاجات والتقنيات الحديثة، إلا أن اللوكيميا لا تزال تمثل تحديًا كبيرًا في مجال الرعاية الصحية للأطفال. في هذا المقال، سنغطي كل ما يتعلق بسرطان الدم عند الأطفال من حيث الأنواع، الأعراض، الأسباب، طرق التشخيص، العلاج، والتوقعات المستقبلية.

1. أنواع سرطان الدم عند الأطفال

يتم تصنيف سرطان الدم إلى نوعين رئيسيين بناءً على نوع الخلايا المتأثرة: اللوكيميا الليمفاوية الحادة (ALL) واللوكيميا النقوية الحادة (AML). هناك أيضًا بعض الأنواع النادرة الأخرى، مثل اللوكيميا المزمنة، ولكن النوعين المذكورين هما الأكثر شيوعًا في الأطفال.

1.1 اللوكيميا الليمفاوية الحادة (ALL)

اللوكيميا الليمفاوية الحادة هي أكثر الأنواع شيوعًا لدى الأطفال. تمثل حوالي 75% من جميع حالات سرطان الدم عند الأطفال. تؤثر هذه الحالة على الخلايا الليمفاوية، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء التي تلعب دورًا مهمًا في جهاز المناعة. في حالة ALL، تتكاثر الخلايا الليمفاوية بشكل غير طبيعي في نخاع العظام، مما يعيق إنتاج خلايا الدم السليمة.

1.2 اللوكيميا النقوية الحادة (AML)

اللوكيميا النقوية الحادة هي نوع آخر من سرطان الدم الذي يصيب الأطفال، لكنه أقل شيوعًا مقارنة بـ ALL. يؤثر هذا النوع على الخلايا النقوية، التي هي خلايا دم غير ناضجة توجد في نخاع العظام. تتكاثر هذه الخلايا بشكل غير طبيعي مما يؤدي إلى قلة عدد خلايا الدم السليمة.

1.3 الأنواع الأخرى

تشمل الأنواع النادرة مثل اللوكيميا المزمنة التي تصيب البالغين بشكل أكبر، لكن يمكن أن تحدث أيضًا في بعض الحالات النادرة للأطفال. وفي بعض الحالات، قد تكون هناك خلايا الدم البيضاء غير ناضجة موجودة في الدم، مما يجعل التشخيص والعلاج أكثر تعقيدًا.

2. أعراض سرطان الدم عند الأطفال

تظهر أعراض سرطان الدم في الأطفال بشكل تدريجي، وقد تكون مشابهة لأعراض أمراض أخرى، مما يجعل من الصعب تشخيص المرض في البداية. من أبرز الأعراض التي قد يعاني منها الطفل:

• التعب والإرهاق الشديد: نتيجة لانخفاض عدد خلايا الدم السليمة.

• شحوب الجلد: بسبب قلة خلايا الدم الحمراء المسؤولة عن نقل الأوكسجين.

• الحمى المتكررة: نتيجة لضعف جهاز المناعة.

• ألم في العظام والمفاصل: بسبب تراكم الخلايا السرطانية في النخاع العظمي.

• النزيف والكدمات السهلة: بسبب انخفاض عدد الصفائح الدموية.

• تورم في الغدد الليمفاوية: قد تظهر الغدد الليمفاوية في الرقبة أو الإبطين أو البطن منتفخة.

• فقدان الوزن غير المبرر وفقدان الشهية.

• تكرار العدوى: نظرًا لانخفاض قدرة الجسم على محاربة الميكروبات.

من المهم أن يتم استشارة الطبيب في حال ظهور أي من هذه الأعراض لتحديد السبب بدقة.

3. أسباب سرطان الدم عند الأطفال

رغم أن السبب الدقيق لسرطان الدم غير معروف بالكامل، إلا أن هناك بعض العوامل التي قد تزيد من خطر الإصابة بسرطان الدم عند الأطفال:

3.1 العوامل الوراثية

تشير الدراسات إلى أن بعض الحالات الوراثية قد تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الدم. على سبيل المثال، الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون لديهم خطر أعلى للإصابة باللوكيميا مقارنة بالأطفال الآخرين.

3.2 العوامل البيئية

التعرض لبعض المواد الكيميائية أو الإشعاعية قد يزيد من خطر الإصابة باللوكيميا. مثلًا، الأطفال الذين تعرضوا للإشعاع بسبب علاج السرطان قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بسرطان الدم. كما أن التعرض للمواد الكيميائية السامة، مثل البنزين، قد يرتبط بزيادة خطر الإصابة باللوكيميا.

3.3 العوامل المناعية

بعض الأطفال الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة بسبب أمراض معينة أو أدوية مثبطة للمناعة قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بسرطان الدم.

4. تشخيص سرطان الدم عند الأطفال

يتم تشخيص سرطان الدم عند الأطفال من خلال مجموعة من الفحوصات والاختبارات الطبية، وتشمل:

4.1 الفحص السريري

يبدأ التشخيص عادة بفحص سريري شامل، حيث يقوم الطبيب بتقييم الأعراض والتاريخ الطبي للطفل. قد يكون من الضروري أن يتوجه الطفل إلى مختص في أمراض الدم للأطفال (أطباء الدم والأورام).

4.2 الفحوصات المخبرية

تشمل الفحوصات المخبرية التي يمكن أن تساهم في تشخيص سرطان الدم عند الأطفال ما يلي:

• تحليل الدم: يكشف هذا التحليل عن وجود خلايا دموية غير طبيعية، مثل خلايا الدم البيضاء غير الناضجة أو الخلايا السرطانية.

• اختبار نخاع العظم: يعد هذا الفحص من الاختبارات الرئيسية لتشخيص سرطان الدم. يتم أخذ عينة من نخاع العظم لاختبار وجود الخلايا السرطانية.

• الفحوصات الجينية: يمكن استخدام الاختبارات الجينية لفحص التغيرات الوراثية التي قد تكون مسؤولة عن السرطان.

4.3 التصوير الطبي

قد يلجأ الأطباء أيضًا إلى استخدام تقنيات التصوير مثل الأشعة السينية أو الأشعة المقطعية (CT) أو الرنين المغناطيسي (MRI) لتقييم مدى انتشار المرض في الجسم.

5. علاج سرطان الدم عند الأطفال

يختلف علاج سرطان الدم عند الأطفال حسب نوع المرض وحالة الطفل الصحية. من أبرز طرق العلاج:

5.1 العلاج الكيميائي

يعد العلاج الكيميائي من أكثر العلاجات شيوعًا في معالجة سرطان الدم. يعتمد على استخدام أدوية قوية لقتل الخلايا السرطانية أو إيقاف نموها. يمكن أن يتم العلاج الكيميائي في المستشفى أو في العيادات الخارجية، وفقًا لجدول زمني محدد.

5.2 العلاج الإشعاعي

في بعض الحالات، قد يكون العلاج الإشعاعي جزءًا من خطة العلاج. يتم استخدام الإشعاع لقتل الخلايا السرطانية أو لتقليص الأورام.

5.3 زراعة نخاع العظم (أو الخلايا الجذعية)

في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاج الكيميائي، قد تكون زراعة نخاع العظم (أو زراعة الخلايا الجذعية) هي الخيار العلاجي. يشمل هذا العلاج استبدال نخاع العظم المريض بنخاع عظم صحي من متبرع.

5.4 العلاج المناعي

يشمل العلاج المناعي استخدام الأدوية التي تحفز جهاز المناعة لمهاجمة الخلايا السرطانية. هذا النوع من العلاج يعد من العلاجات الحديثة التي قد تكون مفيدة لبعض الأطفال المصابين بسرطان الدم.

6. التوقعات المستقبلية للأطفال المصابين بسرطان الدم

على الرغم من أن التشخيص الأولي بسرطان الدم يمكن أن يكون مقلقًا للغاية، إلا أن التقدم الكبير في العلاجات قد أدى إلى تحسين التوقعات بشكل كبير. تعتبر نسبة الشفاء للأطفال المصابين باللوكيميا الليمفاوية الحادة (ALL) مرتفعة، حيث يمكن للأطفال الذين يتلقون العلاج المناسب أن يعيشوا حياة طبيعية بعد العلاج.

ومع ذلك، يبقى العلاج المبكر والمتابعة الدقيقة أساسيين لتحقيق أفضل النتائج. قد يواجه الأطفال الذين يتلقون العلاج آثارًا جانبية على المدى الطويل، مثل التأثيرات على النمو أو الوظائف المناعية، مما يتطلب مراقبة مستمرة.

7. الخاتمة

سرطان الدم عند الأطفال يمثل تحديًا كبيرًا، لكنه ليس حكمًا بالإعدام. مع تقدم الأبحاث الطبية وتطور العلاجات، أصبحت نسبة الشفاء أفضل من أي وقت مضى. على الرغم من أن التشخيص المبكر والعلاج السريع أساسيان لضمان أفضل فرص للشفاء، إلا أن الدعم النفسي والعاطفي للأسرة والطفل له دور محوري في عملية التعافي.