“زوجة المدرب: مذكرات” بقلم تيريزا جودوين فلفس
تعتبر مذكرات “زوجة المدرب” لتيريزا جودوين فلفس، التي نشرتها دار النشر W W Norton & Co Inc في يناير 1994، نافذة فريدة على عالم الرياضة الجامعية، ولا سيما على عالم كرة السلة في كلية نوتردام. هذا الكتاب يقدم رؤية شاملة ومؤثرة حول عالم الرياضة الجامعية، ويتميز بأسلوبه الذي يجمع بين الحميمية والدقة في السرد، مما يجعله مميزًا بالمقارنة مع أعمال أخرى مثل “الطريق من كوراين” لجيل كير كونواي و”موسم على الحافة” لجون فاينشتاين.
تأخذنا تيريزا فلفس إلى قلب عالم كرة السلة في جامعة نوتردام، حيث كانت زوجة المدرب دجر فلفس، المدرب الأسطوري الذي قاد فريق كرة السلة في نوتردام إلى النجاح الباهر. على مدار عشرين عامًا من قيادة فلفس للفريق، تمكن من تحقيق ما يقارب 400 انتصار، وكان أحد أبرز إنجازاته هو معدل التخرج الكامل بنسبة 100% لجميع اللاعبين. هذا الرقم يعكس تفاني نوتردام في التأكيد على أهمية التعليم بجانب الرياضة، وهي فلسفة ترسخت تحت قيادة الرئيس الأسبق ثيودور هيسبورغ.
تقدم تيريزا فلفس في كتابها رؤية غير معتادة للمجتمع الأكاديمي والرياضي في نوتردام، حيث تركز على الأبعاد الأخرى التي لا تلتقطها الأضواء. تتجاوز الكتابة هنا الوصف البسيط للحياة في كواليس الرياضة، لتكشف عن الجوانب الإنسانية والعاطفية التي عاشتها أسرة فلفس خلال سنواتهم في نوتردام. تُعرّفنا على التحديات التي واجهتهم، والنجاحات التي حققوها، واللحظات الصعبة التي شكلت تجربتهم.
بجانب دورها كزوجة مدرب، تجد تيريزا نفسها في صميم الحياة الأكاديمية، حيث أتمت دراستها في نوتردام، وحصلت على ثلاث درجات علمية، لتصبح أول امرأة “تريبل دومر” في تاريخ الجامعة. هذا النجاح الأكاديمي يعكس التزامها العميق بفلسفة نوتردام، ويظهر كيف أن التعليم يمكن أن يكون جزءًا متكاملًا من حياة الشخص، بعيدًا عن الأضواء التي تحيط بالرياضة.
يمثل الكتاب أيضًا شهادة على كيفية تغير البيئة الرياضية في نوتردام بعد تقاعد الأب الروحي للجامعة، الأب هيسبورغ. حيث بدأت تأثيرات تغييرات الإدارة الجديدة في إحداث تغييرات سلبية في برنامج كرة السلة، مما أدى إلى تراجع الدعم الأكاديمي للرياضيين، وأثر بشكل سلبي على موقع دجر فلفس كأحد أبرز المدربين في البلاد. تحت الإدارة الجديدة، بدأت البيئة الداعمة في الجامعة تتحول إلى بيئة معادية بشكل متزايد، مما زاد من تعقيد الأمور بالنسبة لتيريزا ودجر.
في النهاية، يقدم “زوجة المدرب” سردًا عاطفيًا وصادقًا لحياة أسرة فلفس، وللتحديات التي واجهوها في محاولة للحفاظ على المبادئ التي كانوا يؤمنون بها. الكتاب هو شهادة على العلاقة العميقة بين الحياة الأكاديمية والحياة الرياضية، وعلى قوة الإيمان بالمبادئ في مواجهة الضغوط والتحديات. من خلال أسلوبها الجذاب والذكي، تقدم تيريزا فلفس قراءة مؤثرة وملهمة لكيفية أن يكون المرء جزءًا من عالم الرياضة والجامعة بنفس الوقت، وكيف يمكن أن تصمد القيم والمبادئ في وجه التحديات.