في عام 1856، في الحادي والعشرين من شهر أغسطس، وفي تمام الساعة الواحدة والخمس وأربعين دقيقة مساءً بالتوقيت المحلي، اهتزت أرض الجزائر وسواحلها الشمالية الشرقية بزلزال قوي أثر على حوض البحر الأبيض المتوسط، وتحديدًا في ساحل البحر الأبيض المتوسط على مقربة من شمال شرق الجزائر. وقد سبق الزلزال بومضة من الضوء تشابه برق الصيف.
خلال الزلزال، ارتفعت البحر فجأة إلى ارتفاع كبير وفي لحظة فاضت على جميع الشواطئ بقوة بحيث تمزقت سلاسل مراسي العديد من السفن بفعل القوة الهائلة للمياه العاتية. تأثير هذا الحدث لم يقتصر على الجزائر فقط، بل امتد لمسافات بعيدة حيث شعر به الناس في مناطق مختلفة بنصف قطر يبلغ حوالي 700 كيلومتر، حيث وصلت مدى الاهتزازات إلى نيس أيضًا.
وفي تقرير آخر يعود لنفس اليوم والتاريخ، وتحديدًا في الساعة الحادية عشرة وخمسين دقيقة بتوقيت عالمي موحد، وعلى بعد حوالي 300 كيلومتر شرق الجزائر، وبالقرب من مدينة جيجل، شهدت منطقة البحر الأبيض المتوسط هزة أرضية قوية. بلغت مدة الهزة حوالي 40 ثانية، وشعر بها أيضًا في البحر من قبل سفينة تدعى “تارتار” على بعد 15 ميلاً من الساحل.
تراجعت البحر ثم عادت فجأة مسببة فيضانًا على سواحل جيجل. وفي مينورقا، في جزر الباليار، كسرت العديد من القوارب خطوطها. هذه الحوادث تعتبر جزءًا من سلسلة أحداث زلزالية وتسونامية مأساوية تاريخية، تُسجل لتظل ذاكرة تلك الأوقات الصعبة والمأساوية التي شهدتها تلك المناطق، وتُظهر لنا عظمة قوى الطبيعة وتأثيرها المدمر على حياة البشر وممتلكاتهم.