في رواية “ساحل بوهيميا” للكاتب نيكولاس فريلينج، نُقلنا إلى عالم خيالي حيث لا يوجد محيط في بوهيميا، بل تتسم هذه الأرض بالجبال والبحيرات، وتظل فيها أرواح الغضب تحتفظ بذكريات الأمم والأرواح المحطمة. تاركة وراءها منظرًا من الذنب والإنكار. وفي هذا السياق، يكتشف كاستانج، الشرطي الفرنسي السابق الذي يعمل الآن في أحد دوائر البيروقراطية الأوروبية، أن ساحل بوهيميا هو مكان حيث المستحيل يصبح واقعًا، وحيث تتحول الأكاذيب إلى حقائق، وحيث سيجد الإجابات عن لغز مؤلم.
تتلاقى حياة كاستانج وزوجته الكاتالونية فيرا مع نداء امرأة ثرية، مدام روجيه، التي اختفى ابنها قبل أربع سنوات، والآن تلقت اتصالًا، وتعلم بدون شك أن الصوت الذي تسمعه من الطرف الآخر للخط ينتمي إلى ابنها. إنها متأكدة من ذلك، حتى وإن قالت لها الشرطة إنه غير ممكن، حتى وإن قيل لها إنه لا يمكن فعل أي شيء. يتجاوز كاستانج هذا الكلام ويميل إلى الاعتقاد بها، ويتيح لحاسة الاستنتاج الخاصة به كشرطي أن تتولى الأمور.
بينما يكتشف أن والدة المرأة هو رجل سابق من الجيش النازي أنجب طفلًا في ألمانيا، يكون واثقًا من أن هذا الارتباط يرتبط بفقدان الطفل. يخرج كاستانج وفيرا من أوروبا الحديثة إلى العالم القديم، إلى غابات صنوبر بوهيميا وشوارع براغ. وعندما يطرحون أسئلتهم، يتلقون تحذيرًا واضحًا وعنيفًا بالابتعاد. فجأة، يقودهم حال اختفاء الصبي إلى مرورهم من خلال بروكسل وشمالًا إلى كوبنهاجن.
كاستانج، الذي يحمل أسراره الخاصة، أصبح اللاعب الأساسي في لقاء عائلي غريب – حيث تكون روابط الدم ملوثة بذكريات الموت. وفي هذا السياق، تظهر الرواية كمحطة معقدة للكشف عن ألغاز العائلة والماضي الملتوي، مما يخلق صورة فريدة وقيمة تدعو القارئ إلى استكشاف أغوار الرواية بفضول وتأمل. يمزج فريلينج ببراعة بين العناصر الرومانسية والبوليسية في قالب درامي يجمع بين الواقع والخيال بشكل مثير وملهم.