سرطان الثدي: الأنواع والعلاج

سرطان الثدي: الأنواع، الأسباب، العوامل المؤثرة، وطرق الوقاية والعلاج

سرطان الثدي هو واحد من أكثر أنواع السرطان شيوعًا في العالم، ويعد السبب الرئيسي الثاني للوفاة بين النساء بعد سرطان الرئة. على الرغم من أنه يمكن أن يصيب الرجال أيضًا، إلا أن النساء هن الأكثر عرضة للإصابة به. يشير مصطلح “سرطان الثدي” إلى النمو غير الطبيعي للخلايا في أنسجة الثدي، والتي قد تشكل أورامًا سرطانية قد تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم. يتطور سرطان الثدي عندما تنمو الخلايا غير الطبيعية في أنسجة الثدي بشكل غير منضبط. تتنوع أنماط سرطان الثدي من حيث نوع الورم، المكان الذي ينشأ منه، ومدى انتشاره. في هذا المقال، سيتم استعراض مختلف جوانب سرطان الثدي، بما في ذلك الأسباب والعوامل المؤثرة، الأعراض، تشخيص المرض، والعلاج المتاح.

1. أنواع سرطان الثدي

تختلف أنواع سرطان الثدي بناءً على نوع الخلايا التي ينشأ منها الورم، ويمكن تصنيفها إلى أنواع رئيسية:

1.1 السرطان القنوي (Ductal carcinoma)

يعتبر السرطان القنوي هو النوع الأكثر شيوعًا من سرطان الثدي، حيث يبدأ في الخلايا التي تبطن القنوات الحليبية في الثدي. يُعرف هذا النوع أحيانًا بـ “سرطان القنوات القريبة” أو “سرطان القنوات الحليمي”، ويُعتبر أكثر الأنواع قابلية للعلاج عند اكتشافه في المراحل المبكرة.

1.2 السرطان الغدي (Lobular carcinoma)

يبدأ هذا النوع في الخلايا المنتجة للحليب داخل الفصوص أو الأجزاء المسؤولة عن إفراز الحليب في الثدي. يُعد السرطان الغدي نوعًا أقل شيوعًا من السرطان القنوي، لكنه يمكن أن ينتشر في مرحلة متقدمة ليؤثر على الأنسجة المجاورة.

1.3 السرطان الثلاثي السلبية (Triple-negative breast cancer)

هذا النوع هو الأكثر صعوبة في العلاج، حيث يكون الورم غير حساس لبعض العلاجات الهرمونية والعلاج المناعي، ويتميز بعدم وجود مستقبلات الهرمونات الأنثوية أو مستقبلات HER2. يُصنف سرطان الثدي الثلاثي السلبية كنوع عدواني من السرطان، ويحتاج إلى علاج مكثف مثل العلاج الكيميائي.

1.4 سرطان الثدي الإيجابي HER2

يتميز هذا النوع بوجود زيادة في عدد مستقبلات HER2 على سطح الخلايا السرطانية، مما يجعل الورم ينمو بسرعة أكبر. على الرغم من أن هذا النوع من السرطان أكثر عدوانية من بعض الأنواع الأخرى، إلا أنه يمكن علاجه بشكل فعال باستخدام الأدوية المستهدفة التي تعمل على إعاقة تأثيرات HER2.

2. أسباب وعوامل خطر سرطان الثدي

يعد سرطان الثدي مرضًا متعدد العوامل، حيث تلعب العوامل الجينية والبيئية دورًا مهمًا في تطوره.

2.1 العوامل الوراثية

تساهم الجينات الوراثية بشكل كبير في زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي. يعتبر وجود تاريخ عائلي من الإصابة بسرطان الثدي من أهم عوامل الخطر. كما أن الطفرات الجينية في جينات BRCA1 وBRCA2 تعتبر من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بسرطان الثدي. إذ تزيد هذه الطفرات من احتمال الإصابة بسرطان الثدي بنسبة كبيرة، حيث يُقدر أن النساء اللاتي يحملن طفرة في جين BRCA1 أو BRCA2 لديهن خطر مرتفع بنسبة تصل إلى 70% للإصابة بسرطان الثدي خلال حياتهن.

2.2 العوامل الهرمونية

تلعب الهرمونات الأنثوية، مثل الإستروجين والبروجستيرون، دورًا في تحفيز نمو الأورام السرطانية في الثدي. النساء اللاتي خضعن لعدة دورات شهرية منذ سن مبكرة (أي قبل سن 12) أو اللاتي وصلن إلى سن اليأس متأخرًا قد يكون لديهن خطر أكبر للإصابة بالمرض. كما أن النساء اللاتي تناولن العلاجات الهرمونية لفترات طويلة بعد انقطاع الطمث قد يكن أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي.

2.3 العمر

يعد العمر عاملًا مهمًا في زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، حيث تزداد احتمالية الإصابة بالمرض مع تقدم العمر. يزداد خطر الإصابة بشكل ملحوظ لدى النساء في سن 50 عامًا أو أكثر.

2.4 العوامل البيئية ونمط الحياة

يلعب نمط الحياة دورًا في الوقاية من سرطان الثدي. تناول الطعام غير الصحي، وقلة النشاط البدني، وزيادة الوزن تعتبر من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة. كذلك، يؤدي شرب الكحول والتدخين إلى زيادة احتمالية الإصابة بسرطان الثدي، حيث تؤدي هذه العوامل إلى حدوث تغييرات في الخلايا داخل الثدي.

3. أعراض سرطان الثدي

تختلف أعراض سرطان الثدي حسب نوع الورم ومدى تقدمه. من الأعراض الشائعة التي قد تشير إلى وجود سرطان الثدي:

• ظهور كتلة أو ورم في الثدي أو تحت الإبط.

• تغير في شكل الثدي أو حجمه.

• ألم في الثدي أو حلمة.

• إفرازات غير طبيعية من الحلمة.

• تغيرات في لون الجلد أو انتفاخه.

من الضروري أن تكون النساء على دراية بأجسامهن وأن يتنبهن لأي تغييرات قد تطرأ على الثدي، خاصة إذا كانت تترافق مع ألم أو تضخم.

4. تشخيص سرطان الثدي

يتم تشخيص سرطان الثدي من خلال عدة فحوصات طبية، ويمكن أن تشمل:

4.1 الفحص الذاتي للثدي

يُعد الفحص الذاتي للثدي أداة مهمة للكشف المبكر عن أي تغييرات غير طبيعية في الثدي. يُنصح النساء بإجراء هذا الفحص شهريًا بعد سن 20 عامًا.

4.2 mammogram (التصوير الشعاعي للثدي)

يعد التصوير الشعاعي للثدي من أكثر الطرق شيوعًا لاكتشاف السرطان في مراحله المبكرة. يُوصى به سنويًا للنساء في سن 40 عامًا وما فوق، أو في سن مبكر إذا كان هناك تاريخ عائلي من الإصابة بالمرض.

4.3 الخزعة (Biopsy)

إذا كان هناك شك في وجود ورم، يتم إجراء خزعة، حيث يتم أخذ عينة من الخلايا لفحصها تحت المجهر. يساعد هذا الفحص في تأكيد ما إذا كان الورم حميدًا أو خبيثًا.

4.4 التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)

يمكن أن يُستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي لتحديد حجم الورم وموقعه، وخاصة إذا كانت الأشعة السينية غير كافية لتحديد التشخيص.

5. علاج سرطان الثدي

تختلف طرق العلاج حسب نوع السرطان ومرحلته، ويمكن أن تشمل الخيارات التالية:

5.1 الجراحة

تعتبر الجراحة واحدة من أبرز طرق علاج سرطان الثدي، حيث يتم إزالة الورم السرطاني أو الثدي بالكامل في بعض الحالات. يمكن أن تكون الجراحة استئصالًا جزئيًا (إزالة الورم فقط) أو استئصالًا كاملاً (إزالة الثدي بالكامل).

5.2 العلاج الكيميائي

يُستخدم العلاج الكيميائي لتدمير الخلايا السرطانية التي قد تكون انتشرت إلى أجزاء أخرى من الجسم. يمكن أن يتم استخدامه بعد الجراحة للحد من فرص عودة السرطان.

5.3 العلاج الهرموني

إذا كان سرطان الثدي حساسًا للهرمونات، فإن العلاج الهرموني يمكن أن يكون فعالًا في تقليل خطر عودة السرطان. يتم استخدام أدوية مثل التاموكسيفين أو مثبطات الأروماتاز لتقليل تأثيرات الإستروجين.

5.4 العلاج الموجه

يستخدم العلاج الموجه الأدوية لاستهداف الخلايا السرطانية بشكل دقيق، مع الحد من التأثيرات الجانبية على الخلايا السليمة.

5.5 العلاج الإشعاعي

يُستخدم العلاج الإشعاعي لتدمير الخلايا السرطانية المتبقية في المنطقة التي تم فيها استئصال الورم. يتم تطبيق العلاج الإشعاعي على المنطقة التي تم فيها الجراحة.

6. الوقاية من سرطان الثدي

على الرغم من أنه لا يمكن تجنب الإصابة بسرطان الثدي بشكل كامل، هناك بعض التدابير التي يمكن أن تقلل من خطر الإصابة به:

• الحفاظ على وزن صحي.

• ممارسة النشاط البدني بشكل منتظم.

• تناول الأطعمة الصحية التي تحتوي على العناصر الغذائية الضرورية.

• الحد من تناول الكحول والتدخين.

• إجراء الفحوصات الدورية للكشف المبكر.

في الختام، يمثل سرطان الثدي أحد التحديات الصحية الكبرى التي تواجه النساء في العالم، ولكن مع الفحص المبكر والتشخيص السريع، يمكن تقليل المخاطر بشكل كبير. تتعدد طرق العلاج التي تعتمد على نوع السرطان ومرحلته، وتظل الوقاية من خلال نمط الحياة الصحي والفحوصات المنتظمة من أهم الوسائل لمكافحة هذا المرض.